سياسة

الصومال الجديد والحكمة الإماراتية

محمد فيصل الدوسري


بعد أن تولى الرئيس حسن شيخ محمود زمام السلطة في الصومال، اتخذ من دولة الإمارات مُنطلقًا لزياراته الخارجية.

عاصمة السلام والتعايش، أبوظبي، هي أول عاصمة يزورها الرئيس الصومالي الجديد منذ بداية عهده، ليعكس الاختيار بوادر إيجابية جدا من الرئاسة الصومالية لإعادة العلاقات الإماراتية-الصومالية إلى مسارها الطبيعي، والذي سيفتح عهدا جديدا من مجالات التعاون بين البلدين على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي.

لم يتوقف الدعم الإماراتي الإنساني والتنموي إلى الصومال، بالإضافة إلى الدعم الدفاعي والأمني في مواجهة مليشيات الإرهاب والتطرف، تحديدًا حركة الشباب الإرهابية، طوال السنوات الماضية، سواء في فترة حسن شيخ محمود الرئاسية الأولى، أو في مرحلة تولي نظام “فرماجو” السابق السلطة، والذي عزل الصومال عن محيطه ونسيجه العربي، لعل وعسى يساعد ذلك في بقائه بالسلطة، ما خلّف توترًا في علاقات الصومال بمحيطه العربي، إلا أن الحكمة الإماراتية أبقت الباب مواربًا.

ومع تولي الرئيس الصومالي الجديد، جعل من استعادة الصومال علاقاتها الدبلوماسية مع الدول العربية المحورية المؤثرة هدفًا لمساعدة الصومال في جهوده لاستعادة الأمن والاستقرار في مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية.

واتسمت سياسة الرئيس الصومالي الجديد، والذي سبق له تولي مقعد الرئاسة بين عامي 2012 و2017، بالتوازن في العلاقات الدبلوماسية، تحديدًا مع دول الاعتدال العربي، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي قدمت الكثير للصومال الشقيق منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي.

ويبدو أن انتخاب البرلمان الصومالي للرئيس الجديد للمرة الثانية راجع لشخصيته، التي عُرفت بالهدوء والقدرة على تحقيق التوافق ما بين الأطياف الصومالية كافة، وهذا ما يفسر شعاره الانتخابي، الذي استخدمه: “صومال متصالح مع نفسه ومتصالح مع العالم”، ما يعكس استراتيجية سياسة الصومال في المرحلة القادمة، والتي يمكن تلخيصها في قطع الطريق على أجندات القوى الخارجية الظلامية، وتأسيس عهد صومالي جديد من التوافق الداخلي، واستعادة العلاقات الدبلوماسية الخارجية، للمُضي قُدُمًا في طريق التنمية والازدهار.

جاءت زيارة الرئيس الصومالي الجديد إلى الإمارات، ولقاؤه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، لتنطلق باكورة بشائر الخير الصومالية من الإمارات، حيث تم الاتفاق على مبادرات إماراتية تُسهم في دعم الشعب الصومالي، بدءًا من منحة 20 مليون درهم لمواجهة ملف الجفاف، وتسهيل إجراءات دخول المواطنين الصوماليين إلى دولة الإمارات، بالإضافة إلى الدعم الصحي عبر إعادة افتتاح “مستشفى الشيخ زايد” في العاصمة مقديشو، والذي كان يقدم الخدمات الصحية مجانًا، لتتجلى الحكمة الإماراتية، التي أرساها المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، طيّب الله ثراه.

فالمبادرات الإنسانية والخيرية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، يشهد لها العالم أجمع، إذ ظلت أيادي الخير الإماراتية ممدودة إلى الصومال، وستنطلق إلى آفاق مزدهرة في العهد الصومالي الجديد، الذي سيجد -عبر الدعم الإماراتي- كل أبواب دول الاعتدال العربي والعالم مفتوحة أمامه، ليستعيد الصومال عافيته وموقعه الفاعل في المنظومة الدولية.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى