المغرب وألمانيا يعززان فرص التعاون الأمني والعسكري
عبر المسؤولون العسكريون في المغرب وألمانيا عن رغبتهم في تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين الدولتين واستكشاف فرص التعاون الثنائي في مجال التكوين العسكري والدفاع السيبراني والصناعة الحربية، في إطار استمرارية الاستراتيجية المغربية القائمة على تنويع الشركاء العسكريين وتوطين الصناعات الدفاعية بالاستفادة من التجارب الدولية.
وتسعى ألمانيا إلى الرفع من مستوى التنسيق مع الرباط والاستفادة من المكانة الاستراتيجية التي باتت تحظى بها في محيطها الإقليمي والقاري، وقد عبر توماس هيتشلر، الوزير المنتدب في وزارة الدفاع الألمانية، عن رغبة بلاده في إبرام اتفاق للتعاون العسكري مع المغرب، إضافة إلى اتفاقيات أخرى تهم مجال الدفاع وحماية المعلومات المصنفة. وذلك خلال المباحثات التي جمعته مع عبد اللطيف لودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، والفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية.
التعاون الدفاعي والعسكري يعد امتدادا للشراكة التجارية والاقتصادية المتطورة بين البلدين، حيث تحتل ألمانيا المرتبة الثامنة في قائمة أكبر سوق تصدير للمغرب.
ويعتبر المغرب بالنسبة لألمانيا فاعل مهم في تحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة، إذ يعتمد على استراتيجية متعددة الأبعاد وتهدف إلى التصدي لمختلف التهديدات الأمنية والعسكرية.
بينما تراهن الرباط بشكل كبير على برلين فيما يخص رؤيتها المتعلقة ببناء صناعة حربية ودفاعية وطنية، لاسيما أن الألمان أبدوا اهتمامهم بالتوجهات المغربية المتعلقة بتنويع الشركاء في إطار التوجه المغربي العسكري.
ويعد التعاون الدفاعي والعسكري امتدادا للشراكة التجارية والاقتصادية المتطورة بين البلدين، حيث تحتل ألمانيا المرتبة الثامنة في قائمة أكبر سوق تصدير للمغرب، وقد بلغ إجمالي صادرات المغرب إلى ألمانيا 1.2 مليار دولار في 2021، كما تعد ألمانيا سابع أكبر مَصدر للواردات في المغرب، وبلغ إجمالي صادراتها أكثر من 3 مليارات دولار.
وساعد توقيع إعلان الرباط عام 2013 من قبل ووزراء خارجية ألمانيا والمغرب على دفع التعاون الاقتصادي الألماني والمغربي إلى مستوى أعلى. وقد أكد الإعلان على “الإصلاحات المؤسسية المتعلقة بالديمقراطية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان والحكامة الرشيدة”، كما تضمن أيضا الالتزام “بتسخير الإمكانات في مجالات التجارة والاستثمار في الطاقة المتجددة والسياحة والأعمال التجارية الزراعية والإلكترونيات والصناعات الميكانيكية والمعدات الطبية وصناعات السيارات والطيران. “
ومهد إعلان الرباط الطريق لمشاركة ألمانية أعمق في الاقتصاد المغربي الذي شهد ارتفاعًا بنسبة 600 في المائة في الاستثمار الألماني في المغرب من 2010 إلى 2021.
وتعتبر سلاسل قيمة تصنيع السيارات ركيزة الشراكة الاقتصادية بين ألمانيا والمغرب، حيث تشكل منتجات السيارات، سواء المركبات أو أجزاء السيارات، أكبر فئة من الصادرات المغربية إلى ألمانيا، بحوالي 21 في المائة من إجمالي الصادرات إلى ألمانيا قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقد سهل مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014-2020 نهوض قطاع السيارات في المغرب، إضافة إلى أن التطوير المتزامن للنقل عالي السرعة والسعة، حفز مصنعي السيارات الأجانب على إنشاء مصانعهم في المغرب ومن بينها شركات ألمانية. وتدور صناعة السيارات في المغرب بشكل أساسي حول مصانع رونو وبوجو التي يدعمها ما يقرب من 200 مورد دولي يديرون مصانعهم المحلية.
وتم تسليط الضوء مؤخرًا على أهمية المغرب في سلاسل الإمداد المرتبطة بالسيارات بعد الإغلاق المفاجئ لمصانع أسلاك السيارات في أوكرانيا بعد الغزو العسكري الروسي في 24 فبراير/شباط 2022. القطع الأساسية لتصنيع السيارات كعدة التوصيل الكهربائي وهي أجهزة تجمع الأسلاك في غلاف وقائي للاستفادة من مساحة أكبر، تحمي السيارة من الحرائق الكهربائية والدارات القصيرة التي قد تنتج عن الاهتزازات والتآكل، ولا يمكن بناء أي سيارة أو مركبة بدونها.
وأدى عجز المصانع الأوكرانية على إنتاج هذه القطع الأساسية إلى نقص في أدوات التوصيل الكهربائي والأسلاك، مما أجبر الشركات المصنعة في ألمانيا، مثل بي إم دبليو وميرسيديس بينز وبورش وفولزفاغن وفورد، على خفض الإنتاج في مصانعهم.
وتطلع صانعو السيارات الألمان إلى مصانع الأسلاك المغربية لسد النقص، ومن بين هذه المصانع التابعة لشركة “ليوني” الألمانية الرائدة عالمياً في تصنيع الأسلاك والكابلات وأنظمة الأسلاك. قبل عشر سنوات تم تعيين “ليوني” كمورد أساسي لمجموعة PSAلتسلم مصانع بوجو-سيتروين في فرنسا وإسبانيا والنمسا وروسيا وسلوفاكيا. وكونها من أوائل المساهمين في ظهور تصنيع السيارات في المغرب، أنشأت ليوني عشرة مصانع إنتاج في المغرب، وبين سنتي 2017 و 2022 استثمرت أكثر من 60 مليون يورو في بناء العديد من مراكز التصنيع في جميع أنحاء المملكة وشغلت حوالي 17400 مغربي، إضافة لهذا فقد زادت الشركة من وتيرة إنتاجها في مصانعها بالمغرب لتغطية الإنتاج المفقود من أوكرانيا.
ويهدف مخطط تسريع التنمية الصناعية 2014-2020 ذو الرؤية الإستراتيجية أيضًا إلى تعزيز مرونة قطاع أسلاك السيارات من خلال جذب مصنّعين جدد لإنشاء مصانع في المغرب.