تحقيقات

دور الإمارات العربية المتحدة في دعم الاستجابة الإنسانية في السودان

الإمارات الدولة العربية الوحيدة بين أكبر خمس مصادر تمويل لخطة الاستجابة الإنسانية للسودان تموّل دولة الإمارات خطط الاستجابة للعديد من دول العالم


يُعَدُّ السودان بلدًا عريقًا يمتد عبر الزمن، يحمل في طياته مزيجًا غنيًا من الثقافات والأعراق. يشكل نهر النيل شريانًا حيويًا للسودانيين، ليس فقط كمورد مهم للمياه والموارد الطبيعية. ولكن أيضًا كجزء لا يتجزأ من التراث الثقافي والحضاري. يمثل النيل، الذي يتدفق عبر أراضي السودان، رمزًا للحياة والازدهار، حيث يعتمد عليه ملايين السودانيين في معيشتهم وزراعتهم. ورغم هذا التنوع الغني وموارده الوفيرة، يواجه السودان اليوم محنة صعبة تتطلب تضافر الجهود العالمية.

الأزمة الإنسانية في السودان

يُعاني أكثر من 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، من الجوع الحاد بعد أكثر من عام من الصراع الدائر. تشير التقديرات إلى أن عدد النازحين في السودان تجاوز عشرة ملايين شخص. مما يجعل النزوح تجربة مريرة تتجاوز مجرد الانتقال من مكان لآخر، بل هي عملية اقتلاع من الجذور. حيث يحمل النازحون أحلامهم المكسورة في حقائبهم البالية، كما لو كانوا يعيشون في حالة موت بطيء.

تخيّل محنة طفل فقد أسرته وبيته؛ كيف يرى العالم؟ وما هي أحلامه وآماله؟ أو مزارع فقد أرضه ومحصوله؛ كيف يواجه شبح الخسارة؟ وماذا عن الطبيب في مخيمات اللاجئين. هل يستطيع فعلاً مساعدة الجميع؟ هذه التساؤلات تعكس مدى عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوداني.

التحديات المالية

تتطلب الاستجابة الإنسانية في السودان تمويلًا يُقدَّر بنحو 2.7 مليار دولار لعام 2024، لكن لم يتم تأمين سوى 48.7% من هذا المبلغ حتى الآن. في هذا السياق، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من نصف التمويل الذي تم جمعه، تليها المفوضية الأوروبية ثم المملكة المتحدة. والبنك الدولي، والإمارات العربية المتحدة. تجدر الإشارة إلى أن الإمارات تُعتبر الدولة العربية الوحيدة بين أكبر خمس مصادر تمويل لخطة الاستجابة الإنسانية للسودان. حيث تسهم بفاعلية في دعم العديد من دول العالم التي تواجه أزمات حادة.

جهود الإمارات العربية المتحدة

تُعتبر الإمارات العربية المتحدة مثالًا بارزًا على التضامن الإنساني. حيث تموّل خطط الاستجابة في السودان وفي دول أخرى تعاني من الأزمات. في هذا العام، كان أغلب التمويل موجَّهًا إلى الأراضي الفلسطينية، تليها السودان. يُخصص حوالي نصف التمويل للاستجابة لخطط الأمن الغذائي، يليها توفير المأوى الطارئ. يمثل الأمن الغذائي والمأوى القطاعات الأكثر أهمية. حيث يتحول الإنسان في خضم الكوارث والأزمات إلى كائن يبحث عن أبسط مقومات الحياة.

إن فقدان الغذاء والمأوى يؤدي إلى فقدان الأمل والاستسلام للإحباط. لذا، فإن توفير هذه الاحتياجات الأساسية ليس مجرد عمل إنساني. بل هو واجب أخلاقي يستوجب التفاعل من جميع أفراد المجتمع الدولي.

  1. المساعدات الغذائية: تُقدم الإمارات شحنات من المساعدات الغذائية إلى السودان. تشمل الأرز، والدقيق، والزيت، والبقوليات، لتلبية احتياجات الأسر المتضررة من الجوع. خاصة في المناطق الأكثر تأثرًا بالنزاع.
  2. المساعدات الصحية: تساهم الإمارات في دعم النظام الصحي في السودان من خلال توفير الأدوية والمعدات الطبية اللازمة. بالإضافة إلى إرسال فرق طبية متخصصة إلى المخيمات لمساعدة النازحين وتقديم الرعاية الصحية الأساسية.
  3. مشاريع الإغاثة الطارئة: تُمَوِّل الإمارات مشاريع الإغاثة العاجلة التي تستهدف توفير المأوى للنازحين، مثل إنشاء خيام ومراكز إيواء مؤقتة لتأمين ملاذ آمن للمتضررين من الصراع.
  4. برامج التعليم: تسهم الإمارات في دعم التعليم من خلال إنشاء مدارس ومراكز تعليمية في المناطق التي تعاني من انعدام الأمن. بهدف ضمان استمرار التعليم للأطفال النازحين وتوفير بيئة تعليمية مناسبة.
  5. المساعدات النقدية: تقدم الإمارات مساعدات نقدية للأسر الأكثر حاجة. مما يساعدها على تلبية احتياجاتها الأساسية اليومية مثل الغذاء والدواء.
  6. المبادرات الزراعية: تدعم الإمارات مشاريع تنمية الزراعة المستدامة من خلال توفير البذور والمعدات الزراعية. مما يساعد في تعزيز الأمن الغذائي وتحسين سبل العيش للمزارعين المتضررين.

تجسد هذه النماذج التزام الإمارات بدعم الشعب السوداني ومساعدته في تجاوز التحديات الراهنة. مما يعكس إنسانية التضامن العربي وأهمية العمل الجماعي في مواجهة الأزمات.

تختبر الأزمة الحالية في السودان الإنسانية المشتركة التي يحلم بها العالم. هل سيشهد نهر النيل في السودان هذه الإنسانية المشتركة كما شهد على جميع التحديات التي واجهها هذا الشعب العريق؟ إن دعم السودان في هذه الأوقات الصعبة يتطلب استجابة جماعية .وفعالة لضمان إعادة بناء حياة هؤلاء الناس وتحقيق مستقبل أفضل لهم.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى