الالتفاف على الضغوط: كيف تتلاعب الحوثيون بالقرارات الأممية؟
مناورة جديدة تنفذها مليشيات الحوثي عبر استحداث إدارة للمنظمات الدولية والمحلية تتبع شكليا الخارجية، في محاولة للهروب من الضغوط الأممية.
وقالت مصادر أمنية إن مليشيات الحوثي أسست إدارة في وزارة الخارجية بحكومتها غير المعترف بها دوليا، لإدارة المنظمات الدولية والمحلية.
-
استراتيجية ردع الحوثي: خطوة حاسمة نحو إنهاء الميليشيات الانقلابية
-
الحوثيون لا يملكون قرارهم.. وإيران تقصف وتنسب إليهم… مسؤول كبير يكشف الخفايا
وحسب المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها لحساسية الملف، فقد تم تشكيل الإدارة الأمنية لتكون تابعة لجهاز ما يسمى “جهاز الأمن والمخابرات” بشكل عملي، بينما تتبع شكليا وزير خارجية الحوثي المعين حديثا وكان سابقا مستشارا إعلاميا لزعيم المليشيات.
ولفتت المصادر إلى أن هذه الخطوة “محاولة للهروب من الضغط الدولي على مليشيات الحوثي لإلغاء الكيان المليشياوي الذي شكلته، للإشراف على عمل المنظمات وتحويل النشاط الإنساني إلى مصدر لتمويل العمليات الحربية”.
-
هذا ما خلفته الحرب الشيطانية في الجنوب اليمني بقيادة الإخوان والحوثيين
-
تحذيرات من نشطاء: الحوثيون يجعلون اليمن مسرحاً للصراعات الإيرانية
الأكثر من ذلك، أفادت المصادر بأن ما يسمى “جهاز الأمن والمخابرات” رفض طلبا لوزير خارجية الحوثي جمال عامر، بتعيين 3 ممثلين له في الإدارة الأمنية الجديدة، كونها عملا أمنيا يقع خارج اختصاص الخارجية.
إلغاء “سكمشا”
وكانت مليشيات الحوثي الانقلابية أبلغت الأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، إلغاءها ما يُسمى بـ”المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي” المعروف اختصاراً بـ “سكمشا”.
وأنشأت المليشيات، هذا المجلس مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019، وترأسه القيادي الحوثي إبراهيم الحملي، ليتولى الاشراف على عمل المنظمات الأممية والدولية العاملة بمناطق سيطرتهم، وإصدار التصاريح لأنشطتها وتحركات موظفيها.
-
جنوب اليمن: آثار الحرب المدمرة التي تقودها الإخوان وميليشيات الحوثي
-
استراتيجية ردع الحوثي: خطوة حاسمة نحو إنهاء الميليشيات الانقلابية
وبمرور الوقت، تحول المجلس إلى التحكم التام بعمل المنظمات والتدخل في تفاصيل المشاريع المنفذة. كما يٌتهم رئيس المجلس بالوقوف خلف حملة الاعتقالات الواسعة التي شنها الحوثيون بحق العشرات من موظفي المنظمات الأممية والدولية منذ مطلع يونيو/ حزيران الماضي.
“قواعد حاكمة”
ومع استمرار رفض مليشيات الحوثي، الإفراج عن موظفي المنظمات والوكالات الأممية، أعلنت الأمم المتحدة أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، تعليق جميع أنشطتها غير المنقذة للحياة في مناطق سيطرة الانقلابيين، في خطوة لاقت تأييد الحكومة اليمنية وممثلين عن الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والسويد وفرنسا وهولندا.
-
إخوان اليمن يختبئون خلف الأحزاب بذريعة الحوثي: محاولة للهروب من الأزمة
-
محلل يمني: الانتصارات في الجنوب تشير إلى تحول في مسار الحرب ضد الحوثي
ما دفع الحوثي لإلغاء المجلس، ونقل صلاحياته إلى وزارة الخارجية بحكومته غير المعترف بها، مع التلويح باستمرار التضييق على عمل المنظمات الأممية والدولية، وفق ما جاء في الخطاب الصادر عن الانقلابيين والذي حددوا فيه ما أسموه بـ”القواعد الحاكمة” لعمل منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرتها.
وتضمنت هذه القواعد التزام المنظمات “بما نص عليه الدستور اليمني وعلى وجه الخصوص المادة الثالثة منه التي تنص على أن الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات”، وكذا “احترام قواعد السلوك وخصوصية المجتمع اليمني وعاداته وتقاليده”.
واعتبر مراقبون، أن هذه الاشتراطات إطار واسع لإجراءات حوثية تهدف لمواصلة تقييد عمل المنظمات تحت شعارات متطرفة باسم خصوصية المجتمع وديانته.
-
الحوثيون يستحضرون روح القاضي الرقعة: مذبحة للقضاة وبناء حرس عقائدي جديد
-
الإرهاب كصناعة للإخوان والحوثي.. اليمنيون يتفاعلون مع المجازر الكبرى في الجنوب
نداءات استهجان
وتواصلت النداءات الأممية المستهجنة لسياسة القمع الحوثي ضد موظفيها المختطفين، واستخدام المليشيات ورقة القضاء للحصول على مكاسب سياسية.
آخر تلك النداءات، البيان المشترك الصادر السبت، عن مديري برامج ومنظمات أممية ودولية. حول قيام الحوثي بإحالة عدد من موظفي المنظمات الأممية والدولية المختطفين إلى نيابة أمن الدولة التابعة للمليشيات، بينهم اثنان من منظمة “يونسكو”. وثالث من مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، كانوا قد اعتقلوا عامي 2021 و2023.
وقال رؤساء المنظمات المتأثرة التابعة للأمم المتحدة وأخرى دولية. إن هذه الخطوة جاءت في الوقت الذي كانوا يأملون فيه إطلاق سراحهم. معتبرين أن توجيه اتهامات محتملة ضد المختطفين أمر غير مقبول.
-
تحذيرات يمنية: تجنيد الحوثي للأطفال يصل إلى مرحلة جديدة وخطيرة
-
محلل يمني: الحوثيون يرتكبون انتهاكات ضد المساجد في صنعاء ومدن أخرى
وأعرب البيان عن «مخاوف جدية بشأن سلامة وأمن الموظفين وأسرهم بعد الإجراء الحوثي الذي سيعيق بشكل أكبر قدرة المنظمات الأممية والدولية على الوصول إلى ملايين الناس في اليمن الذين هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية. الأمر الذي ينعكس سلبًا على سلامتهم ووضعهم».
وجددوا الدعوة للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي وكالات الأمم المتحدة. والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية، ومنظمات المجتمع المدني. والبعثات الدبلوماسية المحتجزين بصورة تعسفية في اليمن من قبل سلطات الأمر الواقع (مليشيات الحوثي).
كما طالبوا بإيقاف استهداف العاملين في المجال الإنساني في اليمن. بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، والتخويف، وسوء المعاملة، والادعاءات الباطلة. والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين.
-
محاولة لتحسين صورتهم: الحوثيون يدّعون إسقاط طائرة أمريكية
-
الحوثيون ومنشأة صافر: أهداف خبيثة وراء تصعيد الميليشيات
حملة اعتقالات
وبدأ ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أوسع حملات الاختطافات ضد موظفي المنظمات المحلية والدولية والأممية في يونيو/حزيران الماضي. إذ زج بالعشرات منهم، بينهم 13 موظفا أمميا في معتقله الكائن في السبعين بصنعاء.
وبحسب مراقبين، فإن التصعيد الحوثي باسم القضاء يأتي دليلا على رفض المليشيات لدعوة المبعوث الأممي لدى اليمن هانس غروندبرغ في جلسة لمجلس الأمن. حول ضرورة «وقف الحوثيين للاعتقالات التعسفية الإضافية».
وكان الوسيط الدولي حثّ الحوثيين على «الإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة مختطفي موظفي الأمم المتحدة، وأعضاء المجتمع المدني. وموظفي البعثات الدبلوماسية، والعاملين في القطاع الخاص. وأفراد من الأقليات الدينية». مؤكدا أن «استمرار اختطافهم يؤثر سلباً على الجهود الإنسانية الضرورية لليمنيين».