إستراتيجية روسيا لتقوية نفوذها في أفريقيا
تعرض روسيا خلال اجتماع تستضيفه هذا الأسبوع ويشارك فيه وزراء الخارجية الأفارقة رؤيتها المعروفة بـ”عالم متعدد الأقطاب” في مواجهة الهيمنة الغربية وهي الفكرة التي تروّج لها ضمن مساعيها لتعزيز نفوذها في المنطقة، وخاصة في الساحل الأفريقي مستثمرة الفراغ الذي خلفه الانسحاب الفرنسي.
-
بوكروفسك تحت النار: الأهمية الاستراتيجية لروسيا في دونيتسك
-
تحليل: روسيا تكسر العقوبات الغربية.. هل هي بداية لعودة القوة؟
ويأتي الاجتماع في سوتشي جنوبي روسيا بعد قمة “بريكس” الشهر الماضي التي ضمت اقتصادات ناشئة رائدة في مدينة كازان في جنوب غرب البلاد.
وسعت روسيا التي تدهورت علاقتها مع الغرب بعد غزوها أوكرانيا في العام 2022 إلى تعزيز حضورها في أفريقيا من بوابة الشراكات الاقتصادية والمساعدات والاتفاقيات العسكرية وصادرات الحبوب.
وكانت موسكو خلال الحقبة السوفييتية لاعبا رئيسيا في إفريقيا، وهي تعمل منذ سنوات على إعادة تقوية نفوذها في القارة.
-
روسيا تصد هجوماً أوكرانياً في كورسك وسط تصاعد الدعم الأمريكي لكييف
-
الطرق الوعرة: أسباب حجب إيران منصات صواريخها عن روسيا
وتخلّت ثلاث دول في غرب إفريقيا هي النيجر ومالي وبوركينا فاسو عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، منذ خضوعها للحكم العسكري بعد سلسلة من الانقلابات منذ العام 2020 وعززت علاقاتها بموسكو.
والآن يدعم مقاتلون روس من مجموعة “فاغنر” سابقا وتلك التي حلت مكانها “آفريكا كوربس”، العديد من الحكومات الإفريقية فيما يعمل مستشارون روس مع مسؤولين محليين.
كذلك، قاومت دول إفريقية عدة الضغوط للانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا في العام 2022.
-
بي بي سي: روسيا تسقط 144 طائرة أوكرانية في غضون ساعات
-
روسيا «تحصن» حدودها بـ«ثاني» أكبر جيش في العالم
وفي العام 2023، زوّدت روسيا إفريقيا بأسلحة بقيمة تزيد عن 5 مليارات دولار، وفقا لشركة “روزوبوروان إيكسبور” الحكومية.
ويثير تنامي النفوذ الروسي في المنطقة قلق الغرب الذي يعتبر القارة منطقة حيوية، في وقت تسعى فيه الدول الأفريقية إلى استبدال شركاء أوروبيين بحلفاء جدد والدخول في شراكات على أساس المنافع الاقتصادية المتبادلة.
كما تضع شركات روسية كبرى مثل شركة تعدين الماس “ألروسا” وشركة المعادن العملاقة “روسال” وشركة الطاقة “لوك أويل”، المواد الخام الإفريقية والاستثمارات الكبرى في المنطقة نصب عينيها.
-
تطورات صراع المُسيرات: روسيا تُعزز ترسانتها بطائرات «تريبونال» الانتحارية
-
خسائر أوكرانيا المتزايدة تدفع روسيا نحو استعادة كورسك
وتعمل روسيا على تعزيز مكانتها عبر المراكز الثقافية المعروفة باسم “البيت الروسي” التي افتتحت أخيرا في تشاد وغينيا والصومال وجمهورية إفريقيا الوسطى.
وقال إيفان كليشتش من المركز الدولي للدفاع والأمن في إستونيا، إن الهدف الحقيقي لهذه المراكز هو “نشر روايات الكرملين حول الأحداث الدولية”.
ومن الواضح أن الخطاب الروسي، خصوصا المناهض لـ”الاستعمار الجديد” و”الدعاية الغربية”، يلقى صدى لدى بعض الزعماء الأفارقة.
-
روسيا تحبط أكبر هجوم جوي أوكراني على موسكو: تفاصيل العملية والتداعيات
-
روسيا تحذر: رد فوري على أي ضربات أوكرانية بأسلحة بعيدة المدى
وقال المحلّل السياسي الروسي كونستانتين كالاتشيف إن كثرا يقدّرون “أولئك الذين يستطيعون مقاومة الغرب وتوجيه ضربة إليه” ويرون أن الرئيس فلاديمير بوتين يتمتع بالقدرة للقيام بذلك.
أولوية استراتيجية حقيقية
لكن مدير معهد تمبكتو في دكار باكاري سامبي تساءل عما إذا كانت روسيا ستبقى مهتمة بإفريقيا إذا انتهت الحرب مع أوكرانيا، موضحا أن هناك شكا حول ما إذا كانت هذه “أولوية استراتيجية حقيقية” بالنسبة إلى روسيا أم أنها مجرد مصلحة قصيرة المدى مرتبطة بصراعها الأوسع ضد المصالح الغربية.
وفي بداية الحرب، عندما فرضت روسيا حصارا على الحبوب الأوكرانية في البحر الأسود، كانت العديد من الدول الإفريقية المتضررة متجاوبة مع حجج موسكو بأن هذا كان في الواقع خطأ الغرب ومرتبطا بالعقوبات.
-
هل خسرت روسيا أحد أسلحتها بإيقاف مؤسس تلغرام؟
-
أوجاع أوكرانيا تتفاقم: النيران الصديقة وتقدم روسيا يعقدان الوضع في كييف
وفي الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، صدرت روسيا 14.8 مليون طن من القمح إلى إفريقيا، بزيادة 14.4 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2023.
لكن سامبي قال إن “الآراء بدأت تبتعد عن السرد المحيط بأوكرانيا، خصوصا أن إفريقيا وجدت وسائل للصمود في مواجهة شبح أزمة الغذاء والحبوب”.
كذلك، وجدت العديد من الدول الإفريقية، مثل مصر، الحليف الرئيسي لواشنطن، أن الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع روسيا لا تعني قطع العلاقات مع الغرب.
-
روسيا لا تستبعد احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة
-
الصين تدعو القوى العالمية إلى مساعدة روسيا وأوكرانيا على استئناف الحوار
وفي جنوب إفريقيا، تبيّن أن العلاقات مع روسيا مثيرة للجدل داخل الائتلاف الحاكم وعندما تحدث الرئيس سيريل رامابوزا في قمة مجموعة بريكس عن بوتين وشعب روسيا باعتبارهما “أصدقاء وحلفاء قيمين”، رفض التحالف الديموقراطي في جنوب إفريقيا، وهو حزب معارض سابق يتولى الآن الحكومة، تصريحاته.
وقال زعيم الحزب جون ستينهاوزن في بيان “التحالف الديموقراطي لا يعتبر روسيا ولا فلاديمير بوتين حليفا لأمتنا”.