سياسة

لماذا يبحث أردوغان عن انقلابٍ جديد؟


يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الأيام تأكيد وقوع محاولة انقلابٍ جديدة على حكمه تشبه التي حصلت منتصف العام 2016، لكنه لا يقول أبداً من يقف وراء هذه المحاولة أو يدعمها، هذا هو كلّ ما تذكره حتى اللحظة وسائل الإعلام الحكومية المؤيدة له.

في واقع الأمر أن مصدر هذه المحاولة الانقلابية هو تصريحات مسؤولين بارزين في حزب المعارضة الرئيسي (الشعب الجمهوري)، فقد قال زعيمه كمال كليتشدار أوغلو قبل أيام إن “أردوغان سيرحل عن السلطة”، ومن ثم قالت مسؤولة أخرى من هذا الحزب الّذي يعد من أكبر الأحزاب المعارضة للحزب الحاكم إن “هناك تغييرات قريبة سنراها في الحكومة التركية”.

ويبدو واضحاً أن وسائل الإعلام المؤيدة لأردوغان استندت على هذه التصريحات كدليلٍ ملمّوس يؤكد وقوع محاولة انقلابٍ جديدة على حكمه وبدأت بالترويج لهذا الحدث الكبير على نطاقٍ واسع دون أن يكون هناك على أرض الواقع أي شيء من هذا القبيل، ما يعني أن لأردوغان أهدافا أخرى يريد تحقيقها من وراء الترويج لمثل هكذا أخبار.

إن تركيز أردوغان على وقوع محاولة انقلابٍ جديدة على حكمه هدفه القضاء على من بقي من معارضيه ومنتقديه خارج السجون، بذريعة مشاركتهم في هذا الانقلاب المزعوم على غرار ما جرى منتصف العام 2016 حين اعتقل الآلاف من معارضيه وطرد عشرات الآلاف منهم من وظائفهم بحجة أنهم كانوا يؤيدون تلك المحاولة الانقلابية أو ساهموا بالمشاركة فيها.

أما الهدف الآخر لأردوغان، الّذي يود تحقيقه من وراء الترويج لمحاولة انقلاب جديدة هو الحصول على منفذ قانوني لإعلان حالة الطوارئ في بلاده، فقد عاشت تركيا عامين مع هذه الحالة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة والمزعومة على حكمه منتصف العام 2016، وخلالها أُغلِقت وسائل إعلام معارضة وتراجع دور المجتمع المدني والقضاء ومكّن أردوغان من قبضته الحديدة على معظم مؤسسات الدولة.

اللافت أكثر أن أردوغان ينتظر بفارغ الصبر أي تحرّك انقلابي ليحقق من خلاله ما يطمح إليه كاعتقال معارضين وإغلاق وسائل إعلام جديدة وإعلان حالة الطوارئ ومن ثم تعديل قانون الانتخابات الرئاسية ليضمن الفوز بدورة رئاسية مقبلة، لذلك تروّج وسائل إعلامه اليوم بشكلٍ كبير لحصول محاولة انقلاب جديدة تقف المعارضة وراءها.

ومن المعروف أن أردوغان يتعامل مع أي حدث ضده على أنه محاولة انقلاب، فقبل سنوات حين تظاهر محتجون معارضون لتحويل حديقة وسط اسطنبول إلى ثكنة عسكرية، قال آنذاك إن ما يجري هو محاولة انقلابية وما يزال هناك أشخاص متهمون بالوقوف وراءها قابعين خلف القضبان إلى الآن ومنهم رجل الأعمال والحقوقي البارز عثمان كافالا الّذي ينفي كل التهم الموجهة إليه وقد برأته محكمة تركية عليا من محاولة الإطاحة بحكومة أردوغان.

لكن من السهل لدى أردوغان القول إن ما يجري هو انقلاب، فقد تعامل مع أزمة تفشي كورونا على أنها محاولة انقلابية وعلى إثرها اعتقلت وزارة داخليته مئات المنتقدين للإجراءات الوقائية والعفو الّذي تم بموجبه إطلاق سراح نحو مئة ألف سجين استثنى منهم معارضيه، كما أنه رفض حملة تبرعات أقامها حزب الشعب الجمهوري لمساعدة الفقراء وقال إنه “لا يمكن القبول بقيام دولة ضمن دولة”، رغم أن رؤساء البلديات هم موظفون حكوميون منتخبون من الشعب.

لذلك الواقع يقول إن لدى أردوغان طموحات داخلية كبيرة أبرزها القضاء على من بقي من معارضيه، فمعظم شركائه السابقين والمؤيدين للداعية الإسلامي فتح الله غولن يقبعون في السجون اليوم، وكذلك يقبع معهم أبرز قادة حزب “الشعوب الديمقراطي”، وبالتالي هدفه الحالي هو اتهام حزب “الشعب الجمهوري” بالوقوف وراء محاولة انقلاب جديدة للقضاء كلياً على هذا الحزب كي يتفرّد بالبلاد لوحده دون معارضة.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى