إحالة رئيس حركة النهضة إلى القضاء المختص في قضايا الإرهاب
رفضت دائرة الاتهام بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس طلب الافراج عن رئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي مع إحالته إلى الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس.
الونيسي موقوف منذ شهر سبتمبر لسنة 2023، على ذمة القضية المعروفة إعلاميا بـ”التسريبات الصوتية” وعلاقته الشخصية بعدد من رجال الأعمال المتنفذين ووجهت له تهمة عدم الاعلام عن ارتكاب جرائم إرهابية وربط الصلة مع أطراف أجنبية للإضرار بمصالح الدولة التونسية.
وأثارت التسريبات الصوتية لنائب رئيس حركة النهضة في سبتمبر/أيلول العام الماضي جدلا واسعا في الاوساط السياسية التونسية، إذ أنه تحدث فيها عن صراعات بين قيادات من الحركة لرئاسة الحزب في المرحلة المقبلة، واتهم فيها شخصيات مقربة من الغنوشي بتلقي أموال من الخارج واستخدامها لحسم هذه الصراعات الداخلية.
كما ورد في هذا التسجيل الصوتي حديث عن سعي قيادات من الحركة إلى عقد تحالفات مع رجال أعمال استعدادا لمحطات سياسية قادمة.
وكان قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب أصدر بطاقة ايداع بالسجن في حق الونيسي على خلفية تسجيل صوتي منسوب اليه ليقرر لاحقا التمديد في ايقافه تحفظيا قبل أن يصدر قرار ختم البحث والاحالة على أنظار دائرة الاتهام من أجل تهم تتعلق بعدم الاشعار عن ارتكاب جرائم ارهابية وربط الصلة مع أطراف أجنبية للإضرار بمصالح الدولة التونسية.
حركة النهضة تهاجم القضاء وتشكك بنزاهته قائلة “أنّ التطورات الخطيرة والتجاوزات المسجلة في الآونة الأخيرة تؤكد استفحال الأزمة التي ضربت المرفق القضائي”.
وقد تولى محامو الونيسي الطعن في قرار ختم البحث غير أن دائرة الاتهام قررت تأييده مع احالة الونيسي على أنظار الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الارهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس ورفض الافراج عنه.
والونيسي هو واحد من قياديي النهضة الذين يلاحقهم القضاء بعدة تهم، وصدرت أحكام بشأن البعض منها، ومازالت المحاكمة تجري في بعضها الآخر، ففي فبراير الماضي حكمت الدائرة الجناحية المتخصصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية في تونس، على رئيس حزب حركة النهضة راشد الخريجي الغنوشي وصهره رفيق عبد السلام بوشلاكة، بالسجن ثلاث سنوات. في خصوص القضية المتعلقة بقبول النهضة لتبرعات من جهة أجنبية في إطار تمويل الحملة الانتخابية”.
وإلى جانب الغنوشي، تقبع قيادات بارزة بالنهضة في السجون لمواجهتهم شبهات متعددة، من بينها “التآمر على أمن الدولة” و”التورط في شبكات التسفير إلى بؤر التوتر”، من بينهم نائبا الرئيس نور الدين البحيري وعلي العريض.
وسبق أن قرر قاضي التحقيق في قضية “اللوبيينغ” إحالة حزب حركة النهضة، في شخص ممثله القانوني وأحد من ثبت ضلوعه في إبرام عقد الاستشهار من قيادات الحزب، على المجلس الجناحي بالمحكمة الابتدائية بتونس، “من أجل الحصول على تمويل أجنبي لحملة انتخابية وقبول تمويل مباشر مجهول المصدر للأول، بمشاركة الثاني له في ذلك”.
وأفادت المحكمة الابتدائية بتونس في بيان لها، أن “القضية التحقيقية المنشورة بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي والمتعلّقة بتمويل الحملة الانتخابية التشريعية لسنة 2019 والمعروفة بقضية “اللوبيينغ” قد خُتم البحث فيها بتاريخ يوم 11 مارس 2022.
ولم تعلق النهضة على رفض الإفراج عن الونيسي، لكنها حاولت لفت الأنظار عن القضية بإصدار بيان يتحدث عن التطورات الأخيرة في البلاد، وانتقاد السلطة كما هو الحال دائما في أي مناسبة يمكن استغلالها سياسيا للتصويب على الحكومة.
وهاجمت النهضة في بيانها السلطات بطريقة حادة وعبرت في بيان نشرته على صفحتها عن “انشغالها البالغ لما آلت إليه الحياة السياسية في بلادنا من تجاوزات وانسداد آفاق وتضييق على الحريات ودوس على الحقوق وتفاقم ظاهرة الاعتقالات والمحاكمات ومحاصرة الإعلام والأحزاب والجمعيات والمجتمع المدني عامة”.
كما هاجمت القضاء وشككت بنزاهته قائلة “أنّ التطورات الخطيرة والتجاوزات المسجلة في الآونة الأخيرة تؤكد استفحال الأزمة التي ضربت المرفق القضائي”.
وتابعت “إنّ السلطة ضربت مبدأ المحاكمة العادلة وقرينة البراءة”، مشيرة إلى ما شهده قطاع المحاماة بسبب “الخطوات التصعيدية من السلطة على إثر اعتصام العميد شوقي الطبيب والأستاذة سنية الدهماني بدار المحامي وإيقاف الإعلاميين برهان بسيس ومراد الزغيدي”.
ويرى متابعون أن حركة النهضة التي تمر بأزمة كبيرة بسبب التهم الثقيلة الموجهة لأبرز قياداتها وأعضائها، لذلك لا تجد وسلة للدفاع سوى الهجوم لاسيما مع ظهور أصوات تطالب بحل الحزب بعد ثبوت تلقيها تمويلات أجنبية خلال الانتخابات.
وطالب رئيس حزب “التحالف من أجل تونس” سرحان الناصري في فبراير/شباط الماضي السلطات المسؤولة “بحل الحركة وحظر نشاطها نهائيا، بعد ثبوت حصولها على تمويل أجنبي في مخالفة صريحة لقانون الأحزاب في البلاد”.
بدوره، أكد الناطق الرسمي باسم حزب التيار الشعبي، محسن النابتي أن ملف “اللوبيينغ” المتورطة فيه حركة النهضة، هو أحد أهم ملفات المحاسبة”، معتبرا “أن الحكم الصادر في شأنه مؤشر على التقدم في قضايا أخرى، على غرار الجهاز السري للحركة، والتسفير إلى بؤر النزاع والإرهاب، وتبييض الأموال، إلى جانب الاغتيالات السياسية التي جدت بالبلاد سنة 2013”.
وينص الفصل السابع من قانون مكافحة الإرهاب في تونس على “تتبع الذات المعنوية (حزب أو جمعية أو منظمة) إذا تبين أنها توفر الدعم لأنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية”.
كما ينّص على أنّه في حال ثبوت ضلوع الحزب أو الجمعية في نشاطات داعمة للإرهاب يتم حرمانه من مباشرة النشاط السياسي لمدة أقصاها خمسة أعوام أو حلّه.