العيد في اليمن تحت حصار الحوثي
واجهت عائلة أحمد سيف من صنعاء أهوال القيامة للوصول إلى العاصمة المؤقتة عدن لقضاء العيد مع بقية أفراد العائلة وذلك بسبب قطع المليشيات للطرقات.
وسلكت العائلة المؤلفة من أحمد وزوجته و4 أطفال طرقا وعرة عبر أكثر من 4 محافظات للوصول إلى عدن، كان أشدها وطأة طريق “حيفان-طور الباحة”، وهي إحدى طرق الموت الذي استحدثها المدنيون بسبب قطع الحوثيين الطرقات بتعز والضالع والبيضاء ما تسبب بفصل الجنوب عن الشمال.
ويقول سيف إنه لولا مرض والدته واللحظة الحرجة التي فرضها لقاء العيد لما اضطر لتحمل مخاطر السفر والتي تضعه وعائلته على شفا الموت، بسبب ما تشهده الطرق المستحدثة من فيضانات، فضلا عن كونها منحدرات جبلية وعرة يعد عبورها مجازفة خطيرة.
وليس سيف (40 عاما) وعائلته وحدهم، فهناك آلاف العائلات التي عاشت عذاب التنقل من مناطق سيطرة المليشيات الحوثية إلى المناطق المحررة أو العكس، وواجهت معاناة شديدة من أجل الوصول إلى الديار خلال عيد الأضحى المبارك.
فخلال اليومين الماضيين عثر مواطنون على 25 جثة بعد أن جرفتها سيول الأمطار الغزيرة، وذلك على إحدى الطرق الرابطة بين صنعاء وعدن وتحديدا في طريق “حيفان- طور الباحة” الواقعة بين محافظتي تعز ولحج.
وتعد الحادثة واحدة من عشرات الوقائع ليمنيين تعرضوا للموت وهم في الطريق إلى عائلاتهم من أجل قضاء أيام العيد.
ويغلق الحوثيون طرقاً كثيرة مهمة وحيوية ليعزلوا مناطق ومحافظات بأكملها، لا سيما محافظة تعز المحاصرة متسببين بازدحام وعرقلة المسافرين وشاحنات البضائع في طرق نائية وعرة وضيقة.
ووفقا لمصادر حكومية فإن مليشيات الحوثي تغلق أكثر من 20 طريقا رئيسا في 7 محافظات يمنية منها حجة والحديدة والضالع والبيضاء ومأرب والجوف ما أجبر المواطنين على التنقل عبر طرق مميتة بديلة وغير معبدة منها جبلية وعرة وأخرى صحراوية رميلة.
ويأتي ذلك في ظل صمت الوسطاء الدوليين وعدم وقوفهم على هذه الجريمة، وذلك رغم المناشدات الحكومية والحقوقية للمجتمع الدولي التي تطالب بعدم تجاهل ملف الطرقات في المفاوضات المقبلة.
غربة داخل الأوطان
وقطّعت الحرب أرحام اليمنيين، وأصبحت صلة الأقارب والزيارات خلال العيد ضربًا من الأمنيات.
وبحسب الناشط الحقوقي اليمني مروان محمود فإن الرحلة “التي كانت تستغرق 10 دقائق أصبحت تأخذ 4 ساعات، ومن يقدر على الوقت وخطورة الطريق لا يقدر على تكاليف السفر التي تضاعفت عدة مرات خلال السنوات القليلة الماضية”.
ويضيف أن العيد يمر ثقيلا على آلاف اليمنيين البعيدين عن أهلهم وكأنهم يعيشون غربة داخل الوطن. حيث يعجز الكثير عن لقاء عائلاتهم منذ سنوات بسبب ظروف الحرب التي فرضتها مليشيات الحوثي عبر سياسات التقسيم وإغلاق الطرقات الرئيسية وتلغيمها ووضع الحواجز ونقاط التفتيش والفرز بحسب الهوية.
وأشار إلى أن مئات الآلاف من العاملين في المحافظات المحررة يرزحون تحت وطأة هذا الواقع في المحافظات الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي، وبالكاد يجنون من المال ما يكفي لإرساله لأسرهم مما يجعل السفر فوق إمكانياتهم المادية.
فصل الريف عن المدن
قطعت حرب مليشيات الحوثي أوصال البلاد إلى حد أنها فصلت الأرياف عن مدنها الرئيسية، وفق الناشط السياسي والإعلامي عبدالسلام القيسي.
ويضيف “يعجز الناس من القيام برحلاتهم إلى المناطق الريفية أو القروية المجاورة للاحتفال بالعيد مع الأهل والأصدقاء، كما يعتاد اليمني بالعودة من المدن إلى الريف كل عيد، قبل كارثة الحوثي”.
وقال “وإلى جانب هذه الكارثة فإن أسعار اللحوم والأضاحي وغيرها من المواد الغذائية والاستهلاكية المرهقة للشعب والذي لا يقبض راتبه خفضت قدرة الناس على الشراء وحرمتهم من الوفاء بعادات عيد الأضحى المبارك التقليدية، والتي تقدم لضيوف العيد، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى الأسواق والمراكز التجارية في بعض المناطق بسبب حصاره لبعض المدن”.
وببقاء الحرب الحوثية المستمرة وتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، فإن غالبية الشعب يعانون من صعوبات كبيرة لتأمين المستلزمات الضرورية للاحتفال بالعيد.
بالرغم من هذه المصاعب، فإن اليمنيين يحاولون الاحتفال بعيد الأضحى بالطرق التقليدية التي تناسب وضعهم الراهن، ويشعرون بالفرح والسعادة بقدر الإمكان في هذه المناسبة الدينية الهامة يحدوهم الأمل بالخلاص القريب من جحيم الحوثيين.