الرئيس التونسي يرفع التمثيل الدبلوماسي مع سوريا.. التفاصيل
قرر الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الخميس رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في سوريا. وتعد هذه الخطوة أوضح إشارة على احتمال إعادة تونس تطبيع العلاقات الدبلوماسية بالكامل مع دمشق وسط زخم تضامن عربي مع سوريا على إثر زلزال مدمر خلف آلاف القتلى والجرحى.
فمنذ يوم الاثنين وتدفقت على مطار العاصمة السورية عدة طائرات عربية محملة بمساعدات إغاثة، في خطوة أعطت انطباعا بأن الكارثة الإنسانية واحدة. وأن أسوأ المحن التي تمر بها سوريا بعد محنة الحرب، قد تفتح الأبواب لتفكيك عزلة النظام السوري بعد أكثر من عشر سنوات من القطيعة.
وقد كانت تونس قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا احتجاجا على قمع نظام الرئيس بشار الأسد للاحتجاجات المناهضة لحكمه قبل أكثر من عشر سنوات.
ثم أعادت تونس إلى سوريا بعثة دبلوماسية محدودة في 2017 سعيا لتعقب أكثر من ثلاثة الالاف مقاتل تونسي متطرف في سوريا.
وأعقاب لقاء الرئيس التونسي وزير الخارجية الجديد نبيل عمار الذي تسلم مهامه للتو خلفا لعثمان الجرندي قال الرئيس التونسي في بيان “قضية النظام السوري هي شأن داخلي يخص السوريين بمفردهم“. مضيفا “السفير يعتمد لدى الدولة وليس لدى النظام“.
ويرى محللون أن الرئيس السوري بشار الأسد يسعى لتحقيق مكاسب سياسية من الزلزال الذي دمر أجزاء كبيرة من سوريا وتركيا ويضغط من أجل إرسال مساعدات خارجية عبر الأراضي السورية للتحرر تدريجيا من العزلة الدولية المفروضة عليه.
وقد تحدث الرئيس التونسي عن عديد المحطات التاريخية التي عاشتها سوريا منذ بداية القرن العشرين والترتيبات التي حصلت منذ ذلك الوقت لتقسيمها.
وتطرق إلى التجربة الدستورية السورية وكيف تم حصار المجلس الذي كان سيضع دستورا سوريا وما تبعه من أيام دامية نتيجة رفض السوريين لأي تدخل أجنبي.
وفي إطار التضامن مع الشعب السوري بعد الزلزال الذي خلف آلاف الضحايا والجرحى أرسلت تونس طائرة ثالثة إلى سوريا تحمل مساعدات إنسانية عاجلة وفرق نجدة وإنقاذ وفرقا طبية مختصة.
وقد ساهم في توفير المساعدات إنسانية عدد من مؤسسات الدولة ومنها الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي والهلال الأحمر التونسي، وتضمّ شحنات الطائرات الثلاث تتمثل في 28 طنا من المواد الغذائية والأدوية وحليب الرضع والأغطية والملابس.
وأرسلت، أيضا طائرتين محملتين بالمساعدات الإنسانية العاجلة وفرق مختصة من أفراد النجدة والإنقاذ وطواقم حماية مدنية وطواقم طبية إلى الشعبين السوري والتركي.
وتشي الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها سعيد في 25 يوليو 2021، بأن تونس تعمل على تغيير سياستها الدبلوماسية مع سوريا.
وعرف تونس في العقد الذي هيمن عليه الإسلاميون بقيادة حركة النهضة، التحاق آلاف الجهاديين التونسيين بالتنظيمات المتطرفة منهم من قتل ومنهم من اعتقلته قوات النظام السوري وبعضهم عاد إلى البلاد.
ويعد قرار الرئيس التونسي بينما ينظر القضاء في واحدة من القضايا الإرهابية المعقدة تتعلق بتسفير الجهاديين التونسيين إلى بؤر التوتر والذين قدرت الأمم المتحدة عددهم في السنوات التي أعقبت اندلاع النزاع السوري بما بين 5 إلى 6 آلاف جهادي.
ويتم التحقيق القطب القضائي لمكافحة الإرهاب مع قيادات في حركة النهضة بشبه التورط في ملف التسفير ومن بينهم نائب رئيس الحركة رئيس الحكومة الأسبق علي العريض.
العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، قد تفيد كثيرا التحقيقات المتعلقة بتسفير الجهاديين التونسيين إلى سوريا وقد تفتح الكثير من الملفات مع وجود معتقلين تونسيين من تنظيم الدولة الإسلامية في سجون النظام السوري.
وغالبا، فأن النظام السوري يمتلك الكثير من الملفات التي قد تفيد تونس في مكافحة الإرهاب، بعد أن بثت وسائل إعلام سورية رسمية خلال السنوات الماضية شهادات لجهاديين تونسيين كشفوا فيها رحلة السفر إلى سوريا من بداية التجنيد والاستقطاب إلى مراكز التجميع في ليبيا وصولا إلى نقلهم في رحلات جوية على متن طائرات تابعة لشركة أحدثها أحد أمراء الحرب وقائد سابق في الجماعة الليبية المقاتلة، إلى مرحلة دخول الأراضي السورية عبر الحدود من تركيا دون عراقيل.
وأفاد المعتقلون التونسيون في تلك الشهادات أنه جرى تسهيل سفرهم إلى ليبيا ومنها إلى اسطنبول حتى دخول الأراضي السورية، دون عراقيل.
وقد سبق لقيادات سياسية من المعارضة أن اتهمت حركة النهضة بالتورط في تسفير جهاديين، وهي ما نفته مرارا، بينما أعيد مؤخرا فتح الملف الذي ظل حبيس الرفوف حين كان القيادي في حركة النهضة نورالدين البحيري وزيرا للعدل.
وقبل هذا، تم اعتقال البحيري واخضاعه للتحقيق قبل أن يمنح سراحا شرطيا مع المنع من السفر وذلك على ذمة التحقيقات ومنها ما يتعلق ببيع الجنسية التونسية وجوازات سفر لأجانب.
ويرجح أن عين تونس على الاستفادة من التمثيل الدبلوماسي في سوريا، لكن الأرجح يعد قرار سعيد ضمن جهود تونس لمكافحة الإرهاب تسفير الجهاديين.