سياسة

الانتخابات الأمريكية: عندما تصبح الأخلاق ساحة مواجهة أكبر من السياسة


الاختبار الحقيقي في انتخابات الرئاسة الأمريكية يتجاوز السياسة إلى تحدّ أكثر تعقيدا وأشد صعوبة أمام الناخبين.

ومع اقتراب السياسة الأمريكية من ذروتها التي تتكرر كل أربع سنوات بإجراء السباق الرئاسي، تهيمن المزاعم والمزاعم المضادة على الأجواء.

وفي تقييم هذا الكم من المعلومات المتدفقة، يحتاج الناخبون الأمريكيون إلى التمييز بين المصالح والقيم، وبين الأخطاء والأكاذيب، وبين التسامح والتواطؤ، وفقا لما ذكره موقع “ذا ناشيونال إنترست”.

واعتبر الموقع في تقرير له أن الاختيار الأشد صعوبة الذي يواجه الناخبين يتجاوز السياسة لأنه اختبار أخلاقي عميق.

وغالبًا ما تختبر السياسة التوتر بين مصالح الشخص وقيمه، لكن التحدي الأخطر عند تقييم المرشحين يتعلق بما إذا كان ينبغي لنا أن نؤيد أو ننكر قيم وشخصية المرشح.

وهناك أكثر من طريقة لتعريف هذا التحدي لكن عملية التصويت تفرض ازدواجية في الحكم لأن كل ورقة اقتراع تشكل حكما على كل من المرشح الذي جرى التصويت له وأيضا على الناخب الذي أدلى بصوته.

وقد يرتكب المرشحون أخطاء صادقة في ظل زيادة الضغوط والأفكار وأيضا في ظل الحرص على استمالة الناخبين من خلال تفضيلاتهم وتحيزاتهم.

ترامب في «المقصلة»

إلا أن الخطأ الذي يتكرر عمدا يصبح كذبة وهو ما يعد السمة المميزة لسياسة دونالد ترامب الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للبيت الأبيض.

فلقد أثبت ترامب أنه المصدر الأقل موثوقية للمعلومات في السياسة الحديثة مع تكرار الأخطاء المتعمدة والأكاذيب، مثل سرقة انتخابات 2020 واعتبار المدانين في اقتحام الكابيتول ضحايا للاضطهاد السياسية، والزعم أن المهاجرين من هايتي يأكلون الحيوانات الأليفة وغيرها.

وإلى جانب التمييز بين الخطأ والكذب، يجب أيضا رسم خط مماثل بين التسامح مع الخطأ والتواطؤ في الخداع، بمعنى أن هناك تمايزا بين مسامحة المرشح المفضل على أخطائه وبين مباركة أكاذبيه من خلال الاستمرار في دعمه.

وإذا كان كل مرشح يسعى إلى كسب ثقة الناخبين فإن التغييرات المتكررة في المواقف أو التصريحات يقوض هذه الثقة ولا يعد وسيلة جيدة لبناء السمعة الطيبة التي يسعى إليها أي شخص يسعى للفوز بمنصب عام.

والسؤال الرئيسي الذي يجب أن يطرحه أنصار ترامب هو ما إذا كانت أكاذيب المرشح الجمهوري حقائق أم أنها ادعاءات مبررة؟.

ومن غير المتوقع أن يقوم الناخب بإجراء بحث كامل لتقييم دقة كل ادعاء يقدمه لكن من المنطقي أن يعيد النظر في الأدلة عند الطعن في ادعاءاته.

مهمة شاقة

لأن تقييم المعلومات المتدفقة مهمة شاقة، يلجأ بعض الناخبين إلى قرارات تستند إلى مزيج من التصورات والميول الفلسفية والآراء حول السمات الإيجابية أو السلبية لشخصيات المرشحين، بمعنى أن قشرة الحملة قد تكون أكثر إقناعًا من جوهر قيمها.

وغالبا ما يكون السلوك التصويتي فوق العقل وخارج المنطق، لذلك يكون بإمكان السياسيين أحيانًا تشكيل كتل من الناخبين في طوائف وتحالفات تعتمد على الافتراضات والتوقعات أكثر من الاعتماد على الأدلة، ناهيك عن العداء تجاه المرشحين المتنافسين.

وبمجرد الالتزام بمرشح، فإن الناخب يواجه نفسيا مشكلة مماثلة للمرشح الذي اتخذ موقفًا محددًا بشأن قضية واحدة أو أكثر، ويكون من الصعب عليه تغيير موقفه لأن هذا يعني ضمناً الاعتراف بخطأ أولي في الحكم.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى