لإنهاء الأزمة الليبية.. لا مؤشرات على نجاح مبادرة باتيلي الجديدة
تصطدم مبادرة عبدالله باتيلي المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا الجديدة بدعوته إلى طاولة خماسية بضغوط تهدف إلى توسيعها إلى سداسية. ما ينذر بإخفاقها في التوصل إلى حلول لإنهاء الأزمة. التي ازدادت تفاقما إثر إصدار البرلمان الليبي لقوانين انتخابية اعتبرها المجلس الأعلى للدولة الليبي “باطلة”.
واشترط عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي انضمام رئيس الحكومة المكلف من قبل البرلمان أسامة حماد إلى الخماسية للموافقة على مبادرة باتيلي. بالإضافة إلى شرط آخر ينصّ على أن يتضمن جدول أعمال الاجتماع تشكيل حكومة موحدة جديدة. وفق “بوابة الوسط” الليبية.
وأفاد صالح بأنه سيجتمع خلال الفترة المقبلة مع محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة .بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن الخلاف حول قوانين الانتخابات .وفقا لمخرجات لجنة 6+6 المشتركة بين مجلسي النواب والدولة الليبيين.
وصرّح تكالة خلال زيارته إلى موسكو الثلاثاء بأنه .”لا يمكن الإعلان عن موعد الانتخابات في ليبيا. إلا بعد الاتفاق على قانونها”. مؤكدا أن “الإعلان الدستوري جرى انتهاكه لذلك .نحن نعترض على هذه النسخة ونلتزم بالنص .الذي تم الاتفاق عليه في مدينة بوزنيقة” المغربية. وفق المصدر نفسه.
وكان باتيلي قد دعا قبل أسبوع الأطراف المؤسسية الرئيسية في البلاد إلى اجتماع .سيُعقد خلال الفترة المقبلة، بهدف تسوية الخلافات السياسية. التي تعرقل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية طال انتظارها في البلد الغني بالنفط.
وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أصدر مجلس النواب قوانين الانتخابات التي أقرتها لجنة “6+6” في 6 يونيو/حزيران الماضي ليجري بموجبها. انتخاب رئيس البلاد ومجلس الأمة. لكن رئيس المجلس الأعلى للدولة اعتبر التشريعات الانتخابية الصادرة عن البرلمان. “مخالفة للتعديل الدستوري” و”باطلة”.
ومنذ مطلع العام الماضي توجد في ليبيا حكومتان يرأس إحداهما أسامة حماد. بتكليف من مجلس النواب (شرق) والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة .وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
وقال مجلس النواب عبر بيان في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إنه “.يتحفظ على ما ورد بالبيان الأممي وخاصة عدم احترام البعثة لمخرجات مجلس النواب المتعلقة .بالتعديل الدستوري 13 وقرار منح الثقة للحكومة برئاسة حماد” .وانتقد عدم “دعوتها للاجتماع رغم أنها الحكومة الشرعية عقب انتهاء المدة القانونية لحكومة الوحدة”.
وفي المقابل أعرب الدبيبة عبر كلمة مسجلة بثتها منصة “حكومتنا” .”استعداده للتجاوب مع كل المقترحات بجدية لتوسيع الثقة في المهام الموكلة للحكومة في العملية الانتخابية”.
وقال المحلل السياسي الليبي محمد محفوظ إنه “بالرجوع قليلا للوراء. ومنذ مطلع السنة أعتقد أن البعثة والمبعوث الأممي متخبطون كثيرا في سياساتهم ورؤاهم ومبادراتهم”.
وتابع “تارة يدعون إلى لجنة رفيعة المستوى لإزالة .ما يعرقل إجراء الانتخابات وتارة أخرى يدعمون لقاء قادة التشكيلات العسكرية .كما دعمت البعثة لقاءات في بنغازي وطرابلس في رمضان .وفي أحيان أخرى يتحدثون عن دور للجنة 6+6 واليوم يتحدثون عن الطاولة الخماسية .وبالتالي لا أعتقد بوجود مخططات حقيقية تنتج عنها حلول”.
وأردف أن “سياسة إدارة الأزمة مستمرة وليس صنع الحل. وبالتالي هذا تكرار لذات الأفكار والأساليب التي كانت تنتهجها البعثة طوال السنوات الماضية. لذلك مسألة جمع خمسة أطراف إلى طاولة واحدة لا أعتقد أنه سينتج عنه شيء”.
وشدد على وجود “تحديات كبيرة، منها عدم قدرة البعثة على جمعهم إلى طاولة واحدة.. والأمر المهم في تقديري هو هل هؤلاء الأطراف الخمسة فقط وحدهم الموجودون في المشهد؟ لا أظن أن هذا صحيح”.
وزاد “ثمة أطراف أخرى غير مدعوة ولا أحد يمثلها من هؤلاء الخمسة. خاصة أطرافا تملك سلاحا، وبالتالي هناك شكوك حتى في قدرة الأطراف على تنفيذ ما يتفقون عليه في حال اتفقوا أو جلسوا مع بعضهم. وهذا سيناريو صعب إن لم يكن مستحيلا. ولا أظن أن هناك نتائج مرجوة”.
أما المحلل السياسي الليبي فرج فركاش فاعتبر أن. “دعوة باتيلي كانت متوقعة وألمح إليها في مناسبات عديدة. بعد تخليه عن فكرة اللجنة رفيعة المستوى. التي استبشرنا بها خيرا”.
وقال إن “هذه اللجنة كانت بمثابة عصا استخدمها باتيلي في وجه مجلسي النواب .والدولة لحثهما عبر لجنة “6+6” على الخروج بقوانين توافقية .وقاعدة دستورية تكون أساسا متينا لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة تنقلنا إلى مرحلة تتوحد فيها المؤسسات .وتتجدد فيها الشرعية السياسية عبر أجسام منتخبة من الشعب بعد انتهاء الشرعية الانتخابية لكل الأجسام الحالية”.
وتابع أن “باتيلي يحاول الآن عبر الطاولة الخماسية .تحقيق اختراق في بعض النقاط الخلافية الموجودة في القوانين الانتخابية التي خرجت بها لجنة 6+6“.
وأوضح أن “من بينها نقطة ربط إجراء .ونجاح الانتخابات البرلمانية بإجراء الانتخابات الرئاسية ومواد أخرى في قانون انتخاب الرئيس مثل ضرورة إجراء جولة ثانية بغض النظر عن نسبة الأصوات للمترشحين الأول. والثاني وهي نقطة مثيرة للسخرية”.
وبشأن الحل وسط كل تلك الخلافات قال فركاش “في ظل الانقسام الأمني .والعسكري والتنفيذي الحالي وانعدام الثقة بين الأطراف السياسية .والعسكرية يكمن الحل في تجديد الشرعية السياسية للأجسام التشريعية”.
وتابع “هذا يعني الذهاب إلى انتخابات تشريعية فقط حتى لو تبنينا قانون عقيلة لانتخابات مجلس الأمة على الأقل وهذا يشكل خطوة إلى الأمام. بدلا من العرقلة المتعمدة من صالح ومجلسه .ومن يتماشى معه من أعضاء في مجلس الدولة ومن أحزاب تسمي نفسها سياسية وهي بلا شعبية على الأرض”.
وبشأن تشكيل حكومة جديدة .اعتبر فركاش أن “الحكومة التي يصر صالح على تشكيلها لن تكون مقبولة في الغرب الليبي. ويوجد حل وسط هو تشكيل هيئة تتشارك فيها الحكومتان الحاليتان”.
وبيَّن أن هدف الهيئة “سيكون الإشراف على إجراء الانتخابات التي أرى أنها لن تنجح. خاصة الرئاسية، في ظل القوانين الانتخابية الحالية .التي تم تفصيلها بوضوح لتناسب شخصيات محددة تتخذ الشعب ووحدة بلاده ومستقبله رهينة”.