كعادته في إطلاق الوعود الوردية، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أكثر من أسبوع ليقول إن بلاده ستقضي على تفشي فيروس كورونا خلال أسبوعين أو ثلاثة، مضت الأيام وباتت تقارير وزارة الصحة التركية تشير إلى ارتفاع كبير في أعداد الضحايا من وفيات ومصابين بالفيروس، وهو ما دفع المعارضة التركية إلى اتهام حكومة أردوغان بالتستر على الأعداد الحقيقية للضحايا، وإبداء الخشية من أن يؤدي الفيروس إلى القضاء على قطاعات حيوية في الاقتصاد التركي، لا سيما قطاع النقل الذي يشكل عصب الاقتصاد التركي.
لم يترك أردوغان مجالا للمختصين في وضع خطة متكاملة لمواجهة فيروس كورونا وتداعياته، بل سارع على طريقته الشعبوية إلى التوجه إلى الشارع، والطلب من المواطنين التبرع من أموالهم للحسابات البنكية التي خُصصت لجمع الأموال، وهو ما أثار غضب وسخرية الشارع التركي، الذي بات لسان حاله يقول إن دول العالم تخصص الأموال والمساعدات الغذائية لمواطنيها، بينما أردوغان يطلب من مواطنيه مواجهة الفيروس من جيوبهم، وكذلك السؤال عن الأموال الضخمة التي صرفها أردوغان على بناء القصور الرئاسية والمكاتب الحكومية، حيث الخوف من أن يتحول مجرد الحديث عن كورونا خارج سياق الرواية الرسمية الحكومية إلى تهمة الخيانة والعمالة للخارج، إذ إن الأصعب هنا، هو تلك الإجراءات القمعية التي اتخذتها السلطات التركية ضد الصحفيين والناشطين الذين يتحدثون عن اكتشاف حالات جديدة خارج الأرقام التي تعلنها وزارة الصحة التركية إلى درجة أن صحفيين تعرضوا إلى السجن بسبب ذلك، وهو ما دفع بزعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو إلى القول إن تركيا في ظل كورونا تحولت من شبه سجن مغلق إلى سجن مغلق.
مع تحويل أردوغان فيروس كورونا إلى “صفعة عثمانية” ضد مواطنيه، ثمة سؤال جوهري تطرحه الأوساط التركية، وهو هل سيتمكن الاقتصاد التركي المأزوم من تجاوز تداعيات الفيروس أم أن الاقتصاد التركي سيكون أول ضحاياه؟ ولعل مشروعية هذا السؤال ينبثق من طبيعة الاقتصاد التركي القائم على النقل والسياحة والتجارة والتي توقفت جميعها تقريبا، وهو ما ينذر بموجة كبيرة من البطالة والفقر وانخفاض الاستهلاك وزيادة أعباء الليرة التركية، ولعل كل ذلك دفع وكالة التصنيف الائتماني “موديز” إلى مراجعة تصنيفها الأخير للاقتصاد التركي والقول إن هذا الاقتصاد سيكون الأكثر تضررا بين اقتصادات الدول العشرين الكبرى، وهو ما يثير السؤال عن الوعود التي أطلقها أردوغان وكذلك صهره وزير المالية والطاقة بيرات البيرق حول النمو الاقتصادي الكبير في المرحلة المقبلة في ضوء إطلاق أردوغان حزمة إصلاحات اقتصادية جديدة قبل أيام. صفعة أردوغان العثمانية ضد مواطنيه بسبب كورونا طالت بشكل أكبر الكرد في الداخل والخارج، فرغم كل الدعوات الدولية إلى جعل تفشي كورونا فرصة لوقف الحروب والعمل من أجل تحقيق السلام والتعايش والرحمة، لم يتوقف أردوغان عن عدائه وحربه ضد الكرد، ففي الداخل واصل حربه ضد رؤساء بلديات الكرد المنتخبين، إذ عزل قبل أيام مجموعة جديدة منهم من مناصبهم وعيّن موالين له بدلا منهم، كما واصلت طائراته الحربية قصفها لمواقع حزب العمال الكردستاني بحجة محاربة الإرهاب، وفي الخارج واصلت آلته العسكرية قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شرقي سوريا وتحديدا في مناطق عين عيسى وتل تمر، بل ذهب أبعد من ذلك عندما مارس حرب قطع المياه عن أكثر من نصف مليون إنسان في محافظة الحسكة عبر وقف ضخ المياه من محطة علوك التي احتلتها قواته خلال العدوان الذي أطلق عليه نبع السلام. ولعل هذا العداء التاريخي للكرد هو ما يكشف حقيقة قناعة عينة كبيرة استطلعها صحفي في صحيفة “يني اوزغور” حول أيهما أخطر أردوغان أم كورونا على الكرد؟ إذ حسب الاستطلاع أكد أكثر من 93% من المستطلعة آراؤهم أن أردوغان هو الأخطر في حين قال أقل من 4% إن كورونا هو الأخطر، وهو ما دفع بالصحفي إلى عنونة استطلاعه بـ”أردوغان أخطر من كورونا”.
نقلا عن العين الإخبارية