المملكة المغربية يدعو الجزائر للانخراط في السلم بدل مطاردة الأوهام
طالب الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، السفير عمر هلال الثلاثاء بنيويورك، الجزائر الطرف الرئيسي في النزاع الإقليمي حول الصحراء، أن تقر بالإخفاق الذريع لمشروعها الانفصالي، موضحا أن الخيارات أمامها محدودة للتعامل مع الوضع الراهن ولا بديل عن التسوية السلمية في حال قررت السلطات أخذ مصلحة الشعب الجزائري في عين الاعتبار.
وأكد هلال أن “الجزائر اليوم أمام خيار: إما الانخراط ضمن مقاربة سلمية تحترم مبدأ حسن الجوار والتسوية السلمية للنزاعات، أو التمادي في الإخفاق الذريع وباهظ الثمن لأجندة البوليساريو بمليارات الدولارات، وعلى حساب رفاه الشعب الجزائري الذي يصطف في طوابير لاقتناء أبسط المواد الغذائية”.
وتعد الجزائر الداعم الرئيسي لجبهة بوليساريو الانفصالية، ولعبت دورا سلبيا في حل النزاع المفتعل برفض العودة إلى محادثات “المائدة المستديرة” بشأن الصحراء المغربية بعد أيام من تعيين ستيفان دي مستورا مبعوثا جديدا للنزاع عام 2021.
كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة الوطنية والسيادة الإقليمية لأي بلد، هي منافية لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.
وفي مداخلته خلال الجلسة العادية للجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، المنعقدة ما بين 10 و21 يونيو/حزيران الجاري، دعا هلال الجارة الجزائر إلى استخلاص العبر من الفشل المرير لمشروعها الانفصالي في الصحراء المغربية.
وتابع “بدلا من اجترار خطاباتها حول دفاعها المزعوم عن حق تقرير المصير وادعاء حياد زائف لا يصدقه أحد سواها، كان بالأحرى على الجزائر أن تقر بثلاث حقائق ثابتة: وهي أن الصحراء كانت على الدوام مغربية وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تعد الحل الوحيد والأوحد لهذا النزاع، في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية، كما أن المغرب سيواصل، بكل عزيمة استراتيجية تنمية أقاليمه الجنوبية، التي في طور أن تصبح قطبا إقليميا وقاريا”.
ويؤكد أهالي الصحراء المغربية أن التنمية في الأقاليم الجنوبية قطعت أشواطا كبيرا، وشدد امحمد أبا، المنتخب عن جهة العيون-الساقية الحمراء، أمام أعضاء لجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، في كاراكاس، أن “الصحراء المغربية أضحت تعرف ازدهارا بفضل الاستثمارات الضخمة التي أطلقتها المملكة”، منذ استكمال وحدتها الترابية سنة 1975. وأشار إلى أن دينامية الإصلاح تسارعت مع إطلاق العاهل المغربي الملك محمد السادس للنموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية، سنة 2015.
وأوضح أن هذا النموذج يشكل آلية لتطبيق وتسريع ورش الجهوية الموسعة، التي تهدف ضمان الحكامة الديمقراطية والتنمية البشرية المستدامة المندمجة، بما يتلاءم مع خصوصيات منطقة الصحراء، وفي امتثال تام لأهداف الأمم المتحدة المتعلقة بالتنمية المستدامة.
وبفضل هذا النموذج التنموي الجديد، فاقت استثمارات إنجاز مشاريع كبرى الـ10 مليارات دولار، لاسيما في مجالات البنيات التحتية والصحة والتعليم والتكوين والصناعة والفلاحة والطاقات المتجددة والصيد، كما أن معدل إنجاز المشاريع يتجاوز الـ80 بالمائة.
وذكر هلال بإحداث لجنة الـ24 في 1961، من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل تنفيذ القرار 1514 الذي يكرس مبدأ تقرير المصير، والذي اعتمدته الجمعية نفسها في 14 ديسمبر/كانون الأول 1960، مشيرا إلى مكامن الخلل الذي يعتري منذ سنوات، تنفيذ القرار 1514 فضلا عن توظيف غير لائق لمهام لجنة الـ24. وقال إن “من قاموا بصياغة القرار 1514 حرصوا، من صميم حكمتهم، على الشرح التفصيلي لآليات تنفيذه عبر استكماله بقرار آخر، ألا وهو القرار 1541”.
ولاحظ أن القرار 1541، الذي يسعى البعض لتجاهله، يحدد بوضوح الخيارات الثلاثة لتطبيق مبدأ تقرير المصير، وتشمل الاستقلال أو الارتباط الحر بدولة مستقلة أو الاندماج. وأردف أن القرار 2625 الصادر في 1970 أضاف خيار أي وضع سياسي آخر يتم اختياره بحرية.
وتابع هلال، “بيد أن بعض الدول التي أعمتها إيديولوجيات تعود لحقبة بائدة، وركزت على الخيار الوحيد للاستقلال على حساب الخيارين البديلين الآخرين، كثفت مناوراتها الخبيثة بهدف جعل لجنة الـ24 لجنة للبلقنة”، مسجلا أن “تقرير المصير لا يعني أنه مسار نحو الاستقلال، ولا يمكن أن يتم على حساب السيادة الترابية للدول”.
ويؤكد القرار 1514 (المادة 6)، بشكل جلي أن كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة الوطنية والسيادة الإقليمية لأي بلد، هي منافية لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.
ولاحظ الدبلوماسي أن هذه الدول ذاتها تغالي في تأويل القرارين 1514 و1541 من خلال ربط تقرير المصير بعملية الاستفتاء. والحال أن هذين القرارين لا يحيلان البتة إلى الاستفتاء، الذي لا يعدو إلا أن يكون مجرد آلية للتعبير. ولا يشترط هذين القرارين لكي تدخل مقتضياتها ذات الصلة حيز التنفيذ، أي استشارة استفتائية.
ونوه أنه من المؤسف أن نلاحظ أن لجنة الـ24 حادت عن مهمتها الأصلية وأن نسجل غياب أي إشارة إلى باقي العناصر الأساسية لتقرير المصير عن نقاشاتنا أو حتى في تقارير هذه اللجنة. ومن المؤسف أيضا أن نعاين إعادة صياغة مهمة لجنة الـ24 عبر إلباسها حمولة إيديولوجية.
وأشار إلى أنه على أساس المهمة الأصلية للجنة الـ24، عرض المغرب على أنظار هذه اللجنة، في 1963، قضية أقاليمه الصحراوية التي كانت خاضعة للهيمنة الإسبانية.
والتمس المغرب سنة 1975 الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، مشيرا إلى أن المحكمة أنصفت المملكة من خلال إثبات وجود روابط البيعة القانونية بين سلاطين المغرب وقبائل الصحراء المغربية، مما يؤكد سيادة المغرب بشكل قاطع على صحرائه.
ووفقا لهذا الاعتراف، أبرمت المملكة المغربية اتفاقية مدريد مع إسبانيا سنة 1975، مكرسة بذلك عودة الصحراء إلى وطنها الأم المغرب، بعد 91 سنة من الاحتلال الإسباني.
وذكر هلال بأن “الجمعية العامة للأمم المتحدة صادقت على هذا الاتفاق في قرارها رقم 3458ب، بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول 1975، مما يجعل عملية استرجاع المغرب لوحدته الترابية تتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، وروح ومنطوق القرار 1514”.
وأعرب عن أسفه لكون هذه القضية تحولت إلى نزاع إقليمي ثنائي، بعد أن تورطت الجزائر في انتهاك المادة السادسة من القرار 1514 المذكور، بسعيها لمعاكسة الحقوق المشروعة للمغرب في صحرائه والمساس بسيادته ووحدته الترابية، من خلال تشكيل جماعة بوليساريو الانفصالية المسلحة وإيوائها وتسليحها وتمويلها.