تاريخ الإخوان المسلمين مليء بالكذب والخداع، سواء منذ نشأة التنظيم على يد مؤسسه الأول حسن البنا، أو على يد أتباعه الذين امتهنوا الكذب حتى بات ملاصقًا ومرادفًا لهم.
لقد وجب أن نُطلق عليهم “الإخوان الكاذبون” وليس كما أطلق عليهم مرشدهم الأول قبل تسعين عامًا “الإخوان المسلمون”.. إذ تلجأ جماعة الإخوان للكذب عندما تشعر بالضعف، فهو حيلة التنظيم للحفاظ على ما تبقى منه، فسبق وادّعى التنظيم في عهد مؤسسه الأول أنه تنظيم “دعوي”، حتى إذا ما شعر بالقوة العددية بعد أن انضم إليه آلاف المصريين في نهاية عشرينيات وبداية ثلاثينيات القرن الماضي، قام حسن البنا في المؤتمر الخامس بمفاجأة الأتباع والأعضاء، والدولة في الوقت نفسه، بتحول جديد في الجماعة، وهو العمل في السياسة!
ما أعلنه مؤسس الجماعة عام 1938 لم يكن تحولًا دراماتيكيًا في عمل التنظيم، كما يظن البعض، ولكنه كان إعلانًا عن نية المؤسس، التي أخفاها منتظرًا الظرف المناسب وأعلن عنها بعد ذلك، وهنا كانت الكذبة الكبرى للمؤسس، الذي قرر إنشاء مليشيا مسلحة للجماعة أو “جناحًا عسكريًّا” أطلق عليه وقتها “النظام الخاص”.
لم ينتهِ كذب المؤسس الأول للتنظيم عند هذا الحد، بل فوجئنا بتوجيهه الأتباع بالقتل والتفجير، ومن ضمن ما أمر به قتل رئيس وزراء مصر ووزير داخليتها، محمود فهمي النقراش، في عام 1948 داخل بهو وزارته، وسارع “البنا” بعد الحادث بإصدار بيان سمّى فيه القتلة بأنهم “ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين”.
العجيب أن حسن البنا نفسه، الذي ادّعى عدم علمه بتنفيذ عملية قتل رئيس وزراء مصر على يد الإخوان، هو مَن أنشأ الجناح الملسح للجماعة، وبالمناسبة استمر هذا الجناح في تنفيذ عمليات الاغتيال دون توقف بعد قتل “النقراشي”، كما أن “البنا” لم يصدر قراره بإيقاف العمل المسلح بعد ذلك، فقد مات والنظام الخاص يمارس إرهابه، واستمرت الجماعة تمارس كذبها هي الأخرى، كما كانت وما زالت تمارس عنفها.
الكذب والخداع والمراوغة، التي مارسها المؤسس الأول حسن البنا، مارسها مرشدو الإخوان وقادة التنظيم من بعده، فتصريحات التنظيم تخالف تمامًا واقعه، وهو دليل على كذب هذه القيادات، فالجماعة التي ادّعت عدم وجود عَلاقة لها بالعنف هي التي استخدمت العنف بشراسة في مصر بعد عام 2013، ليس ذلك فحسب، ولكنها شرعنت هذا العنف.
دلّست الجماعة كعادتها بادعاء أنها لا علاقة لها بالعنف، واعتمدت على الذاكرة المنسية للنّاس، فوسط تصريحاتها وممارساتها في السابق للعنف أعادت الكرّة عندما أنشأت عددًا من المليشيات المسلحة، منها على سبيل المثال “سواعد مصر”، “حسم”، “لواء الثورة”، و”كتائب حلون”، وغيرها من المليشيات، وللمفارقة تم ذلك بإشراف محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد ورئيس اللجنة الإدارية العليا، التي كانت تدير التنظيم آنذاك.
قرار استخدام الإخوان العنف لم يكن فرديًّا، وإنما صدر من مؤسسة التنظيم كانت تسمى “اللجنة الإدارية العليا”، وهي المعنية بإدارة شؤون التنظيم، وكانت بديلًا لمكتب الإرشاد في هذا الوقت، وكان يتولى المسؤولية فيها عضو مكتب الإرشاد، محمد كمال، الذي بارك العمل المسلح وأقنع المكاتب الإدارية للإخوان في كل المحافظات المصرية بهذه الممارسة الدموية.
المدهش أنه بعد ممارسات الإخوان العنف قديمًا وحديثًا يخرج علينا القائم بأعمال مرشد الإخوان، إبراهيم منير، في حوار أجرته معه وكالة “رويترز” يدّعي فيه أن التنظيم لا علاقة له بالعنف، فعن أي تنظيم يتحدث؟ وبأي وجه يكذب “منير” على المصريين، الذين عانوا وما زالوا من عنف التنظيم وإرهابه؟!
يستمرئ الإخوان العنف والكذب معًا، وربما يبررون هذا الكذب من الناحية الشرعية، مستخدمين “التُّقية” في ذلك، فتارة يدّعون أنهم لن يشاركوا في الانتخابات الرئاسية بمصر عام 2012 ثم يدخلون هذه الانتخابات، وقبلها أعلنوا أنهم لن يسيطروا على البرلمان، ثم إذا بهم يعقدون تحالفًا مع تنظيمات الإسلام السياسي ليسيطروا به على النسبة الأكبر داخل البرلمان، وادّعوا أنهم يمتلكون برنامجًا للنهضة، ثم فاجؤوا المصريين بأنهم لا يملكون أي برامج، حتى إن مرشدهم محمد بديع أعلن أن برنامجهم السياسي سوف يقوم على عدم السرقة! فيما حاول الإخوان أن يسرقوا وعي الشعوب، فسقط الإخوان عندما نهضت هذه الشعوب بوعيها.
الإخوان يمارسون الكذب على المستوى الداخلي، أي داخل تنظيمهم، كما أنهم يمارسون الكذب على النّاس العادية خارج التنظيم، فسبق وزوَّروا تاريخهم حتى يعيدوا إنتاج أنفسهم بعدما قتلوا وفجّروا، حاولوا تغيير هذه الصورة ومحوها من ذاكرة الشعوب، صحيح نجحوا بعض الوقت، ولكن أدركت الشعوب العربية في كل مكان كذبهم وقدرتهم الفائقة على هذا الكذب.
عجيب أنْ يُطالب الإخوان غيرهم بالصدق، بينما يكذبون ليل نهار على أنفسهم وغيرهم، وخير دليل على ذلك اتهام الجبهات المتصارعة داخل التنظيم بعضها بالكذب والتدليس.
لقد أدين الإخوان وفق أحكام قضائية نهائية وباتّة باستخدامهم العنف والإرهاب، ولن يستطيع الإخوان أبدًا أن يتخلصوا من منهج العنف المخلوط بالكذب إلا إذا خرجت أنفاسهم من أجسادهم.