اعتقال قيادي سابق في «النهضة» التونسية
قامت قوات الأمن التونسية ليل الاثنين الثلاثاء عبدالمجيد الزار القيادي السابق في حركة النهضة الذي كان يترأس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
وتشير المعطيات الأولية إلى أن اعتقال الزار يأتي بسبب إدارجه على قائمة التفتيش في قضية تتعلق باستغلال سيارة تابعة لاتحاد المزارعين.
وفقد الزار رئاسة المنظمة الفلاحية بعد أن سحبت منه الثقة من طرف أعضاء مجلسها المركزي خلال جلسة انعقدت في 18 ماي من العام الماضي، لكنه رفض الاعتراف بالقرار معتبرا أنه باطل.
ويواجه الرئيس السابق للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري تحقيقا في قضية فساد تعود إلى يناير الماضي 2022 وتتعلق بشبهات ارتكاب “جرائم الاحتكار والخيانة الموصوفة والاستيلاء على أموال عمومية”.
وطلبت وزيرة العدل ليلى جفال التحقيق في القضية التي رفعتها الهيئة الجديدة لاتحاد المزارعين، فيما نفى الزار الاتهامات الموجهة إليه، معتبرا أن منعه من دخول مقر المنظمة من طرف الأمن “تجاوزا” وإخلالا قانونيا”.
وأكد الزار مرارا أنه لم تعد له أي علاقة بالنهضة، لافتا إلى أنه استقال من مجلس شورى الحركة في العام 2012، مشددا على أنه يحاسب من أجل انتمائه السابق إلى الحركة.
وأطلقت السلطات التونسية في فبراير الماضي حملة اعتقالات واسعة شملت العديد من الشخصيات والوزراء السابقين في قضايا تتعلق بشبهات الفساد والتآمر على أمن الدولة. لكن محامي الموقوفين أكدوا أن التهم الموجهة إلى منوبيهم لا تستند إلى قرائن. مشيرين إلى أن الإيقافات تمت بناء على تعليمات من السلطة السياسية وأن الملفات فارغة.
وأكد الرئيس التونسي قيس سعيد في تصريح سباق أن “تونس تشهد اليوم حرب تحرير وطنية ضد الفساد لضرب الفاسدين الذين لا وطنية لهم دون هوادة ولا رجعة في ذلك”.
وتعدّ محاسبة الفاسدين أهمّ المطالب التي يرفعها أنصار قيس سعيد منذ الإعلان عن تدابيره في 25 يوليو 2021، مؤكدين أن لا أحد فوق القانون.
وبينما يشدد سعيد مرارا على استقلال السلطات القضائية، فإن المعارضة تتهمه باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءاته الاستثنائية، ما تسبب في أزمة سياسية حادة.
وأعلنت هيئة الدفاع عن قادة سياسيين موقوفين في إطار حملة الاعتقالات الاثنين التقدم بشكويين ضد وزيري العدل ليلى جفال والداخلية السابق توفيق شرف الدين تتعلقان بـ”بالإيهام بقضية غير موجودة واستخدام هاتف موقوفة خلال احتجازها”.
وواجه قيس سعيد منذ فتحه ملف المحاسبة ضغوطا خارجية كبيرة، إذ انتقدت مجموعة من المنظمات الحقوقية الدولية وعدد من الدول الغربية ومن بينها فرنسا والولايات المتحدة حملة الاعتقالات، معتبرة أنها تستهدف الحريات وتهدد المسار الديمقراطي في تونس.
ووصف الرئيس التونسي المعتقلين بـ”المجرمين و”الخونة” و”الإرهابيين”، محذرا القضاة من أنه من يطلق سراح المجرمين سيكون شريكا لهم، لكنه أكد حرصه على أن تكون المحاكمات عادلة.
وبدوره أعرب البرلمان الأوروبي في مارس الماضي عن “القلق العميق من التحول الاستبدادي للرئيس سعيد واستغلاله للوضع الاجتماعي والاقتصادي السيئ في تونس لعكس مسار التحول الديمقراطي التاريخي في البلاد”. داعيا السلطات التونسية إلى الإفراج عن جميع “المعتقلين تعسفيا واحترام حرية التعبير” ووضع حد لما أسماها “الحملة المستمرة على المجتمع المدني في البلاد”.
كما حذّرت منظمات عديدة من أن ينعكس الوضع السياسي الحالي على علاقة البلاد بالمانحين الدوليين في وقت تعاني فيه أزمة اقتصادية خانقة وتستعجل اتفاقا مع صندوق النقد الدولي لصرف قرض بقيمة 1.9 مليار دولار تعول عليه كثيرا لمجابهة تداعيات الضائقة المالية.