سياسة

استرضاء أمريكي أم انبطاح اقتصادي؟ أحزاب جزائرية تهاجم السلطة


أثار القانون الجديد المتعلق بالأنشطة المنجمية جدلا واسعا في الساحة السياسية الجزائرية. فيما ذهبت بعض الأحزاب إلى حد انتقاد ما اعتبرته “تفريطا” في ثروات البلاد، من أجل استرضاء واشنطن بالتزامن مع زيارة يؤديها مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الجزائر ينتظر أن تركز على استكشاف فرص الاستثمار في عدة قطاعات.

ورفضت أحزاب من بينها حزب العمال والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وجيل جديد هذه الخطوة ووصفتها بأنها “تنازل عن السيادة” و”خصخصة صريحة” لقطاع حيوي واستراتيجي. معتبرة أن القانون يتعارض مع الدستور والمصالح الوطنية، محذرة من أنه يفتح الباب لإخراج المناجم من الملكية الجماعية للأمة.

وأشارت إلى أن هذه الإجراءات الجديدة تعيد إلى الأذهان سيناريوهات “نهب الثروات” التي شهدتها البلاد في تجارب سابقة لإلغاء التأميم، مثل ما حدث في مناجم الونزة وبوخضرة مع شركتي “ميتال ستيل” و”أرسيلور ميتال”. ومنجم أمسمسة مع الشركة الأسترالية “AMG”، لافتة إلى أنه استنزاف للموارد دون تحقيق الوعود الاستثمارية.

ويطالب بعض النواب والأحزاب بسحب القانون وإعادة عرضه على نقاش وطني موسع يشمل كافة الأطراف، بما في ذلك النقابات والباحثين والخبراء الاقتصاديين ومنظمات المجتمع المدني. لضمان صياغة تشريع يحقق المصلحة الوطنية والتوازن الحقيقي بين الحاجة للاستثمار وحماية الثروات.

ويأتي هذا القانون الجديد بعد فترة وجيزة من إشارات أرسلتها الجزائر على لسان عدد من مسؤوليها تؤكد استعدادها لتدشين صفحة جديدة في التعاون مع إدارة ترامب في العديد من القطاعات ويتصدرها قطاع المعادن، في إطار المساعي الجزائرية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية بهدف تنوقع اقتصاد البلاد المرتهن إلى النفط والغاز.

وفي المقابل، تدافع الحكومة الجزائرية عن القانون الجديد. مؤكدة أنه يهدف إلى جذب الاستثمارات، وتطوير القطاع المنجمي. الذي ظل لسنوات دون استغلال أمثل، وتنويع مصادر الدخل الوطني بعيداً عن المحروقات، مشددة على أنه يحافظ على الملكية الوطنية للثروات ويعزز القدرة التنافسية للقطاع. ويقدم حوافز معترف بها عالمياً ويبسط الإجراءات.

ويرى مراقبون أن الجزائر تراهن على تركيز إدارة ترامب على المصالح الاقتصادية والصفقات الاستثمارية من أجل تفادي غضب واشنطن. التي بعثت خلال الآونة الأخيرة برسائل تؤكد اعتزامها الضغط على الحكومة الجزائرية من أجل دفعها إلى القبول بحل سياسي في النزاع حول الصحراء المغربية، في وقت تدعم فيه الولايات المتحدة مقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة .وتعتبره الحل الأكثر وجاهة لحسم القضية. 

كما يتوجس الجانب الجزائري من تصنيف واشنطن بوليساريو، التي تدعمها وتوفر الغطاء السياسي لقادتها، “تنظيما إرهابيا”. فيما تنذر هذه الخطوة، في حال اتخاذها، بوضع الجزائر في مأزق، بالنظر إلى تداعياتها المحتملة على العلاقات مع واشنطن.

وفي سياق متصل بدأ بولس الأحد زيارة إلى الجزائر ينتظر أن يعقد خلالها مباحثات مع الرئيس عبدالمجيد تبون، ووزير الشؤون الخارجية عطاف، ووزير الطاقة والمناجم عرقاب، وفق مواقع محلية.

وقال بولس في منشور على  منصة إكس “نتطلع إلى مناقشاتنا حول التعاون التجاري والمصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والجزائر في منطقة مستقرة ومزدهرة”.

وكانت تقارير أميركية أشارت خلال الآونة الأخيرة إلى أن “إدارة ترامب تسعى لإعادة تموضع الولايات المتحدة في إفريقيا، من خلال نهج يقوم على الصفقات لا المساعدات”. وسط حديث عن تكليف بولس بمهام دبلوماسية في ملفات معقدة مثل الملف الليبي ونزاع الصحراء المغربية.

وكشفت مصادر دبلوماسية أن بولس سيؤدي زيارة إلى المغرب بعد الجزائر في إطار جهود أميركية لحسم قضية الصحراء التي تشكل إحدى أبرز تحديات السياسة الخارجية الأميركية في شمال إفريقيا، وفق موقع “الصحيفة” المغربي.

وكان بولس صرح في أبريل/نيسان، خلال مقابلة مع قناة “العربية”، أن “إدارة ترامب ملتزمة بالمساهمة في إيجاد حل نهائي لهذا النزاع الذي طال أمده”، موضحا أن “الرئيس الأميركي كان يطمح لإغلاق هذا الملف خلال ولايته الأولى، عقب إعلانه في نهاية العام 2020 عن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه”.

وأضاف، حينها، أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، شدد خلال لقائه نظيره المغربي ناصر بوريطة، على ضرورة تكثيف المساعي الأممية نحو تسوية نهائية. بينما دعا ترامب كافة الأطراف من ضمنها الجزائر إلى التسريع بحل نزاع الصحراء على أساس مبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب.

وأشارت بعض التحليلات إلى أن إدارة ترامب قد تعرض على الجزائر استثمارات هامة في قطاع الطاقة الجزائري والوصول إلى تكنولوجيات متقدمة، في حال غيرت موقفها من الصحراء المغربية، في إطا مقاربة ترامب المعروفة بـ”سياسة الصفقات” التي طبقها في مناطق مختلفة من العالم.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى