لم يكن الإرهاب يوماً محصوراً بفكرٍ أو عرقٍ أو جماعةٍ معينة.
إذ إنّ أبسط تعريف للإرهابِ يكمن في أنه: كل عنفٍ مسلّحٍ يُرتكبُ لأهدافٍ سياسيّةٍ أو فلسفيّةٍ أو أيديولوجيّةٍ أو دينية، مخالفاً القانون الإنسانيّ الذي يمنع استخدام الوسائل الوحشية والبربرية لمهاجمةِ أهداف بريئةٍ أو أهداف ليس لها قيمةٌ عسكريّة.
ولا يشكُّ عاقلٌ بأنّ كل ما يشتمله هذا التعريف ويصفه ينطبقُ على الممارسات الهمجية والعدوانية التي تنتهجها مليشيات الحوثي، بل إنّ هذه المفردات الواردة في التعريف ليست إلا غيضاً من فيض الأعمال الإرهابية التي ترتكبها هذه الجماعة المتطرفة كل لحظةٍ.
هذا من حيث المبدأ القانوني والأعراف الدولية والإنسانية والقوانين الاجتماعية والسياسية، كون ممارسات المليشيات الحوثية تعارض كل الأدبيات الإنسانية والحضارية بتمثيلها الإرهاب بكل فظائعه، أما من حيث الضرورة الواقعية والأخطار الفعلية على المديين القريب والبعيد، فإنّ إعادة تصنيف الحوثي على قائمة الإرهاب تعدّ ضرورة قانونيّة وأخلاقيّة وإنسانية للأسباب الآتية:
أولاً: بقاء مليشيا “الحوثي” خارج قائمة الإرهاب يعزّزُ أعمالها الإرهابية التي تهدف إلى ضرب اليمن واليمنيين دولةً وشعباً، كما يسهم في تمادي المليشيات في تهديد أمن المنطقة ودول الجوار، وذلك لاستغلال بعض الجهات الدولية والإقليمية لعدم تصنيف المليشيات كجماعة إرهابية من أجل دعم نشاطاتها العدوانية واستخدامها كورقةٍ سياسية في المحافل الدولية، بغية تمرير الأجندات على حساب اليمن واليمنيين وأمن المنطقة ككلٍّ.
ثانياَ: عدم إدراج المليشيات على قائمة الإرهاب على الرغم من اعتراف العالم أجمع بأنّها جماعة متطرفة ومارقة على كل الأعراف والقوانين الدولية، يفتح للمليشيات باباً واسعاً لتمويل أنشطتها الإرهابية، باستغلال المجتمع الدولي والمنظمات الأممية الإنسانية والإغاثية، فعدم تصنيفها إرهابية يُلزمُ المنظمات الدولية بالتعامل معها للقيام بمهامها الإغاثية، وهو ما تستغله المليشيات بسرقة تلك المساعدات، سواء كانت غذائية أو طبية أو تعليمية، وحرمان محتاجيها من اليمنيين ببيعها في الأسواق السوداء لتمويل أنشطتها، أو استخدامها في الأنشطة العسكرية كمواد تموينية لعناصرها على حساب أطفال ونساء اليمن.
ثالثاً: خُلُو قائمة الإرهاب من المليشيات الحوثية جعلها تتصرّفُ كأنها الحكومة الشرعية لليمن، لا مجرد جماعة مناهضة للشرعية خارقة لقوانين البلاد وأعرافها السياسية والمدنية والاجتماعية، لتتعدى ذلك إلى الخروج على القوانين الدولية، ونسف كل المبادئ والتشريعات الناظمة لحسن الجوار، والحفاظ على أمن المنافذ البحرية اليمنية، وتسهيل أعمال التجارة العالمية، إذ لا هدف لها سوى تنفيذ العمليات الإرهابية من اعتداءات وسرقة وقرصنة وسلبٍ ونهبٍ وضربٍ، لكل ما يمكن ليدها أنْ تطاله داخل اليمن وخارجه، في منافذه البحرية وموانيه وعلى حدوده.
رابعاً: التجاهل الدولي لاعتبار جماعة الحوثي إرهابيةً يهدد الأمن الإقليمي والعالمي، سواء من خلال ضرب المصالح الدولية في الممرات المائية على البحر الأحمر، أو الاعتداء على الدول المجاورة، أو البحث عن موارد تمويل أخرى عبر شبكات الاتجار بالبشر والمخدرات والسلاح في العالم أجمع، فهذه من أخطر النشاطات التي تمارسها المليشيات عبر استغلالها هذه الثغرة المتمثلة في عدم إدراجها على قائمة الإرهاب، لأنّ عدم إدراجها يجعلها حرّة الحركة للقيام بمثل هذه النشاطات المزعزعة للأمن العالمي.
وهذا كله يجعل من إعادة الحوثي على قائمة الإرهاب ضرورةً ملحّةً، بل إنها خطوة كان يجب اتخاذها منذ زمنٍ، وكل يوم يمر وهذه الجماعة خارج القائمة الإرهابية يُنذِر بالمزيد من العنف والقتل والدمار والتهديد لأمن المنطقة العربية والتجارة العالمية، بل وللأمن العالمي، لما قد ينتج من تعاون هذه المليشيات مع جماعات إرهابية أخرى خارج الحدود، فعلى المجتمع الدولي عموماً، والولايات المتحدة خصوصا، الإسراع في إعادة الحوثي إلى قائمة الإرهاب التي تفتقده بشدّة.