العراق.. محافظ البنك المركزي يقرّ بصعوبة معركة كبح تهريب العملة لإيران
أفاد علي العلاق محافظ البنك المركزي العراقي بأن بغداد أحرزت تقدما كبيرا في تطبيق القيود الهادفة إلى التضييق على تحويل الدولارات بصفة غير شرعية إلى إيران، لكنه أقرا بأنه يواجه معركة شاقة في ظل نظام مصرفي غير معتاد على الرقابة الصارمة وتمسك مهربي العملة بنشاطهم.
وأضاف “إنها معركة فعلا لأن المستفيدين من هذا الوضع والمتضررين من الإجراءات الجديدة سيحاولون بشتى الطرق مواصلة أنشطتهم غير الشرعية”.
ولم يذكر العلاق إيران بالاسم، قائلا إنه لا يملك بيانات حول حجم الدولارات المهربة من العراق إلى طهران أو أي بلد مجاور ومنها تركيا وسوريا، قبل تشديد الولايات المتحدة للقواعد في نوفمبر.
والإجراءات الأميركية التي تهدف إلى تطبيق عقوبات على إيران قضية حساسة في بلد عادة ما يستخدم كساحة للخصومة بين واشنطن وطهران.
وتعتمد الحكومة العراقية على حسن العلاقات مع واشنطن حتى لا تواجه إيرادات النفط والماليات اعتراضات أميركية لكنها وصلت إلى السلطة بدعم من الأحزاب الموالية لطهران وتتمتع بنفوذ كبير وبالتالي لا يمكنها أن تتحمل تبعات النأي بنفسها عن إيران.
واتهمت تلك الأحزاب الولايات المتحدة بالتدخل في الشأن الداخلي للعراق وافتعال أزمة عملة مع مواجهة الشركات والأعمال صعوبات جمة مع الإجراءات الجديدة أو عدم رغبتها في الالتزام بها وبالتالي اضطرت للحصول على الدولار من الصرافة مما خفض قيمة العملة العراقية الدينار.
وقال العلاق إن العراق لديه أكثر من مئة مليار دولار من احتياطيات العملة الأجنبية لكن لا يمكنه التدخل بحرية في السوق لخفض سعر الصرف بسبب تلك القيود.
وفي الشهر الماضي، قال مسؤولون أميركيون إن وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) منعا 14 بنكا عراقيا من تنفيذ عمليات التحويل الدولارية في إطار حملة تضييق أوسع نطاقا على تهريب الدولارات إلى إيران عبر النظام المصرفي العراقي.
وأفاد العلاق بأن هذا الإجراء مرتبط بتحويلات تعود إلى عام 2022 قبل إطلاق خدمات منصة جديدة تهدف لتحسين الشفافية، مشيرا إلى أن البنك المركزي ينفذ مراجعة للقطاع المصرفي وسيطبق قواعد جديدة قال إنها من المرجح أن تتسبب في إغلاق بعض البنوك، موضحا أنه “سيكون من الطبيعي جدا في الفترة المقبلة أن نرى انخفاضا” في عدد البنوك الخاصة.
وتابع قائلا “هناك دائما آثار جانبية ولكن في نفس الوقت علينا مسؤولية حماية مصالح البلاد من خلال محاولة إيجاد الوسائل اللازمة للمراقبة حتى لا نعرض البلاد لأي مشاكل”.
واستهدفت الإجراءات الأميركية ما يطلق عليه اسم مزاد الدولار بالعراق حيث يطلب البنك المركزي دولارات من المركزي الأميركي قبل أن يبيعها للبنوك التجارية التي تبيعها بدورها للشركات والأعمال في البلد الذي يعتمد اقتصاده بدرجة كبيرة على الواردات.
وقال مسؤولون أميركيون وعراقيون إن المزاد يسمح لجماعات تقدم فواتير مزيفة بالحصول على مبالغ كبيرة من المال بشكل غير مشروع وتحويله أو تهريبه إلى دول مجاورة على رأسها إيران.
وقال العلاق إن النظام، وهو أحد سمات الاقتصادات التي تهيمن عليها القطاعات غير الرسمية، استخدمته أيضا آلاف الشركات الصغيرة غير المسجلة لدى الدولة وهي ظاهرة منتشرة على نطاق واسع في العراق تتيح المجال لتلك الشركات للتهرب من الضرائب والجمارك.
ومنذ يناير طلب البنك المركزي من البنوك تقديم معلومات تفصيلية عن جهات إرسال واستقبال التحويلات المالية عبر منصة على الإنترنت.
وقال العلاق إن الشركات بدأت في محاولة استعمال المنصة في يناير/كانون الثاني لكن السلطات الأميركية لم توافق سوى على أقل من 20 في المئة من الطلبات. لكنه أشار أن تلك النسبة ارتفعت حاليا إلى نحو 85 في المئة بما يدل على تعود أكبر على القواعد الجديدة.
وقال العلاق إن القواعد الأكثر صرامة إضافة إلى خطط الحكومة لتعزيز الدفع الرقمي تجبر على تحول أكبر في الاقتصاد العراقي في بلد لا يزال فيه التعامل النقدي والنقود السائلة سائدا ولا يملك أغلب البالغين فيه حسابات مصرفية.
وتابع “إنها ليست مجرد منصة إلكترونية إنها ستؤدي إلى إعادة تنظيم كاملة للتجارة وحركة الأموال والسيطرة على الكثير من السبل للنشاط المشبوه”.