قبطان سفينة بيروت يكشف عن حقيقة الانفجار
عاشت بيروت يوما أسودا في 4 أغسطس 2020، بعد الانفجار الهائل الذي دمر العاصمة، وأوقف الحياة فيها، وقد أسفر الانفجار عن مقتل 137 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من خمسة آلاف، ودمّر أيضا المنازل وشرّد بين 250 و300 ألف شخص.
وقالت من جهتها السلطات اللبنانية بأن الانفجار كان ناتجا عن حريق اندلع بمستودع في العنبر رقم 12 بمرفأ العاصمة تخزن فيه منذ ست سنوات حوالي 2750 طناً من نيترات الأمونيوم من دون أي تدابير للوقاية.
وحسب ما أفادت به مصادر أمنية بارزة للعربية.نت، فقد كانت مادة نيترات الأمونيوم مخزنة في المرفأ، بعد أن تمت مصادرتها من طرف القضاء اللبناني منذ عام 2014، حين وصلت سفينة إلى مرفأ بيروت، وقد اتضح، بعد عطل أصابها، وجود 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم فتمّت مصادرتها وحجزها في العنبر 12.
وكشف قبطان سفينة الشحن Rhosus بوريس بروكوشيف، روسي الجنسية، يوم أمس الخميس، عن الحقيقة حيث قال في تصريحات عبر الهاتف لصحيفة نيويورك تايمز، من منتجع على ساحل البحر الأسود حيث بدأت السفينة رحلتها عام 2013: لقد شعرت بالرعب بعد مشاهدة الانفجار.
استأجرها رجل أعمال روسي
وقال بروكوشيف بأن السفينة التي كانت ترفع علم مولدوفا، استأجرها رجل أعمال روسي يعيش في قبرص يدعى إيغور غريتشوشكين، لنقل شحنة نيترات أمونيوم تزيد عن 2000 طن إلى ميناء بيرا في موزمبيق، وأشار إلى أن السفينة انطلقت من ميناء باتومي على البحر الأسود في جورجيا، وتوقفت في تركيا بسبب خلاف البحارة السابقين على الراتب، وتم التعاقد معي لاستكمال الرحلة من تركيا إلى موزمبيق مقابل مليون دولار.
ووفق مكتب محاماة لبناني يمثل الشركة، فإن الشحنة كانت في طريقها لموزمبيق لاستخدام المواد في صناعة المتفجرات، حسب ما جاء في الصحيفة ذاتها، فيما أكد القبطان بأنه لم يستطع عبور قناة السويس، لأن المالك أخبره أنه لم يعد قادراً على تأمين المال الكافي لدفعه، وطلب منه التوجه لميناء بيروت لتحميل شحنة آلات ستوفر لهم الأموال اللازمة لعبور قناة السويس، مشيرا إلى أن السفينة قد وصلت إلى لبنان بعد شهرين من إبحارها من جورجيا.
وأفاد أيضا بروكوشيف بأنه عندما وصل إلى بيروت وجد أن السفينة لن تتمكن من تحميل هذه الآلات، لأنها قديمة وبلغت من العمر بين 30 – 40 عاماً ولم تعد تتحمل المزيد من الأوزان، وقتها وحسب ما قاله القبطان، وجد المسؤولون اللبنانيون بأن السفينة غير صالحة للإبحار واحتجزوها لعدم دفعها رسوم الرسو، وعندما حاول البحارة الاتصال بغريتشوشكين مالك السفينة، للحصول على المال للوقود والمواد الغذائية وغيرها من الضروريات، لم يستطيعوا الوصول إليه. وقال بروكوشيف: على ما يبدو أنه ترك السفينة التي استأجرها.
كما أشار القبطان إلى أن ستة من أفراد الطاقم عادوا إلى منازلهم، لكن المسؤولين اللبنانيين أجبروه وثلاثة من أفراد الطاقم الأوكراني على البقاء على متن السفينة حتى يتم حل مشكلة الديون. وطبقاً لمحاميهم، فإن قيود الهجرة اللبنانية منعت الطاقم من مغادرة السفينة، وكافحوا من أجل الحصول على المواد الغذائية والإمدادات الأخرى.
أرادوا فقط الأموال
وكشف أيضا بروكوشيف إلى أن مسؤولي الموانئ اللبنانية أشفقوا على الطاقم الجائع وقدموا لهم الطعام، غير أنه أضاف بأنهم لم يظهروا أي قلق بخصوص شحنة السفينة شديدة الخطورة، وقال: لقد أرادوا فقط الأموال التي ندين بها.
واضطر فيما بعد القبطان إلى بيع وقود السفينة واستخدام عائداته لتكليف مكتب محاماة لبناني بالدفاع عنهم، بينما حذر المحامون السلطات اللبنانية من أن السفينة معرضة لخطر الغرق أو التفجير في أي لحظة، وأمر بالفعل قاضٍ لبناني بإطلاق سراح طاقم السفينة لأسباب إنسانية عام 2014، فيما جرى نقل الشحنة المميتة إلى عنبر 12 وبقيت هناك حتى يوم الانفجار.
وشدد المتحدث ذاته إلى أن المسؤولين اللبنانيين أخطأوا عندما أصروا على حجز القارب والاحتفاظ بشحنة نيترات الأمونيوم في الميناء بدلاً من نشرها في الحقول، وأضاف إلى أنه علم أن السفينة غرقت في 2015 أو 2016، وأشار إلى أنه تفاجأ بأن الانفجار تأخر كل هذا الوقت.