إسرائيل تحول سوريا الى ساحة مواجهة مع وإيران
ترخي الحرب في قطاع غزة بظلالها على سوريا الممزقة بعد سنوات من النزاع، ما يتجلى باستهدافات متبادلة تتورط فيها خصوصا طهران وإسرائيل.
وكانت آخر هذه التطورات اليوم السبت غارة نسبت إلى إسرائيل في دمشق تسببت بمقتل أربعة مستشارين في الحرس الثوري الإيراني.
ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول سارع حلفاء إيران في المنطقة إلى دعم حركة حماس في مواجهتها ضد إسرائيل وعلى رأسهم حزب الله في لبنان ومجموعات موالية لطهران في سوريا والعراق التي تنفذ هجمات على إسرائيل ومصالح أميركية، إضافة إلى اليمنيين الحوثيين الذين يستهدفون سفناً في البحر الأحمر وبالقرب من خليج عدن. ويثير كل هذا التصعيد الخشية من توسع نطاق الحرب.
ومنذ بدء التصعيد، أطلقت مجموعات محلية في جنوب سوريا، مقرّبة من حزب الله، قذائف باتجاه هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967. وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان قرابة عشرين هجوماً، من دون أن يكون لها تأثير يذكر، فيما يردّ الجيش الإسرائيلي بقصف مصادر النيران ومسؤولين عن الهجمات.
ويقول الباحث في الشأن السوري في مركز “سنتشوري انترناشونال” آرون لوند إن “معظم الهجمات الإسرائيلية تهدف على الأرجح الى تعطيل وصول شحنات أسلحة إيرانية إلى حزب الله والمجموعات الموالية لطهران داخل سوريا وكذلك إلى إضعاف هذه الشبكات المرتبطة بإيران بشكل عام”.
ويشير إلى أن اسرائيل لطالما “أعربت عن اعتقادها بأن الأسلحة المتطورة على غرار الصواريخ البالستية وقطع الطائرات المسيّرة يتمّ جلبها برا من العراق. أما القطع الأصغر والقابلة للإخفاء، فيتم إحضارها جواً عبر مطاري دمشق وحلب”.
وكثّفت إسرائيل خصوصا منذ الحرب في غزة وتيرة استهدافها لمجموعات موالية لطهران ولمواقع عسكرية للنظام السوري. واستهدفت كذلك مطاري دمشق وحلب.
وأودت غارة إسرائيلية استهدفت الشهر الماضي منطقة السيدة زينب قرب دمشق بالقيادي العسكري الإيراني البارز رضي موسوي. وقال الحرس الثوري حينها إنه “أحد المستشارين الأكثر خبرة” في سوريا و”المسؤول اللوجستي لمحور المقاومة” الذي تقوده طهران وتنضوي فيه فصائل فلسطينية وعراقية ويمنية إضافة إلى حزب الله اللبناني.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان اليوم السبت أن “أربعة مستشارين عسكريين للجمهورية الإسلامية”، و”عدداً من عناصر القوات السورية” قتلوا في العاصمة السورية في ضربة إسرائيلية.
ومنذ بدء الحرب بين حماس وإسرائيل، تتعرض قواعد أميركية في سوريا والعراق بشكل شبه يومي لهجمات بمسيّرات وقذائف وحتى صواريخ بالستية قصيرة المدى.
وأحصى مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية 140 هجوماً على الأقل في الفترة الممتدة بين 17 أكتوبر/تشرين الأول و17 يناير/كانون الثاني.
وفشلت غالبية الهجمات في بلوغ أهدافها، وفق المسؤول الذي يؤكد عدم تسجيل أي خسائر بشرية في سوريا، مقابل قتيل في العراق.
وتبنّت “المقاومة الإسلامية في العراق” وهي مجموعة تضمّ مقاتلين موالين لطهران معظم الهجمات في سوريا، ما دفع الولايات المتحدة التي تنشر نحو 2500 مقاتل في العراق و900 في سوريا، إلى الردّ عبر توجيه ضربات مركّزة في العراق.
ورغم وتيرة الهجمات المرتفعة، تكرّر واشنطن وطهران رغبتهما بعدم اندلاع حرب إقليمية. ويقول لوند “يحاول الطرفان بالتأكيد احتواء مستوى العنف، لكن أوجه التشابه تتوقّف عند هذا الحدّ”.
ويضيف “تفضّل الولايات المتحدة عدم رؤية أي عنف على الإطلاق، لكنّ إيران وحلفاءها في سوريا يصعدون عمداً مستوى النزاع ويريدون إرغام الولايات المتحدة على الردّ”.
وبذلك تريد طهران والمجموعات الموالية لها، وفق لوند، من واشنطن “إما شنّ هجوم مضاد والانخراط في نزاع تريد الولايات المتحدة تجنّبه، أو التجاوب مع مطالبهم التي تتعلّق بكبح جماح إسرائيل في غزة”.
وزاد من أجواء التوتر إقدام إيران على تنفيذ ضربات مفاجئة ضد أهداف في سوريا وإقليم كردستان العراق الأسبوع الماضي. وقالت إنها ردّ على عمليات اغتيال منسوبة لإسرائيل وهجمات دامية في جنوب إيران بينها تفجيران انتحاريان تبنّاهما تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي سوريا، أعلنت طهران أنّ الاستهداف طال تجمعات لتنظيم الدولة الإسلامية. وبحسب خبراء، فإنّ إيران “عرضت عضلاتها”، لكنها بقيت تحت سقف تصعيد التوتر مع الولايات المتحدة، للحيلولة دون تصعيد إقليمي على نطاق واسع.
وبعد قرابة 13 عاماً من نزاع مدمّر في سوريا متشعّب الأطراف، تستفيد قوى عدة من الفوضى الإقليمية السائدة، فقد جددت تركيا الشهر الحالي تنفيذ ضربات ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا، مستهدفة عشرات محطات النفط والكهرباء من بين منشآت أخرى تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية. كما نفّذت ضربات مماثلة في شمال العراق.
وتأتي الضربات إثر اتهام أنقرة حزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها على أراضيها وتصنّفه “إرهابيا”، بقتل 12 جندياً تركياً في هجومين منفصلين على قاعدتين تركيتين في شمال العراق.
وشنّت تركيا منذ العام 2016 عمليات عسكرية عدة في سوريا استهدفت بشكل رئيسي المقاتلين الأكراد الذين تسعى لإبعادهم عن حدودها. وباتت القوات التركية وفصائل سورية موالية تسيطر على شريط حدودي واسع في سوريا.
ونفّذ الأردن من جهته منذ مطلع الشهر الحالي ضربات عدة في جنوب سوريا، أوقعت قتلى مدنيين، تأتي في إطار جهود مكافحة الاتجار بالمخدرات والأسلحة وتهريبها من سوريا.