سياسة

هل تنجح هدنة الـ60 يومًا في وقف توسع الصراع بلبنان؟


تتصاعد الآمال في إنهاء التصعيد العسكري بين إسرائيل و”حزب الله”، وسط أنباء عن بلورة اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وبينما تحمل الأطراف المعنية رؤى متباينة حول الآلية والتنفيذ، يبدو أن نافذة صغيرة للسلام بدأت تتشكل، لكنها تتطلب إرادة صادقة وضمانات دولية لتحقيقها.

 ملامح الاتفاق المرتقب.. هدنة مشروطة وتحديات قائمة 

وفقًا لمصادر مطلعة، يتضمن الاتفاق المنتظر بين إسرائيل و”حزب الله” هدنة أولية لمدة 60 يومًا، تبدأ خلالها الأطراف المتصارعة بالانسحاب التدريجي من المناطق الحدودية.

ستتولى قوات حفظ السلام الأممية والجيش اللبناني مراقبة المنطقة الممتدة بين جنوب لبنان ونهر الليطاني، المقترح يعتمد على عدة بنود أساسية هي انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق الجنوبية، و إعادة تمركز مقاتلي “حزب الله” شمال نهر الليطاني، ونشر قوات لبنانية وأممية لضمان عدم خرق الاتفاق، ولجنة دولية بقيادة الولايات المتحدة لمراقبة تنفيذ البنود.

مرجعيات قانونية وآفاق التنفيذ

يستند الاتفاق المقترح إلى القرار الأممي رقم 1701 الصادر عام 2006، والذي شكّل آنذاك نقطة تحول في إدارة الصراع، ورغم الانتهاكات المتكررة لهذا القرار على مدى السنوات، إلا أنه ما زال يشكل الإطار المرجعي لأي اتفاق جديد.

لكن المفاوضين يواجهون عقبات كبيرة تتعلق بآلية التنفيذ، إذ يتخوف كل طرف من استغلال الآخر للهدنة لتعزيز مواقعه العسكرية. 

التحديات على الأرض

على الجانب اللبناني، يشير مسؤولون أن أي اتفاق يجب أن يحترم سيادة البلاد، وقد أُبلغ الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، بملاحظات تتعلق بمنع استمرار الغارات الإسرائيلية بحجة “الردع الوقائي”.

وفي تصريح صحفي، أكد الأمين العام لـ”حزب الله”، نعيم قاسم، أن الحزب يوافق على مسار التفاوض، لكنه يشترط وجود ضمانات بعدم المساس بالسيادة اللبنانية.

ووفقًا لتصريحات أخرى، يسعى لبنان لتعديل صياغة الاتفاق بما يضمن إنهاء التهديدات العسكرية بشكل كامل.

من جهة تل أبيب، يبدي المسؤولون الإسرائيليون تفاؤلًا مشوبًا بالحذر، فبينما تتيح الهدنة فرصة لتخفيف الضغط العسكري على الحدود، إلا أن هناك قلقًا من استغلال “حزب الله” للفترة لإعادة ترتيب صفوفه، ويؤكد مسؤول إسرائيلي، أن بلاده تحتفظ بحق الرد إذا لم تُنفذ بنود الاتفاق بشكل كامل.

جهود الوساطة

آموس هوكستين، الوسيط الأميركي، لعب دورًا حيويًا في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وقد أجرى اجتماعات مكثفة في كل من بيروت وتل أبيب، حيث ناقش تفاصيل الاتفاق وآلية التنفيذ.

خلال زيارته لإسرائيل، التقى هوكستين برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، بينما حمل إلى بيروت ردودًا إسرائيلية على ملاحظات “حزب الله” والحكومة اللبنانية.

مستقبل الاتفاق

رغم العقبات، يرى مراقبون، أن هناك عوامل قد تساعد على إنجاح هذا الاتفاق، أبرزها الدعم الدولي، حيث تكتسب هذه الهدنة أهمية خاصة لارتباطها بالجهود الأميركية والأممية، و التوقيت السياسي الذي يأتي بالتزامن مع سعى إدارة بايدن لتحقيق إنجاز دبلوماسي قبيل انتهاء ولايتها، والتداعيات الإقليمية، حيث يتخوف الأطراف الدولية من تحول التصعيد الحالي إلى نزاع إقليمي واسع.

لكن في المقابل، فإن غياب الثقة بين الطرفين قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق قبل تنفيذه.

 ويشدد المراقبون على أهمية وضع آليات صارمة تضمن الالتزام ببنود الهدنة.

من جانبه، يقول فادي عاكوم المحلل السياسي اللبناني: إن هدنة الستين يومًا بين إسرائيل و”حزب الله” تمثل خطوة مبدئية نحو احتواء التصعيد، لكنها محفوفة بالمخاطر.

وأضاف عاكوم أن نجاح الاتفاق يعتمد بشكل أساسي على وجود ضمانات دولية قوية تلزم الطرفين باحترام الشروط المتفق عليها.

وأوضح المحلل السياسي اللبناني، أن انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان قد يخفف التوتر، لكن الأهم هو ضمان عدم حدوث انتهاكات خلال فترة الهدنة، وهو أمر صعب في ظل التاريخ الطويل من عدم الثقة بين الطرفين.

ويضيف عاكوم، أن “حزب الله” يواجه تحديًا داخليًا يتمثل في الحفاظ على موقفه السياسي والعسكري، دون أن يظهر تنازلًا قد يضعف صورته أمام مؤيديه، خصوصًا في ظل الضغوط الدولية.

في المقابل، تخشى إسرائيل أن تُستغل الهدنة لتعزيز قدرات الحزب، ويرى المحلل السياسي اللبناني، أن الولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًا هنا لضمان التزام جميع الأطراف ببنود الاتفاق، ومع ذلك، يشدد على أن هذه الهدنة لن تكون كافية لحل جذور الأزمة، ما لم تُستكمل بخطوات دبلوماسية طويلة الأمد.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى