أزمة المياه.. العراق يدعو لفتح حوار مع تركيا
يلتقي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء لمناقشة ملفات السدود التركية على نهري دجلة والفرات ووجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. في وقت تعاني فيه بلاد الرافدين من أزمة مائية تفاقمت بسبب تراجع حصة البلد من المياه وتواصل معضلة الجفاف إلى حدّ بات البلد مهددا بالعطش.
وستكون هذه الزيارة الأولى للسوداني إلى لتركيا منذ تسلّمه السلطة في أكتوبر 2022. وبحسب مستشار لرئيس الوزراء فضّل عدم الكشف عن هويته، سيكون هناك “استقبال رسمي وسيلتقي رئيس الوزراء العراقي بالرئيس أردوغان”.
وكتب السوداني في جريدة “ديلي صباح” التركية قبيل زيارته إلى تركيا أنه سيبحث هناك “كيفية التعاون والتنسيق لضمان حصول العراق على احتياجاته من المياه شريان حياة للتنمية والتوسع الزراعي”.
كذلك سيناقش الطرفان “ضبط الحدود…والتعاون المشترك بين العراق وتركيا خاصة في الجانب الاستخباري وتبادل المعلومات”. بالإضافة إلى ذلك سوف تركز المباحثات على تعزيز العلاقات العراقية التركية في كافة المجالات خاصة المجال الاقتصادي”، كما كتب السوداني.
ويمثّل ملف المياه تحدّيا هائلا بالنسبة إلى العراق البلد شبه الصحراوي الذي يقطنه نحو 42 مليون نسمة، في حين تلقي بغداد بمسؤولية تراجع منسوب النهرين على جارتيها إيران تركيا بسبب بنائهما لسدود وتغيير مسارات الروافد. على غرار سد إليسو التركي الذي يقع على نهر دجلة على بعد أقل من 70 كلم من الحدود العراقية وتبلغ سعته التخزينية 10.40 مليار، بالإضافة إلى سد الجزرة الذي تبلغ طاقته التخزينية 1.2 مليون متر مكعب.
وبحسب إحصائيات رسمية، فقد كان مستوى نهر دجلة في العام 2022 عند 35 في المئة فقط من متوسط معدّله خلال المئة عام الماضية. بينما يزداد الأمر سوءا بسبب تراجع الأمطار وصولا إلى انعدامها خلال السنوات الثلاث الأخيرة وسوء استخدام المياه.
وأرجعت وزارة الموارد المائية العراقية مؤخرا الانخفاض الحاصل في الحصص المائية ببعض المحافظات الجنوبية إلى قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات من الجارة تركيا.
وكان السفير التركي في العراق علي رضا غوناي قد ردّ الصيف الماضي على الاتهامات العراقية في تغريدة كتب فيها أن “الجفاف ليس مشكلة العراق فقط إنما مشكلة تركيا ومنطقتنا بأكملها”، مضيفا أنه “نتيجة للاحتباس الحراري سيكون هناك المزيد من حالات الجفاف في السنوات القادمة”، لافتا إلى أن “المياه تُهدر بشكل كبير في العراق ويجب اتخاذ تدابير فورية للحد من هذا الإهدار”، مشيرا أيضا إلى أنه “يجب تحديث أنظمة الري”.
وكان الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد قد أكد في يناير على ضرورة تسوية بعض المسائل العالقة بين بلاده والجارة تركيا وعلى رأسها ملفي الحصة المائية وترسيم الحدود.
وتشير التقديرات إلى أن العراق سيواجه عجزا في المياه يقدر بأكثر من 10 مليارات متر مكعب بحلول عام 2035 بسبب تراجع منسوبي دجلة والفرات والتبخر في مياه السدود، فيما دعا المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي في أوخر فبراير الماضي إلى مفاوضات مع تركيا للتوصل إلى حلّ بشأن الحصة المائية للبلد من النهرين نتيجة قلة التدفقات المائية.
ودأبت السلطات العراقية على تقنين توزيع المياه للحاجات المختلفة كالري والزراعة واستهلاك مياه الشرب وتغذية أهوار جنوب العراق وذلك عبر حفظ المياه في السدود في شمال البلاد ما يثير غضب أهالي المحافظات الجنوبية.
ومع انحباس الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وتنامي ظاهرة التصحر، يعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة للآثار السلبية للتغير المناخي في العالم وفق الأمم المتحدة.
ودعا البنك الدولي العراق موفى العام 2022 إلى اعتماد نموذج تنمية “أكثر اخضرارا ومراعاة للبيئة” لمواجهة التحدي المناخي، كما حثّته المنظمة الدولية أيضا على “تحديث نظام الري وإعادة تأهيل السدود”. مشددة على ضرورة “تحسين توزيع المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي وزيادة الاعتماد على الزراعة الذكية” بمواجهة التغير المناخي.
ومن المقرر وفق المصدر الحكومي أن يثير محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي خلال زيارة إلى تركيا كذلك ملف حزب العمال الكردستاني الذي يملك قواعد خلفية في شمال العراق.
وتشنّ تركيا مرارا في تلك المنطقة عمليات برية وغارات ضدّ معاقل الحزب الذي تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون “إرهابيا”. وتملك أنقرة منذ 25 عاما كذلك عشرات القواعد العسكرية في شمال العراق.
وقتل تسعة مدنيين في يوليو الماضي في قصف استهدف إقليم كردستان العراق، حمّلت بغداد أنقرة مسؤوليته، فيما نفت تركيا علاقتها بالأمر.