بوفاة مهندس العلاقات إبراهيم منير… هل فقدت إيران حلقة الوصل مع الإخوان؟
خلال السنوات الماضية ظهرت وثائق مسربة تُؤكد صحة العلاقة بين الإخوان وبين نظام الملالي في إيران، إذ إن كِلا الطرفين لديه مخطط قائم على تكوين “إمبراطورية إسلامية”.
ولعب “منير” الدور الأكبر والأبرز خلال العشر سنوات الأخيرة، لتوطيد العلاقة بين قادة الإخوان في أوروبا ونظام المرشد في إيران. حتى أطلق عليه “مهندس علاقة الود القائمة بين الإخوان والحرس الثوري الإيراني”. ونظرًا للدور الذي لعبه «منير» في توطيد أواصر العلاقة مع نظام الملالي، شبهه عدد من المراقبين بـ”يوسف ندا” القيادي بالتنظيم الدولي للإخوان والمسؤول الأول بالجماعة عن التواصل مع إيران. حتى إنه أطلق عليه “عرّاب العلاقات الإيرانية – الإخوانية”، وكان من أوائل قيادات الجماعة التي قامت على رأس وفد بزيارة إلى إيران ولقاء أول رئيس لها عقب نجاح الثورة الإسلامية عام 1979، وتكشف اللقاءاتُ الإستراتيجيةُ بين «منير» ونظام الملالي، عن مدى تبادُل المصالح والمكاسب المشتركة.
تركيا 2014
في السياق ذاته، شهد عام 2019، الكشف عن وثائق سرية مسربة للاستخبارات الإيرانية. عن لقاء جمع قيادات من جماعة الإخوان على رأسهم نائب المرشد العام للجماعة «إبراهيم منير» والقيادي بالتنظيم الدولي للإخوان «محمود الإبياري». وعدد من المسؤولين الإيرانيين وتحديدًا من “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، وذلك في إبريل 2014 بالعاصمة التركية أنقرة. وجرى خلال هذا اللقاء السري مناقشة عدد من ملفات المنطقة، خاصة سوريا، والعراق. كما تطرق إلى تنفيذ مخطط لاستهداف أراضي المملكة العربية السعودية، وبعد مرور شهر من الإعلان عن هذا اللقاء السري. خرج «منير» ليؤكد صحة حدوثه بالفعل عام 2014. قائلًا خلال لقاء له مع قناة إخوانية تُبثّ من العاصمة لندن: “نعلم أن إيران تحترم جماعة الإخوان وتقدر مصداقيتها ومواقفها. وكانت فرصة أن نظهر لهم رأينا وأبعاد مواقفنا، وشدّدنا تمامًا على أننا مع العمل لصالح الإسلام والمسلمين واستقرار المنطقة”.
لندن 2017
وبعد اللقاء الأول بـثلاثة أعوام استضافت العاصمة البريطانية لندن، المؤتمر الدولي العاشر لمنتدى الوحدة الإسلامية. والذي ضم عددًا من القيادات الإخوانية والشيعية، من بينهم، «إبراهيم منير»، و«جمال بدوي» مدير مؤسسة الإعلام الإسلامي في كندا. بجانب عدد من القيادات الشيعة المقربة من المرشد الإيراني «علي خامنئي»، على رأسهم، أمين عام المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب «محسن الآراكي» والقيادي الشيعي الإيراني «أحمد الحسني». وبعد أربعة أيام من انتهاء المؤتمر، نشرت وسائل إعلام بريطانية في 26 يوليو 2017، صورًا تجمع «منير» و«بدوي» مع القيادات الإيراني. الشيعية خلال لقاء استضافته مؤسسة “أبرار الشيعية” في لندن. وخلال هذا اللقاء ناقش «منير» مع «الآراكي» سُبل إقامة تحالف إستراتيجي بينهم من خلال العمل بشكل مستمر على عقد مثل هذه الندوات والمؤتمرات.
ملاذ بديل
جهود الإخوان في التحالف مع النظام الإيراني تزامنت مع اتجاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال العامين الماضيين لمحاولة التقارب مع بعض الدول العربية. وعلى رأسها مصر، حيث بدأ في تضييق الخناق على جماعة الإخوان وطرد عدد من قاداتها. وأغلق قنواتهم التي كانت تُبث من الأراضي التركية، وكشفت مصادر في مايو 2021. أن قيادات من التنظيم الدولي للإخوان على رأسهم «إبراهيم منير» أجروا عدة اتصالات مع مسؤولين من الحرس الثوري الإيراني، لطلب المساعدة منهم لتوفير “ملاذ بديل” لعناصرهم الذين طردتهم تركيا، وتقديم دعم لوجيستي لهم. خاصة أن إيران بها فرع للإخوان ممثل في “حزب الإصلاح والدعوة”، ولذلك كان من الطبيعي وفقًا لما أعلنته المصادر أن ترحب طهران بطلب الجماعة الإخوانية.
تاريخ مشترك
مراقبون أكدوا أن بعض القيادات الإخوانية رشحت إيران كوجهة تالية، نظرًا لخبراتها في توفير ملاذات آمِنة لبعض الشخصيات المتطرفة في السابق. وللتقارب الفكري بين النظام الحاكم في إيران وتنظيم جماعة الإخوان الإرهابية. ولا يمكن فهم العلاقة بين الإخوان والنظام الإيراني دون الرجوع إلى تاريخهما المشترك. إذ تعود الروابط بين رجال الدين في إيران والجماعة إلى ما قبل تأسيس ما يعرف بـ“الجمهورية الإسلامية” عام 1979، حيث تتلاقى المفاهيم الأيديولوجية والأفكار والمرجعيات لكل منهما.
ويتفق الإخوان والنظام الإيراني على الفكرة الأساسية للإسلام السياسي وهو الوصول إلى سدة الحكم. وجمع كل المسلمين والأراضي الإسلامية (الدولة – والأمة) تحت عنوان (الخلافة – الإمامة) مرتكزين على مفهومين. الأول الحاكمية للسُّنة والثاني ولاية الفقيه للشيعة الإثنى عشرية وكلاهما وجهان لعملة واحدة. كما يلتقي الطرفان في ضرورة حمل السلاح لتطبيق أفكارهما الأيديولوجية؛ ففي الفكر الإخواني. قامت الجماعة بتأسيس “النظام الخاص”، وهو جهاز قام باغتيال شخصيات حكومية. فيما قام أحد رجال الفكر الإيراني، بتأسيس جماعة “فدائي إسلام” التي قامت أيضًا باغتيالات لصالح الفكرة.