حرب غزة تطغى على ملفات عديدة في قمة البحرين
انطلقت في العاصمة البحرينية المنامة الخميس. أعمال القمة العربية الثالثة والثلاثين، في خضم مشهد معقّد في المنطقة تخيّم عليه الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) منذ أكثر من سبعة أشهر.
ودعا العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة خلال افتتاح القمة إلى “مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط”.
وقال بعد تسلّمه رئاسة القمّة من ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان “تتقدم مملكة البحرين بعدد من المبادرات للإسهام في خدمة القضايا الجوهرية لاستقرار المنطقة وتنميتها. وأولها الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط. إلى جانب دعم الاعتراف الكامل بدولة فلسطين وقبول عضويتها في الأمم المتحدة”.
بدوره طالب الأمير محمد في كلمته المجتمع الدولي بوقف “العدوان الإسرائيلي” على قطاع غزة موضحا أن”المملكة (السعودية) أولت اهتماما بالغا بالقضايا العربية وتطوير العمل العربي المشترك” مضيفا “على المجتمع الدولي وقف العدوان الغاشم على الأشقاء الفلسطينيين ودعم جهود وقف إطلاق النار في غزة”.
وأكد أن المملكة السعودية تدعو إلى حل النزاعات عبر الطرق السلمية.
وتزيّنت الشوارع الرئيسية في البحرين بأعلام الدول العربية وصور القادة العرب تحت شعار “البحرين بيت العرب”، وسط انتشار أمني كثيف في شوارع العاصمة تمهيداً لوصول الوفود.
ووصل ثلثي القادة وفق العديد من المعطيات إلى البحرين مساء الأربعاء، على غرار الرؤساء المصري عبدالفتاح السيسي. العراقي عبداللطيف رشيد، والفلسطيني محمود عباس. إضافة إلى ملك الأردن عبدالله الثاني. فيما أفادت وكالة الأنباء القطرية، الأربعاء، بأن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد سيترأس وفد القمة.
لكنّ العرب الذين يجتمعون بدورة عادية. سبق أن عقدوا أخرى طارئة في العاصمة السعودية في تشرين الثاني/نوفمبر، كانت مشتركة مع منظمة التعاون الإسلامي.
ولم تتخذ القمة حينها قرارات مباشرة ضد إسرائيل. على غرار طرد سفراء أو قطع إمدادات النفط بما يعكس الغضب الشعبي الكبير في العالمين العربي والإسلامي تجاه استمرار الحرب الدامية.
ويقول أستاذ التاريخ المنتدب بجامعة الكويت المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج الدكتور ظافر العجمي إن “قمة البحرين تختلف ليس فقط عن القمة العربية الإسلامية في الرياض ولكن تختلف عن القمم العربية كلها بأمرين”.
ويضيف أن الأمر الأول هو “تغير مزاج الشارع الغربي. فهنا فرصة لم تكن متوفرة للقمم السابقة أن هناك مزاجاً غربياً مائلاً إلى نصرة الفلسطينيين ورفع الظلم الواقع عليهم طوال السنوات السبعين الماضية”.
تغير مزاج الشارع الغربي فرصة لم تكن متوفرة للقمم السابقة
ويتابع العجمي أن “النقطة الثانية الإيجابية هي الانكسارة الإسرائيلية. فقد كانت إسرائيل تُنجز ما تنجزه خلال ستة أيام، الآن ستة أشهر ولم تنجز ما كانت تنجزه بتلك السرعة. هذه فرصة لنطوعهم ونقودهم للمبادرة العربية”.
ومنذ القمة العربية الإسلامية في السعودية، ارتفع عدد قتلى القصف الإسرائيلي على قطاع غزة من نحو 11 ألفاً إلى أكثر من 35170 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين. بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع المحاصر.
واندلعت تلك الحرب بين إسرائيل وحماس في القطاع المحاصر إثر هجوم غير مسبوق نفذته الحركة الفلسطينية داخل الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/نوفمبر. وأدّى إلى مقتل 1170 شخصاً غالبيتهم مدنيون. وخطف خلال الهجوم أكثر من 250 شخصاً ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 36 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
لكن اليوم تبدو الأمور أكثر تعقيداً. مع مراوحة في المفاوضات بين طرفي القتال، في وقت تتواصل فيه المعارك في مناطق عدة من غزة، مترافقة مع قصف إسرائيلي عنيف على القطاع. ما دفع موجات جديدة من الفلسطينيين إلى النزوح.
وتشهد مدينة رفح في جنوب القطاع المحاصر اشتباكات وقصفاً إسرائيلياً دفع 450 ألف شخص الى النزوح منها، وفق الأمم المتحدة التي تقول إن “لا مكان آمنا” في غزة.
ولم يتوصل المجتمعون في الرياض آنذاك إلى اتفاق. لكنّ العجمي يرى اليوم “مزاجاً عربياً متغيّراً وقد نرى صفة الإلزام في البيان الختامي ونتجاوز فكرة بِمَن حضر”.
ويرى أنّ لعقد القمة في البحرين التي طبّعت والإمارات علاقاتها مع إسرائيل عام 2020. رسالة قوية من الدولتين اللتين قررتا بحسب رأيه “مجالسة الخصوم”. وأن أي قرار يصدر من هنا سيكون له وقعه.
وستتناول القمة مواضيع أخرى إضافة إلى القضية الرئيسية، من الأزمة في السودان، وليبيا واليمن، وسوريا التي سيكون رئيسها بشار الأسد أبرز الحاضرين في هذه القمّة. خصوصاً في البحرين التي كانت من أشدّ المقاطعين لنظامه.
يشير الكاتب والمحلل السياسي محميد المحميد إلى أنه إلى جانب القضية الفلسطينية هناك محاور عدة ستتطرق لها قمة البحرين أيضاً. منها ترسيخ الحلول السلمية في المنطقة واستكمال متطلبات التكامل الاقتصادي.
والجدير بالذكر أن البحرين هي الدولة العربية الوحيدة العضو في تحالف دولي بقيادة أميركية لحماية الملاحة في البحر الأحمر من الهجمات التي يشنّها الحوثيون على سفن يقولون. إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها تضامناً مع قطاع غزة.
وفي هذا السياق، يقول المحميد إن “الممرات البحرية الحيوية لا تشكّل فقط أهمية لدول المنطقة. بل لاقتصاد العالم كله لما تملكه المنطقة من ثروات”.