تصدُق في مليشيا “الحوثي” مقولة “أفلح إن صدق”، التي يراد بها اليقين التام بأنها لن تصدُق ولن تُفلح أبدا.
فها هو التطبيق العملي للهدنة، التي أعلنت الأمم المتحدة دخولها حيز التنفيذ في اليمن بدءاً من 2 أبريل الجاري ولمدة شهرين، يتم اختراقه بعد ساعات، من قِبل مليشيا الحوثي الإرهابية، وبأسرع مما توقع الجميع.
فللحوثيين “سوابق” معروفة في عدم الالتزام باتفاقات كثيرة.. فهم يتصرفون طبقا لمبادئ المليشيا والعصابات.. لذا فلا يجب الاستبشار أو التفاؤل بأن ينتهج الإرهاب سلوكا غير الذي يليق به واعتادَهُ.
لم يستغرب العارفون بسيرة مليشيا الحوثي الإرهابية وطباعها السياسية أن تخرق الهدنة بهذه السرعة، وكأنها بذلك تؤكد تلك المخاوف والشكوك التي رافقت الإعلان الأممي عن الهدنة، فيبدو أن أمر الالتزام بالاتفاق من الصعب أن يحدث من الحوثيين.
ما يهم الآن أن يكون العالم أجمع سمع وعرف وآمن بموقف الحوثي الحقيقي في فنون التلاعب بالمساعي والجهود الدولية لإنهاء حالة الحرب في اليمن، فكل الخيارات الدبلوماسية أتيحت له لوقف الحرب من أجل خدمة الإنسان اليمني، ولكن ربما سلوكه الأصيل لا يمكن تغييره حتى لو جاءت المبادرات لدواعٍ إنسانية وروحانية، كون الهدنة جاءت مع بدء شهر رمضان الكريم.
سرعة خرق الهدنة ترمومتر أو مؤشر، ليس فقط في عدم الوثوق بالحوثي في الحديث عن مدد زمنية طويلة للهدنة، بل في عدم الوثوق بكلامه أصلا.
لقد اعتقد البعض أن الهدنة الأممية بمثابة خطوة إيجابية نحو تخفيف معاناة اليمنيين ورفع المأساة، التي يعيشها هذا البلد منذ سنوات، لكن عدم التزام مليشيا الحوثي الإرهابية يُفقد أي اتفاق معها مصداقيته، بل إن تصرفها هذا أكد مُجدداً للأمم المتحدة والعالم حقيقة الطرف الذي يعرقل إنهاء الأزمة في اليمن ويعيق التوصل إلى حلول، بل ويعمل على استمرار المأساة الإنسانية التي يعانيها اليمنيون بحجج واهية وتبريرات زائفة.
ومع أنه عادة ما يتم الربط بين سلوكيات الحوثي في اليمن بتطورات العلاقة الأمريكية-الإيرانية من حيث التصعيد والتخفيف، كون هذه المليشيا مدعومة إيرانيا، فإنه من المهم لنا كذلك ألا نعوّل على أي منطلقات سياسية أو إنسانية أو أخلاقية للحوثي، فلا رغبة للمليشيا في أي تهدئة للأوضاع في اليمن، فهي تتحرك وفق أجندة تخريب إيرانية، ولا يردعها إلا العمل العسكري من قبل قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية.
فالحديث الواقعي هنا عن مليشيا لا تريد خيرا لشعب اليمن، ولا تهتم لأمر الدولة اليمنية بقدر ارتباطها بتطورات العلاقة الإيرانية مع العالم الخارجي من منطلق الولاء.
بعد كل هذه الاختراقات المعلنة والسريعة للمبادرات الدولية والخليجية، هل ما يزال هناك في العالم مَن هو مقتنع بالحوار كأسلوب للتفاهم مع مليشيا الحوثي الإرهابية؟