إسرائيل تراهن على خطر طهران لدفع السعودية للتخلي عن شروط التطبيع
أعرب وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، عن إمكانية التطبيع مع السعودية “حتى لو رفضت إسرائيل التحرك نحو إنشاء دولة فلسطينية، معتبرا أن المخاوف الأمنية المتعلقة بالمحور الإيراني ستتفوق على مطالب الرياض بأن يكون حل الدولتين جزءا من صفقة التطبيع”، رغم أن المملكة تشترط أن يكون حل القضية الفلسطينية جزءا من أي اتفاق للسلام مع إسرائيل.
وقال كوهين في مقابلة مع صحيفة “تايمز أوف إسرائيل“، أن “السلام مع السعودية أمر وارد تماما”، مضيفا أن “حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول سلطت الضوء على حقيقة أن السعودية تحتاج إلى هذا السلام بقدر ما تحتاج إليه إسرائيل إن لم يكن أكثر”. وتابع “ستتلقى الأدوات في المقام الأول من الولايات المتحدة للتعامل مع التهديد الإيراني والإرهاب”.
وفي إشارة إلى هجوم عام 2019 على منشأتين نفطيتين رئيسيتين في بقيق وخريص تساءل الوزير الإسرائيلي “من هاجم السعودية قبل 4 سنوات؟” قبل أن يجيب على نفسه: “إيران والحوثيون”.
وكان سفير السعودية في بريطانيا الأمير خالد بن بندر قد صرح قبل حوالي أسبوعين أن بلاده مهتمة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد حرب غزة، ولكن أي اتفاق للتطبيع “لابد أن يؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية”. وكشف في تصريح لـ”بي.بي.سي” أن الاتفاق كان “وشيكا”، عندما علقت السعودية المحادثات بوساطة أميركية، إثر الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأضاف أن السعودية لا تزال تؤمن بإقامة علاقات مع إسرائيل، على الرغم من الخسائر الفادحة في الأرواح في غزة، ولكنه قال إن ذلك لا ينبغي أن يكون “على حساب الشعب الفلسطيني”. ونبه أيضا إلى “خذلان الإنسانية” في غزة، لأن المجتمع الدولي لم يفعل ما فيه الكفاية لإنهاء القتال.
وجاءت تصريحات السفير السعودي بعد يوم واحد من لقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بمدينة العلا السعودية. وقال بلينكن للصحافيين قبيل مغادرته المملكة فيما يتعلق بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية “تحدثنا عن ذلك في الواقع في كل محطة (من الجولة) بما في ذلك بالطبع هنا في السعودية”. وأضاف “هناك اهتمام واضح هنا بالسعي إلى ذلك.. لكن الأمر سيتطلب إنهاء النزاع في غزة.. وإيجاد مسار عملي لقيام دولة فلسطين”.
ولم تعترف السعودية بإسرائيل ولم تنضم لاتفاقيات إبراهيم الموقعة في 2020 برعاية أميركية بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قال ولي العهد السعودي في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأميركية، إن تطبيع السعودية مع إسرائيل “يقترب كل يوم أكثر فأكثر”، فيما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من منبر الأمم المتحدة، أن بلاده على “عتبة” إقامة علاقات مع المملكة الخليجية.
وعرقلت الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر، جهود كانت الولايات المتحدة تقودها بهدف التوصل لاتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية.
وقال كوهين “تؤكد هذه الحرب مدى أهمية التحالف الإقليمي والاستقرار الإقليمي، وأن من يهدد إسرائيل والدول الإسلامية المعتدلة هو المحور الشيعي (في إشارة إلى إيران ووكلائها في المنطقة)”.
وأضاف أن “الشيء الأول والرئيسي الذي يريده السعوديون هو أمنهم للتعامل مع التهديد الذي يحوم فوقهم” وتابع: “الدولة الفلسطينية أمر لا أرى حدوثه. لقد رأينا أن إسرائيل انسحبت من غزة، وتحولت غزة إلى دولة إرهابية تحكمها حركة حماس الإرهابية بتمويل من إيران”.
ويفهم من مواقف القادة الفلسطينيين المعلنة أنهم سيرفضون “جملة وتفصيلا” أي اتفاق لا يتضمن حصولهم على دولتهم، ولكن مسؤولين قالوا مطلع الشهر الجاري أنهم يطالبون في جلسات خاصة، بالدعم المالي وبالمزيد من السيطرة على الأرض في الضفة الغربية، مقابل التفاعل مع المسار السعودي الإسرائيلي بوساطة أميركية.
وقال السفير السعودي في لندن أن “المشكلة مع الحكومة الحالية في إسرائيل هو أن نظرتها متطرفة مطلقة، لا تسمح بتحقيق توافق وعليه فإنك لن تستطيع أبدا أن تنهي النزاع”. وحذر الأمير خالد أيضا من مخاطر تغذية التطرف نتيجة الحرب، التي قتلت فيها إسرائيل آلاف المدنيين في غزة، وتسببت في أزمة إنسانية مدمرة.
وأشار إلى أن “درجة العنف غير المسبوق الذي مارسه الطرفان في الثلاثة أشهر الماضية، خاصة إسرائيل التي يفترض أنها دولة مسؤولة لا أعتقد أنني رأيت مثله في حياتي فالأرقام محزنة فعلا”. وأضاف “هذا سيؤدي إلى فقدان الأمل ليس بين الفلسطينيين فحسب وإنما بين جميع الساخطين على الوضع عبر العالم. فجميعهم يرون انحدار الإنسانية فيما يجري، لأنه لا أحد فعل شيئا لتوقيفه. هناك جهود تبذل ولكنها ليست كافية”.