تقارير تفكك من ألغاز هجوم 7 أكتوبر
كشفت وثائق وبيانات كان بعضها في حوزة مقاتلين فلسطينيين شاركوا في تنفيذ الهجوم غير المسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر وبعضها الآخر في أجهزة تم الاستيلاء عليها وعرضها الجيش الإسرائيلي على الصحافة، “مستوى من التفاصيل والإعداد” فاجأ المحللين العسكريين الإسرائيليين.
ولم يخف إسرائيليون صدمتهم من عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس فجر السابع من أكتوبر والتي استهدفت خلالها المناطق الإسرائيلية في غلاف غزة. وخلفت تلك العملية شروخا عميقة في إسرائيل على المستويين العسكري والسياسي بينما وضعت مستقبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على المحك.
ومنذ الهجوم الذي قتل فيه 1200 إسرائيلي معظمهم من العسكريين واحتجزت خلاله حماس المئات من الإسرائيليين بين جنود ومدنيين وأجانب، سعت الدوائر الإسرائيلية لتفكيك لغز الإخفاق الأمني والاستخباراتي وكذلك كيف استطاع مسلحو القسام اختراق تلك المنظومة.
ولم تتمكن تلك الدوائر من تفكيك شيفرة الهجوم إلا بعد أن عثر الجيش الإسرائيلي على وثائق عن خطة حماس والتي يبدو حسب المعلن أنها أعدت على مدى سنوات.
وأوضح ضابط في الاستخبارات الإسرائيلية أن هواتف وأجهزة كمبيوتر محمولة ونظام “جي بي إس” لتحديد المواقع وكاميرات “غوبرو” وأجهزة اتصال لاسلكية وخرائط ووثائق وكتيبات “تظهر سنوات من التحضير لمهاجمة كيبوتسات وقواعد عسكرية. إنها خطة لمعركة”.
ومن أجل الغوص في الوثائق المكتوبة باللغة العربية وفك رموز ملايين البيانات الإلكترونية، أعادت إسرائيل تفعيل وحدة تسمى “عمشات” (اختصار لقسم استعادة الوثائق والمعدات التقنية للعدو) بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وأسست هذه الوحدة المرتبطة بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عقب الحرب العربية الإسرائيلية في العام 1973. في ذلك الوقت، وقع هجوم مفاجئ شنته مصر وسوريا عزي إلى إخفاق الاستخبارات الإسرائيلية. وعلّق عمل “عمشات” وقتها وأعيد تنشيطه مرات عدة.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في الأول من ديسمبر/كانون الأول أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حصلت على وثيقة قبل أكثر من عام من الهجوم تفصّل عملية مماثلة لتلك التي نفّذت في 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكن الاستخبارات اعتبرت أنه سيناريو “خيالي”.
ومن خلال تحليل البيانات التي جمعت بعد الهجوم، قال الضابط الإسرائيلي لصحافيين من “أكثر ما فاجأني هو مستوى التفاصيل والإعداد” لهذه العملية.
واكتشفت في أجهزة كمبيوتر خطط تكتيكية مفصلة شملت لائحة أهداف وأسماء الوحدات المشاركة وأعضائها ومهمة كل واحدة منها مع التفاصيل العملياتية والتوقيت الدقيق وقائمة الأسلحة المطلوبة.
وعثر أيضا على رسم يدوي تفصيلي لمستوطنة ناحل عوز التي دخلتها حماس يوم الهجوم. وعثر في حوزة مقاتلين قتلى على صور دقيقة بالأقمار الاصطناعية للكيبوتسات التي تعرضت للهجوم.
وليس لدى ذلك الضابط أدنى شك في أن المعلومات حول الكيبوتسات جاءت من الداخل من “عمال فلسطينيين أو عرب إسرائيليين”، مضيفا “في ما يخص القاعدة العسكرية ناحل عوز، لا نعرف. لكن المعلومات لا تأتي من مصدر مفتوح” خصوصا أن كل ما عثر عليه يظهر أن “جزءا من التدريب ركّز على طريقة أخذ رهائن. وتظهر وثائق ما يجب القيام به وطريقة التعامل معهم”، كما أوضح ضابط آخر في الاستخبارات الإسرائيلية.
واكتشف أيضا مع مقاتلين قتلى “قائمة مرجعية” لطريقة أخذ رهائن و”دليل محادثة” مع الرهائن. وتشمل “القائمة المرجعية” و”دليل المحادثة” أمورا مثل “عصب العينين وتربيط اليدين وتجهيز غرفة الأسر وتفتيش ملابس الرهائن” ومفردات بالعبرية ومرادفها بالعربية للتحدث إلى الرهائن مثل “لا تتحرك وارفع يديك واسكت وامشي بسرعة”.
وتشير وثائق أخرى إلى أن المقاتلين تلقوا تعليمات أيضا بقتل مدنيين، وفقا للضابطين. وقال أحدهما “أرادوا إحداث صدمة من شأنها أن تحطّم معنويات” الإسرائيليين. كما عثر على وثائق لا علاقة لها بالعملية، وبعضها له قيمة عسكرية عالية.
وقال الضابط الثاني “بعض مقاتلي حماس لم يتم إبلاغهم بأي شيء ولم يعرفوا ما الذي سيحدث. ودخل كثر إلى إسرائيل ومعهم أشياء لا علاقة لها بالهجوم. استخدم بعضهم سيارات كانوا يستخدمونها بشكل يومي” حاملين معهم معلومات قيمة. وهكذا عثر على خريطة تفصيلية لجنوب غزة تحدد منشآت عسكرية لحماس.
وتشن إسرائيل عمليات قصف جوي مكثفة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول مصحوبة منذ 27 من الشهر ذاته بهجوم بري، ما أسفر عن 15899 قتيل، معظمهم مدنيون، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وقالت “عمشات” إنها حصلت أيضا على صور لأنفاق في غزة عرضتها للصحافيين وتظهر ممرات معززة بالإسمنت والمعدن، واسعة ومرتفعة بشكل يتّسع لسيارة، معربة عن عدم رغبتها في كشف مصدرها.
وقال الضابط الأول إنها أنفاق “عميقة جدا” مشيرا إلى أن “غزة كلها عبارة عن أنفاق متداخلة” و”لن أفاجأ إذا كان هناك أكثر من 500 كيلومتر من الأنفاق”، مضيفا “تخيلوا عدد الرهائن الذين يمكن وضعهم في الداخل ثم نقلهم”.
ولفت إلى أنه في هذا الكم الهائل من المعلومات التي استحصل عليها “هناك أمور كنا نعرفها وأخرى جديدة. يعطوننا كميات منها وعلينا أن نجد ما يثير الاهتمام”.