لبنان.. الاحتجاجات ضد حكومة دياب
تظاهر مئات المحتجين أمام منزل رئيس الحكومة المكلف حسان دياب في منطقة تلة الخياط، تحت الأمطار الغزير في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث طالبوه بالاعتذار عن تشكيل حكومة جديدة والتنحي.
وقد حمل المتظاهرون الذين أتوا من مختلف المناطق اللبنانية، الأعلام اللبنانية والمظلات من أجل حماية أنفسهم من الأمطار التي تساقطت بغزارة لليوم الثالث على التوالي، مرددين شعارات تنتقد أداء الطبقة السياسية، والمماطلة التي تقوم بنهجها في تشكيل حكومة مستقلة، وذلك في ظل الانهيار المالي والنقدي المتفاقم، والتردي الواضح في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
وفي اليوم الـ74 من الاحتجاجات الشعبية، فقد أصر المحتجون على ضرورة تحقيق مطالبهم، من تشكيل حكومة مستقلة، معالجة الأوضاع الاقتصادية ومكافحة الفساد، والدعوة لانتخابات نيابية مبكرة بأسرع وقت، من خلال قانون انتخابي يضمن عدالة التمثيل.
وقد قال أحد المتظاهرين لسكاي نيوز عربية بأن المتظاهرين يعتصمون أمام منزل حسان دياب لتذكيره بأنه مرشح أحزاب من الطبقة السياسية نفسها، وبأن ما يحصل في اتصالات ومشاورات تأليف الحكومة من حسابات ومحاصصات فضيحة جديدة تضاف إلى طريقة تسميته، ولهذا نطالبه بالاعتذار السريع لأنه يضيّع الوقت الذي بدأ ينفذ من الجميع.
وفي حين قالت إحدى المتظاهرات بأن الشارع لا يريد حسان دياب أو سعد الحريري أو أي مرشح أحزاب آخر، لأن مطالب الانتفاضة الشعبية واضحة جدا، تتلخص بحكومة إنقاذ من خارج الأحزاب والوجوه المعروفة.
وأضافت أيضا: لكن على ما يبدو فإن الجهات التي أتت بدياب تسعى لتقاسم الحصص والسيطرة على ما تبقى من حياة سياسية في البلد، وهذا يعني أن عقلية السلطة لم تتغير بعد تاريخ السابع عشر من أكتوبر.
كما قد هتفت مجموعة من الشبان بشعارات ضد دياب، منها لا حسان ولا حريري، وكلن يعني كلن وحسان واحد منهم، بينما عمد بعض سكان الحي المجاور، حيث منزل دياب، إلى الطرق على الأواني، وذلك في إشارة إلى دعمهم لمطالب المتظاهرين.
وقد جرت التظاهرة وسط إجراءات أمنية استثنائية في محيط منزل دياب، إذ حضرت قوى كبيرة من فرقة مكافحة الشغب، والجيش اللبناني، وعمدت إلى إغلاق مداخل الشارع الذي يسكن فيه المسؤول بالحواجز الـمنية والحديدية، لتمنع اقتراب المتظاهرين.
وقد أشار أحد المتظاهرين إلى أن هذه التحركات تهدف إلى إيصال رسالة رمزية لدياب ومن هم بالسلطة، بأن الشارع رافض للمحاصصات وللطريقة المتبعة، وأكد بأن التحركات الشعبية ستستمر رغم رداءة الطقس وسوء الأحوال الجوية.
مشاورات ضائعة في الحصص
وقد جاء كل هذا في الوقت الذي يستكمل فيه دياب مشاوراته السياسية ولقاءاته سعيا لتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن. وبعد موجة التفاؤل التي سادت في الأيام الماضية بخصوص قرب تشكيل الحكومة قبل نهاية العام، فقد تراجع منسوب التفاؤل هذا بعد أن سربت معلومات عن خلافات واختلافات في وجهات النظر بين القوى التي سمت دياب، على بعض الأسماء وشكل الحكومة المرتقبة.
ومن جانبه، يصر دياب على حكومة مصغرة من 18 وزيرا من أخصائيين، نصفها للمسلمين ونصفها الآخر للمسيحين، على أن يتم دمج بعض الوزارات وإلغاء بعضها الآخر، بالإضافة إلى إلغاء ما يسمى وزراء الدولة، أي الذين يتسلمون منصبا وزاريا من دون حقيبة.
كما تشير المعلومات إلى أن حركة أمل وحزب الله يصران على تسمية وزرائهم، فيما يصر التيار الوطني الحر على الحصول على وزارتي الطاقة والخارجية عبر ممثلين يعمد إلى تسميتهم.
وتذكر تقارير صحفية، بأن رئيس الجمهورية ميشال عون يتمسك بتمثيل سليم جريصاتي في الحكومة، وهو واحد من المقربين منه، وأحد أعضاء الحكومة الحالية. بينما تواجه عملية التأليف عقبة أساسية، تتمثل بالتمثيل السني والغطاء السني، إذ لم يجد دياب ممثلين من الطائفة السنية في هذه الحكومة، ويعود هذا لاعتراض الحريري وتيار المستقبل وعدد كبير من الشخصيات السنية على طريقة تسمية دياب، والتي وصفت بأنها غير ميثاقية. بينما يصر المتظاهرون المشاركون في الاحتجاجات، على أن دياب غير مقبول، وسط توقعات بأن يفشل في مهمة التأليف خلال الأيام القليلة المقبلة.
تحركات مرتقبة لمواجهة المصارف
ومن المتوقع أن يشهد يوم الاثنين، والذي يصادف اليوم الـ75 من الاحتجاجات، موجة جديدة من التظاهرات في مختلف المناطق اللبنانية تحت عنوان انهيار على من؟، إذ يتوقع أن تشهد مختلف مراكز البنك المركزي في بيروت والمحافظات الأخرى، اعتصامات ووقفات احتجاجية، وذلك استنكارا وتنديدا للسياسة المالية والنقدية التي يقوم مصرف لبنان بنهجها وباقي المصارف الخاصة في البلاد.
وقد ذكرت معلومات بأن الحركة الطلابية في الجامعات والمعاهد والمدارس ستعود للتظاهر أمام المصارف والبنك المركزي، يومه الاثنين، بعدما أن وصلت الأمور إلى حد الانهيار النقدي والمالي التام في البلاد. بينما تحضر مجموعة أخرى من المحتجين لجولة جديدة، يومه الاثنين، على المصارف، للضغط عليها بهدف وقف سياساتها التقييدية نحو المودعين وعمليات السحب بالدولار.
ثورة رأس السنة في بيروت
وبالتزامن مع ذلك، يستكمل ناشطون استعداداتهم لليلة رأس السنة في بيروت، إذ قرر المتظاهرون أن ينظموا تظاهرة ليلية وسط العاصمة اللبنانية، وذلك للاحتفال بقدوم عام 2020 على طريقتهم.
ويستعد المتظاهرون، تحت عنوان ثورة رأس السنة، يومه الثلاثاء، للتجمع في ساحة الشهداء والتأكيد على استمرار التحركات الاحتجاجية وبأن العام الجديد سيحمل معه التغيير الحقيقي على كل الأصعدة، وأن تاريخ ما بعد السابع عشر من أكتوبر، ذكرى انطلاق الاحتجاجات، لن يكون كما قبله بأي شكل من الأشكال.