أردوغان.. وثمن الفاتورة الليبية
القوة الحقيقية لا تقاس فقط “بالقوة والعتاد العسكري” بل هناك ما هو أهم، وهو المقياس الحقيقي “وهو القوة البشرية”، وبالتالي فإن العامل الرئيسي المؤثر في الحالة الليبية هو “القوة البشرية” بينما يستند الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على “التفويض الشعبي” في تحركاته الهادفة إلى تطهير الأراضي الليبية من التنظيمات الإرهابية، نجد أن حكومة الوفاق تفتقد لهذا العامل، وتحاول أن تصنع لها “قوة بشرية” قائمة على استيراد المرتزقة.
بالتالي فإن الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر يمتلك “الإرادة والقوة العسكرية والبشرية” التي تمكنه من فرض وصناعة الواقع الذي يخدم تثبيت استقرار الدولة الليبية.
وبالتالي فإن إقرار خليفة حفتر اتفاق الصخيرات الموقع في 2015 والذي ينظم العملية السياسية في ليبيا، وقبوله أيضاً بـ”تفويض الشعب الليبي” لحكم البلاد، هي خطوة تستهدف إعادة بناء الدولة الليبية على قواعد جديدة من “التفويض والإرادة الشعبية” بعيداً عن الحلول الدخيلة والتي فشلت في تحقيق الهدف الرئيسي وهو إعادة بناء الدولة الليبية على”أساس التوافق السياسي”.
وعليه فإن من يحكم الأرض ويسيطر عليها هو من يلعب دوراً في إحداث تغيير في المزاج السياسي الإقليمي والدولي، وهو من يمتلك الحق في توجيه بوصلة القرار السياسي الدولي، وتوجهات المنظمات الدولية، ومن هنا نجد أن الجيش الوطني الليبي هو من يمتلك مفاتيح المرحلة المقبلة في ليبيا، والتي ستساهم تحركاته في سبيل دحر “ميليشيات حكومة الوفاق” وفي تغيير البوصلة والمزاج الدولي باتجاه خلق تأييد واعتراف أكبر بالجيش الوطني الليبي.
وبالتالي فإن الخاسر الأكبر هنا على المستوى الداخلي، هي مايسمي بـ”حكومة الوفاق” التي فشلت في امتلاك الإرادة الشعبية نتيجة تحالفاتها مع التنظيمات الإرهابية وجماعات الإسلام السياسي مثال جماعة الإخوان التي لا تحظى بقبول وتأييد من قبل الشارع الليبي خاصة والشارع العربي عامة.
وبالتالي فإن هذه الخسارة التي لحقت “بحكومة الوفاق ” سيكون لها تأثير على الصعيد الإقليمي وسوف تساهم في تغيير خارطة بعض الأنظمة الإقليمية مثال النظام الحاكم في تركيا الذي تعامل مع المسألة الليبية على أنها “مسألة شخصية “ورفع سقف الطموح والتوقعات بأن تنجح سياساته في العمل على تثبيت حكم”حكومة الوفاق”.
إن فاتورة الخسارة “لحكومة الوفاق” ستقع على عاتق أردوغان، وسيكون لها وقع كبير على خارطة القوى في الداخل التركي، حيث ستقود هذه الهزيمة المدوية لأردوغان وسياساته في ليبيا خاصة في ظل حالة الانزلاق والتورط التركي في الملف الليبي ( سياسياَ ومادياً وعسكرياً ) إلى تغيير ملامح التوجهات الشعبية في الداخل التركي، بخاصة وأن هذه المغامرات الخارجية لأردوغان تترافق مع أزمة اقتصادية متصاعدة حيث لاتزال الليرة التركية تعاني من الاستمرار في الهبوط وسط فشل من قبل أردوغان لإنقاذ الاقتصاد التركي .
لن تؤثر “الفاتورة الليبية” على التوجهات الشعبية في الداخل التركي تجاه سياسات أردوغان فقط، بل هناك أيضاً المؤسسة العسكرية التركية التي فقدت الكثير من الخسائر على صعيد” القوة البشرية والعتاد العسكري” وبالتالي فإن تصاعد خسائر أردوغان في الحالة الليبية سوف يقود إلى إيقاظ” صراعات الماضي” بين المؤسسة العسكرية التركية، ومؤسسة الرئاسة والتي كانت تحكمها علاقة مليئة بالتوتر والتنافس منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة.
نقلا عن العين الإخبارية