المهاجرون الأفارقة في اليمن: أزمة إنسانية في مناطق الحوثيين
بينما يتدفق آلاف المهاجرين الأفارقة إلى اليمن سنويا، أملا في الحصول على فرص معيشية، تستمر ميليشيا الحوثي في تحويل رحلاتهم الصعبة إلى كابوس مرير، بعد وصولهم إلى مناطق سيطرتها، شمالي البلاد.
-
تعز تحت التهديد: الحوثيون يخططون لسيطرة جديدة
-
هل تلوح نهاية الحوثي؟ أزمة داخلية تهدد استقرار الجماعة
ومنذ عقود، دأب المهاجرون غير الشرعيين القادمين من إثيوبيا، والصومال، وإريتريا على التدفق بحرًا عبر شبكات التهريب إلى اليمن.
ويتخذ الفارّون من واقع الصراعات التي تشهدها بلدانهم في القرن الأفريقي اليمن كمحطة انتقالية، إلا أن الحوثيين يستغلون قدومهم لفرض التجنيد الإجباري وتسخيرهم في خدمة مصالحهم، ما يحول المهاجرين إلى قنابل موقوتة، ويعرض حياتهم للخطر.
-
تصاعد الجرائم الحوثية.. موجة اعتقالات واختطافات جديدة
-
ما وراء التحركات المشبوهة في شبوة.. هل هناك تحالف بين الإخوان والحوثيين؟
القتال والاتجار بالمخدرات
وكشف خبراء الأمم المتحدة في اليمن، في أحدث تقاريرهم المقدمة إلى مجلس الأمن الدولي، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن استغلال الحوثيين، للمهاجرين الإثيوبيين غير النظاميين، عبر “إجبارهم على الانضمام إلى صفوفهم، وعلى القتال ضد حكومة اليمن، والانخراط في أنشطة الاتجار بالمخدرات”.
وتطرق التقرير إلى تجنيد الحوثيين “مرتزقة من شعوب تيغراي وأورومو بإثيوبيا، برواتب تتراوح بين 80 إلى 100 دولار”، في ظل تزايد أنشطة تهريب المخدرات والاتجار بها داخل اليمن.
ويعتقد رئيس مركز”أبعاد للدراسات والبحوث”، عبدالسلام محمد، أن عمليات تجنيد الأفارقة من قبل الحوثيين، انطلقت منذ وقت مبكر خلال حرب صعدة الأولى التي اندلعت بين الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي في العام 2004.
-
تحذيرات لبنانية تصل إلى الحوثيين.. ماذا يعني “مصير حزب الله” لليمن؟
-
تقرير أممي يوثق انتهاكات الحوثيين
وأشار إلى أن الحوثيين وقتئذ كانوا يختطفون المهاجرين الأفارقة بهدف تشغيلهم في تهريب السلاح والقات والمخدرات، وغيرها من الأنشطة.
مخطط إيراني للتوسع
وذكر عبدالسلام، أن التعامل الطويل مع الأفارقة، أسهم في وجود علاقة بين الطرفين، حصل الحوثيون على إثرها على قاعدة بيانات مكنتهم من التواصل مع عدد من القراصنة الصوماليين في البحر الأحمر، لنقل أسلحة بين القرن الأفريقي والجزر اليمنية خلال السنوات السابقة.
-
تصعيد الحوثيين: كيف تعيق المليشيات السلام في تعز؟
-
تضييق الخناق على الصحفيين في اليمن.. الإخوان والحوثي في مواجهة حرية التعبير
وبين أن ذلك فتح للحوثيين قنوات تواصل كذلك مع بعض التنظيمات، للقيام بأعمال مشتركة وتبادل للمعلومات ونقل للأسلحة، قبل أن يتطور الأمر إلى مستويات عالية من التنسيق بعد عمليات الحوثيين الهجومية ضد السفن في المياه الدولية.
وأكد أن لدى الحوثيين العديد من الأهداف لاستخدام المهاجرين الإثيوبيين، إلا أن الهدف الأكثر أهمية، هو استخدامهم “كنواة لنقل الأفكار والعقائد والخبرات وإيصال تأثيرهم إلى أفريقيا، وفق خطة إيران التوسعية التي تحول اليمن إلى منطقة قيادة إقليمية في أفريقيا، من أجل بسط نفوذ طهران على البحر الأحمر”.
-
الحوثيون يضيقون الخناق على مراكز دينية غير متوافقة مذهبيًا في اليمن
-
انتهاكات الحوثيين ضد المرأة اليمنية تتجاوز 10 آلاف حالة
وكان تقرير خبراء الأمم المتحدة في اليمن، قد أشار إلى حرص الحوثيين على تعزيز علاقتهم ببعض الحركات، لبلوغ غايتهم الرامية إلى تنفيذ هجمات في البحر الأحمر وتوسيع منطقة عملياتهم.
وعقب اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الفلسطيني في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، دشن الحوثيون حملة تجنيد واسعة في مناطق سيطرتهم شمالي اليمن، بدعوى مواجهة إسرائيل وأمريكا، شملت أكثر من ألف مهاجر أفريقي غالبيتهم من الجنسية الإثيوبية، في محافظات الحديدة وتعز وذمار وإب.
-
حملة مكثفة ضد تهريب المخدرات: ضبط شحنة ضخمة من إيران إلى الحوثيين
-
عاصفة الانشقاقات تضرب ميليشيات الحوثي الإرهابية… تفاصيل
وفي حين يصل آلاف المهاجرين الأفارقة إلى السواحل الجنوبية والغربية، قبل انتقالهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، شمالي البلاد، فإن تقرير الخبراء الأمميين أكد وجود ما يقارب 92 ألفا منهم في المناطق الجنوبية الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية.
تهديد مناطق الحكومة
ويقول وكيل العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، صلاح العاقل، إن السلطة المحلية في عدن، حذرت مرارا من مخاطر توافد المهاجرين غير الشرعيين، المجهول ماضيهم وأعراقهم وتوجهاتهم وخلفياتهم الطائفية، في ظل عدم خضوعهم للمعايير الأساسية التي يجب أن يكون عليها أي وافد إلى أي بلد من بلدان العالم”.
-
حقوقي يمني يكشف: الحوثيون يستغلون التعليم والدين لتجنيد الأطفال
-
الحوثيون على خُطا داعش: تحطيم أفراح اليمنيين بنهج متطرف
وذكر العاقل إأن هؤلاء المهاجرين استغلوا وضع النزاع القائم في البلد منذ العام 2015 للولوج إليه بسهولة، لكن تداعيات النزاع الأمنية وما أسفرت عنه من حالة انقسام، “جعلت المهاجرين عرضة للاستقطاب من قبل بعض الجهات، والتغرير بهم”.
وأشار إلى أن الحوثيين استغلوا الظروف المعيشية للمهاجرين الأفارقة، وجندوا العديد منهم وضمهم إلى صفوفهم، “وهناك العشرات منهم وقعوا في الأسر لدى قوات الجيش الوطني والمقاومة”.
-
الحوثيون والمساعدات الدولية: هل تُستخدم الأموال في غير موضعها؟
-
تصعيد أمريكي ضد الحوثيين باستخدام القاذفات الاستراتيجية
وتطرق العاقل إلى العديد من حالات الشغب والقضايا الجنائية والأخلاقية التي ارتكبها المهاجرون الإثيوبيون في عدن، إضافة إلى نقل صراعاتهم العرقية إلى المدينة، مثل الاقتتال الداخلي فيما بينهم الذي حدث العام الماضي، ما تسبب في وقوع قتلى وجرحى في صفوفهم، وخسائر مادية في ممتلكات المواطنين.
ودعا المجتمع الدولي والمنظمات المعنية، إلى ممارسة دور أكثر فعالية للحد من توافد المهاجرين غير الشرعيين، والعمل على إيجاد آلية لترتيب وضعهم في الداخل وإعادتهم إلى بلدانهم.
-
هجوم بالمسيّرات الحوثية على سفينة تجارية في بحر العرب يثير قلق الملاحة الدولية
-
طهران تعزز تعاونها مع الحوثيين استعدادًا للرد على هجوم إسرائيلي مرتقب
مخاطر آنية ومستقبلية
ويرى رئيس منظمة “سام” الحقوقية، توفيق الحميدي، أن هناك مخاطر عديدة لتجنيد المهاجرين غير الشرعيين، سواء على المستوى الأمني أو الاجتماعي، فضلا عن التعقيدات التي تضيفها إلى المشهد العسكري في اليمن، خاصة وأن هؤلاء المقاتلين ليس لديهم أي روابط مجتمعية محلية، ما يعزز الصراع، ويفاقم معاناة المدنيين.
وقال الحميدي إن تجنيد المهاجرين من قبل الحوثيين، “يسلط الضوء على استغلال الفئات الضعيفة والهشّة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، دون النظر إلى العواقب الإنسانية والأخلاقية”.
-
التحولات الداخلية: الحوثيون في رحلة البحث عن قائد جديد
-
الحوثيون لا يملكون قرارهم.. وإيران تقصف وتنسب إليهم… مسؤول كبير يكشف الخفايا
وأضاف أن المهاجرين غالبا ما يكونون في وضع اقتصادي واجتماعي صعب، ما يجعلهم عرضة للاستغلال في أعمال العنف والتدمير، والقبول بهذا الدور في ظل انعدام خياراتهم الأخرى.
وأشار إلى عواقب أخرى متعلقة بمرحلة ما بعد انتهاء الحرب في اليمن، “إذ سيبقى هؤلاء المقاتلون بعد توقف الصراع بلا هدف محدد أو اندماج حقيقي في المجتمع، وهو ما قد يشكل عبئا أمنيا واجتماعيا على المناطق التي يعيشون فيها”.