إيران وتركيا وراء تحالف حوثي إخواني في اليمن.. ما أهدافهم؟
يوماً تلو الآخر تتجلى أهداف التقارب التركي الإيراني لاستهداف المنطقة العربية من الأراضي اليمنية، وبشكل خاص المملكة العربية السعودية، الاتفاق الذي كشفت عنه مؤخراً عدة وثائق مسرّبة لاجتماعات بين الحرس الثوري الإيراني وقيادات إخوانية في اسطنبول، بدأ بالتنفيذ على نطاق واسع بالتعاون العسكري بين ميليشا الحوثي وحزب الإصلاح الإخواني فيما يمكن وصفه بأخطر مخططات ضرب الاستقرار في الشرق الأوسط.
مطلع الأسبوع الجاري تمكنت قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي من تدمير صاروخين باليستيين أطلقتهما الميليشيا الحوثية باتجاه أهداف مدنية في الرياض، تبعه إدانات دولية وحقوقية واسعة نددت باستمرار المحاولات الإيرانية في استخدام ذراعها المسلح في اليمن لضرب المملكة، ومحاولة إثارة القلاقل بالمنطقة العربية.
ووفق مراقبين، فإنّ التصعيد الإيراني المدعوم تركياً جاء في وقت تتضافر فيه جميع الجهود الدولية بالعالم لمواجهة انتشار وباء “كورونا” المستجد، يمكن اعتباره أحد أهم الدلائل على التهديد الخطير الذي يمثله تحالف الحوثي والإخوان في اليمن على أمن واستقرار المنطقة العربية.
يقول الخبير المصري سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للدراسات الأمنية والاستراتيجية، إنّ “إيران تسير على نهج أكثر عداوة فيما بعد مقتل قائد فليق القدس قاسم سليماني، بتوسيع عملياتها في الشرق الأوسط واستهداف البنية التحتية والمؤسسات الاقتصادية لعدة دول في مقدمتها السعودية، بالاعتماد على وكلائها، وأبرزهم جماعة الحوثي الإرهابية في اليمن، لتحقيق مكاسب جديدة تعوض خسارتها الفادحة والمتعاقبة”.
ووفق دراسة نشرها مركز “أبعاد للدراسات” تناولت توقعات السياسة الإيرانية ما بعد مقتل سليماني فإنّ طهران تحاول، في الوقت الحالي، “تعزيز نفوذها في العراق ولبنان وسوريا واليمن وتعتبر ذلك تعزيزاً لخطوطها الأمامية في مواجهة الولايات المتحدة”.
وأكد راغب، في حديث لـ”حفريات”، أنّ “التحالف التركي الإيراني الذي تم مؤخراً بهدف تحقيق المصالح المشتركة، ويمثله على الأراضي اليمنية جماعة الحوثي الإرهابية وحزب الإصلاح الإخواني، سيلقي بظلاله على طبيعة العمليات التي ستنفذها إيران بالمنطقة”، مشدداً على أهمية الاستعداد لذلك بتطوير النظم الدفاعية والجوية للتعامل مع أي هجمات واردة.
تحالف الكراهية
بنهاية العام 2019 نشر موقع “The Intercept” الأمريكي وثائق سرية مسربة للاستخبارات الإيرانية تضمنت معلومات عن استضافة تركيا لاجتماع بين الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان المسلمين للعمل ضد السعودية.
وأوضحت الوثائق المسربة، وفق ما نشره موقع “العربية”، أنّ “تركيا استضافت في العام 2014 اجتماعاً بين الحرس الثوري والإخوان لمواجهة السعودية”، وقد بحثا فيه “التحالف ضدها”، ولفت الموقع إلى أنّ القمة جمعت بين قطبين متنافرين هما؛ فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وجماعة الإخوان المسلمين.
وبيّنت المعلومات الواردة في الوثائق المسربة أنّ ممثل الإخوان طالب الحرس الثوري الإيراني بالعمل ضد المملكة باليمن من خلال توحيد صفوفهما، في ظل “تشاركهما في كراهية السعودية”.
وقدمت الوثائق الإيرانية المسربة لمحة مثيرة للاهتمام حول اجتماع العام 2014 بشأن المحاولات السرية من جانب تنظيم الإخوان والمسؤولين الإيرانيين للحفاظ على الاتصال، وتحديد ما إذا كان ما يزال بإمكانهم العمل معاً، بعدما تمت الإطاحة شعبياً بحكم الإخوان في مصر.
ويرى الخبير العسكري اليمني العميد الركن ثابت حسين صالح أنّ “ثمة تنسيقاً وتعاوناً في طريقه للتحول الى تحالف بين “سلطة الأمر الواقع” في صنعاء (الحوثيين) وبين حزب الإصلاح للحفاظ على “الوحدة” باستمرار الحرب على الجنوب”.
وأضاف في منشور له عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” : “كل ذلك تم ويتم برعاية وتمويل قطري تجسيداً للتحالف غير المعلن بين إيران وتركيا ضد السعودية والإمارات ومصر بشكل خاص والعرب بشكل عام”.
فيما نقل موقع “عدن تايم” الإخباري، أنّ قمة كوالالمبور التي عقدت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، شهدت وضع خطة تحرك ثلاثية بين إيران، وتركيا، وقطر لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، والإضرار بالأمن القومي العربي عبر اليمن.
وبناء على معلومات من دبلوماسي عربي، للموقع نفسه فإنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتمع بالرئيس الإيراني حسن روحاني، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، على هامش قمة كوالالمبور التي باءت بالفشل، للاتفاق على تسخين الجبهة اليمنية وذلك من خلال التقريب بين إخوان اليمن، الإصلاح، وبين الحوثيين، لضمان استمرار نزيف التحالف العربي في اليمن، وتعطيل فاعلية الدول العربية في الملف الليبي في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر في الجبهة الليبية.
وحسب الخطة، ستعمل قطر عبر ما يسمى بـ”الجناح القطري” في إخوان اليمن، على عقد سلسلة من الاجتماعات في الدوحة، وتركيا، وماليزيا لتنسيق خطوات التحرك في اليمن.
وذكرت المصادر أنّ تركيا ستشهر ورقة الإخوان في اليمن علناً خلال الفترة المقبلة، من خلال التصريحات الداعمة لإخوان اليمن بعد أن كان حزب الإصلاح ضمن التحالف العربي، والأجندة اليمنية.
وتأتي الخطوة حسب الموقع اليمني، بعد أن نجح الإخوان، حسب تصور الأطراف الثلاثة، في تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وميدانية غير مسبوقة في اليمن، وعلى هذا الأساس يسعى ثلاثي الخطة، إلى الضغط على دول التحالف العربي، خاصة الإمارات والسعودية، ودفع الحوثيين إلى تنفيذ بعض العمليات التي تستنفر قوات التحالف، فلا تفكر في جبهات أخرى مثل الملف الليبي.
وموّلت قطر مؤتمراً إخوانياً عقد بتركيا مؤخراً تحت عنوان “يمن ما بعد الحرب.. رؤية استشرافية”، بحضور شخصيات عربية إخوانية بارزة تتقدمهم الناشطة الإخوانية المقيمة بتركيا منذ أعوام، توكل كرمان، نتج عنه عدة قرارات أبرزها الدعوة إلى مواجهة الدول العربية “السعودية والإمارات” وتحريك الأحداث لإشعال ثورة جديدة في اليمن، وهو ما وصفه مراقبون بمحاولة تصعيد الأحداث وإشعال فتنة لصالح المشروع التركي الممتد على الصراعات في اليمن.
نسف التهدئة
الهجوم الحوثي على السعودية جاء بعد أيام قليلة من دعوة رئيس ما يسمى بـ”المجلس السياسي الأعلى” الحاكم في مناطق الحوثيين، وقف تصعيدهم العسكري، داعياً التحالف العربي الذي تقوده السعودية إلى وضع المبادرة التي أطلقها في 21 أيلول (سبتمبر) موضع التنفيذ، مرحباً في الوقت نفسه بدعوة أمين عام الامم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن الرامية إلى إنهاء الحرب في البلاد.
يقول السياسي اليمني محمد الفقيه إنّ “جماعة الحوثي بالتحالف مع حزب الإصلاح اعتادت على نسف كافة سبل الهدئة في البلد”، مؤكداً لـحفريات أنّ “استهداف الدول العربية من داخل الأراضي اليمنية يعيد البلاد إلى المربع “صفر” ويزيد الأزمة تعقيداً ولا يصب سوى في صالح إيران وتركيا”.
وأكد الفقيه أنّ “الشعب اليمني كان يعلق آماله على اتفاق الرياض باعتباره طريقاً نحو التهدئة ووقف إطلاق النيران والعمليات العدائية بين كافة الأطراف، لكن التحالف التركي الإيراني لم يتوقف عن إشعال الأزمات في البلاد بهدف استغلالها لخدمة المشروع التوسعي لكلا البلدين، خاصة أنّهما يعانيان من فشل كبير خلال الشهور الماضية، منيت به إيران عقب مقتل سليماني، وذاق مرارته أردوغان بسبب فشل كافة مشاريعه بالداخل والخارج.
وقال الفقيه إنّ “تحالف قوى الشر في اليمن يلعب على التناقضات من أجل إبقاء الأزمات مشتعلة وتعميق الأزمة”، موضحاً أنّ حالة الاستقرار والهدوء لا تتفق مع المخططات العدائية الرامية للسيطرة على البلاد باستغلال الحرب والدمار ونهب مواردها الاقتصادية والتحكم في مقدرات شعبها.
وعبّر المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن غريفيث، غداة استهداف ميليشا الحوثي للسعودية عن انزعاجه من استمرار تلك العمليات، مؤكداً أنّها “تنسف جهود التهدئة، ومثيرة للجزع، ومخيبة للآمال، خاصة في الوقت الذي تتصاعد فيه مطالب اليمنيين بالسلام بالإجماع، وبصوت أعلى من أي وقت مضى. يحتاج اليمن إلى أن يركز قادته كل دقيقة من وقتهم على تجنب وتخفيف العواقب الوخيمة المحتملة لتفشي فيروس (كوفيد-19).
وقال إنّ التصعيد الأخير في القتال يتعارض مع ما أعلنه جميع الأطراف المنخرطة في النزاع، من التزام بالعمل على وقف إطلاق النار.