الإمارات غدت مركزاً إعلامياً عالمياً
دأبت دولة الإمارات العربية المتحدة على احتضان اجتماعات المنتدى الإعلامي العربي كل عام في مدينة دبي.
انطلاقاً من رؤيتها الاستراتيجية لأهمية الإعلام كسلاح فعّال في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
ولمواكبتها للتطورات التقنية والمعلوماتية التي تنسجم مع مواقفها القومية وإيمانها الراسخ بتنوير الرأي العام العربي الذي يتطلع إلى تطوير إعلامه بوسائطه المختلفة، وقد غدا أحد موضوعات الساعة عالمياً ومظهراً من مظاهر التطور الخلاق ولا يمكن لوسائل الإعلام أن تكون بمنأى عن المجتمعات البشرية، فهي تعيش واقعها وتواكب تطوراتها، وبالتالي تمنح تلك المجتمعات من مصداقية الحدث ما يغني الرأي العام بالمعلومات الصحيحة والحقائق الراسخة.
وفي ختام فعاليات الدورة التاسعة عشرة لمنتدى الإعلام العربي افتراضياً برعاية وحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وما طُرح فيه من أفكار بنّاءة للنهوض بإعلامنا العربي ثمة ملاحظات يمكن إبانتها، ومن أبرزها:
أولاً: لقد قطعت دولة الإمارات العربية أشواطاً واسعة بتكنولوجيات المعلومات وبتقنيات وسائل الإعلام، وتمكنت مؤسساتها الإعلامية من رصد الواقع العربي بكل أمانة ومسؤولية وتخفيف حدة الأزمات العربية، وفي العديد من دول القارة الأفريقية، ما جعلها رائدة الإعلام العربي إقليمياً ودولياً.
وفي نجاح جديد لدبي، اختيرت المدينة لتكون مقراً دائماً للجنة العربية للإعلام الإلكتروني، من خلال مؤسسة وطني الإمارات، وذلك بعد إعلان جامعة الدول العربية عن اختيار دبي عاصمة للإعلام العربي لعام 2020م، وجاء الاختيار وفقاً لمعايير مهنية ومفاهيم إعلامية متميزة عموماً والإلكتروني خصوصاً، وللاهتمام بعرض الحقائق وتبيان المواقف والدفاع عن الحقوق العربية، وغدت بالتالي مركزاً إعلامياً عالمياً.
وافتتحت يوم 15 يونيو/حزيران 2020م أكاديمية الإعلام الجديد، وتعد المؤسسة الأكاديمية الأولى من نوعها في المنطقة، “وأشار الشيخ محمد بن راشد إلى دورها في تأهيل خبراء ومديري التواصل في المؤسسات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى إعداد مؤثري تواصل جدد بشكل احترافي، والإعلام الجديد يوفر اليوم فرصاً وظيفية ومسارات مهنية، ويعد داعماً أساسياً لمسيرة التنمية”.
وتستهدف الأكاديمية تعزيز مهارات المنتسبين لبرامجها المتنوعة المبنية على أسس علمية وعملية مدروسة وفقاً لأفضل الممارسات العالمية؛ بهدف تخريج أفراد مؤثرين ومبدعين مؤهلين لقيادة قطاع الإعلام والمحتوى الرقمي سريع النمو إقليمياً وعالمياً، وبدأت الأكاديمية مسيرتها التعليمية رسمياً في 7 يوليو/تموز 2020م بمجموعة مختارة من البرامج التعليمية وبنظام التعليم عن بُعد الذي يوفر الوقت والجهد على المنتسبين للأكاديمية، خصوصاً من الموظفين أو غير المتفرغين، وكذلك يتيح الفرصة أمام الراغبين من خارج دولة الإمارات في الانتساب للأكاديمية والاستفادة من برامجها التعليمية المبتكرة.
ثانياً: الإعلام العربي يتعرض إلى تحديات داخلية وخارجية، والمطلوب من مؤسساتنا الإعلامية أن تتحوّل من إعلام محلي إلى الإطار الدولي، بمعنى تحوله كلياً إلى إعلام ينتشر في الساحات العالمية بأشكال مختلفة وفي سائر دول العالم، خاصة في العواصم التي تصنع القرار، وهناك مؤسسات تكون منفعلة بالحدث لا فاعلة ومؤثرة فيه، والإعلام الفاعل عربياً يجب أن يقوم على أسس متينة، منها بنية مشتركة وكفاءة عالية، والإعلام هو من المهن التي تحتاج إلى شتى العلوم، وفهم للآخر، والقدرة على طرح المعلومة الحقيقية، وخبرات تكنولوجية، ونوايا صادقة، وخطط استراتيجية.
ثالثاً: وفي ظل الترهل البيروقراطي فإن الإعلام الحر والقضاء النزيه من أهم أدوات مكافحة الفساد، ولكن حين يصل الفساد إلى السلطتين الإعلامية والقضائية، فهنا الحديث يأتي ضرباً من العبثية، فما يجري داخل بعض المؤسسات العربية، خاصة القنوات الفنية التي تروج لقيم أخلاقية منحطة تسيء للذوق العام وترسخ ثقافة الفساد والاستهلاك واللامبالاة والشعور بالعجز.
وتفاقمت تأثيراتها السلبية على أجيالنا، ناهيك عن الأغاني الهابطة التي تسمح بتمرير عبارات نابية وحوارات مخلة بالآداب العامة ذات المستوى الرديء جداً، وهناك بعض القنوات العربية تنهج سلوكاً معاكساً في تسطيح مفهوم الدين وتعمد إلى اختزاله بالمظاهر الخادعة والخارجة عن جوهر القيم الدينية حتى إنها تحرّض على التطرف وتشتيت شمل الأمة الإسلامية بخلق نعرات طائفية وخلافات بين الأفكار والديانات والعقائد المذهبية.
وتعاظمت أهمية الاتصال وشبكات المعلومات وتقنياتها الحديثة، فالمعلومات أصبحت تحيط بنا في كل مكان، ومن كل اتجاه حتى غدت طبقة كثيفة تحيط بالكرة الأرضية كالغشاء الهوائي الذي يوفر الحياة لسائر المخلوقات الحية، ولولا تقنيات الإعلام لماتت حقوق كثيرة ولما كانت هناك تلك البراعة النادرة في فضح الأساليب الشنيعة لبعض القنوات التي تحولت إلى عمليات تدميرية للقيم الإنسانية وداعمة للحركات المتطرفة في بقاع شتى من العالم، وأعطت هذه التقنيات مدى واسعاً للرأي العام، والأمر يتطلب مواجهة مساوئها بتكاتف جهود الدول المحبة للعدل والسلام.