تونس.. خبراء يصفون وثيقة التعاقد الحكومي لحركة النهضة الإخوانية بالمبهمة والغامضة
قام خبراء ومحللون بوصف وثيقة التعاقد الحكومي التي قامت بطرحها حركة النهضة الإخوانية في تونس بالمبهمة والغامضة ولا تستجيب لمطالب الشعب التونسي.
في حين رأى البعض بأن وثيقة التعاقد الحكومي لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، بينما أكد آخرون بأنها ثرثرة سياسية تريد من خلالها الحركة الإخوانية الادعاء بامتلاكها برنامج حكم، وأن راشد الغنوشي يعجز إلى حد الآن عن إقناع حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب القومية بالدخول في شراكة حكم.
لم تبقى إلا بعض الأيام، أمام الغنوشي للإعلان عن اسم رئيس الحكومة، وذلك وفق نص الدستور الذي يفرض على الحزب المتحصل على أغلبية المقاعد بتشكيل الحكومة حال الانتهاء من جميع الطعون المقدمة.
ومن جهتها، فقد أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بأنه في غضون الأيام المقبلة سيتم الإعلان النهائي عن نتائج الانتخابات التشريعية التي قد أجريت يوم 6 أكتوبر وذلك بعد دراسة الطعون.
وثيقة للاستهلاك السياسي
ومن جانبه، فقد قال الباحث في العلوم السياسية رافع بن يغلان بأن الوثيقة الإخوانية لم تتضمن تفصيلا لكيفية الخروج من الانهيار الاقتصادي في النقاط المتعلقة بتفاقم المديونية وارتفاع عجز الميزان التجاري وارتفاع نسبة البطالة.
أما المعهد التونسي للإحصاء (حكومي) فقد أفصح خلال الأشهر الأخيرة عن أرقام عجز الميزان التجاري والتي بلغت 22 مليار دينار (7 مليارات دولار) والمديونية التي تجاوزت 70% من الناتج الداخلي الخام، بينما بقيت نسبة البطالة في حدود 20% من الطاقة المجتمعية.
وفي تصريحات للعين الإخبارية، ذكر بن يغلان بأن حركة النهضة الإخوانية لم تكن يوما مالكة لبرنامج إنقاذ اقتصادي وقد تمتعت بحكم تونس طيلة ثماني سنوات دون أن تقدم حصيلة إيجابية، وقد اعتبر بأن أركان القرار داخل إخوان تونس تحكمه الأفكار الأيديولوجية العاجزة عن تقديم تصور واضح للمستقبل. أما بالنسبة للدوافع التي جعلت حركة النهضة تطرح وثيقة التعاقد الحكومي فترجع إلى الاستهلاك السياسي للتغطية عن عجزها المكشوف لتشكيل الحكومة.
وقد تحصل الإخوان على 52 مقعدا فقط في البرلمان، بينما حصلت الأحزاب المعارضة للإخوان على أكثر من 150 مقعدا وهي أحزاب قلب تونس وحركة الشعب القومية والتيار الديمقراطي والحزب الدستوري الحر، إلى جانب النواب الممثلين لليسار على غرار رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين منجي الرحوي وحزب الفلاحين الذي يمثله فيصل التبيني.
استنكار سياسي
ووقد تم رفض الوثيقة رفضا سياسيا شاملا من كل الأحزاب، فأكثر الأحزاب المتحصلة على مقاعد داخل البرلمان تعد حركة النهضة حركة غير جدية في الحكم، ولم تقدم طرحا واقعيا لتحسين الخدمات العامة وتطوير قطاعات حساسة مثل الصحة والتعليم والنقل العمومي.
ومن جهتها، فقد صفت ربيعة الفارسي الناشطة في الحزب الدستوري الحر وثيقة تعاقد الحكم بالمهزلة الإخوانية التي تريد من خلالها حركة النهضة توريط أكثر من طرف سياسي في حصيلة الفشل الاقتصادي الذي تسببت فيه.
وفي تصريحات للعين الإخبارية، فقد تساءلت بخصوص الجدوى من الوثيقة التي يطرحها المكتب التنفيذي لحركة النهضة وهو المتسبب في سقوط قيمة الدينار وانتشار الإرهاب، حيث اعتبرت بأن التحالف مع الإخوان هو خيانة للدولة التونسية ومسار الانتقال الديمقراطي.
وقد نفت أيضا الفارسي عن حركة النهضة صفة الحركة الديمقراطية، حيث صنفتها ضمن التنظيم العالمي للإخوان الذي تفرع عنه الدواعش وتنظيم القاعدة وتنظيمات إرهابية مشابهة على غرار جند الخلافة، وفق تعبيرها.
هل يسحب قيس سعيد البساط من الإخوان؟
ويرجح محللون بأن رئيس الجمهورية سيتطلع بدور سياسي في تكوين الفريق الحكومي، وذلك أمام تعطل المشاورات بين مجمل الأحزاب السياسية حول تشكيل الحكومة والفشل الواضح لوثيقة التعاقد الحكومي.
وكنت قد دعت حركة الشعب القومية بشكل صريح من خلال بياناتها إلى ضرورة تكوين حكومة يترأسها شخصية مستقلة تستمد شرعيتها من شعبية الرئيس التونسي قيس سعيد.
بينما يؤكد رفيق العلائمي وهو الناشط النقابي ذو التوجهات القومية بأن المخرج الوحيد للفترة السياسية المقبلة هو أن يكون لقيس سعيد دور المحكم في المشهد السياسي التونسي، حيث اعتبر بأن شرعيته الانتخابية (قرابة ثلاثة ملايين ناخب) تجعل منه وازنا أكثر من حركة النهضة الإخوانية التي لم يتجاوز عدد المصوتين لها 400 ألف تونسي من مجمل 7 ملايين نسمة.
وفي تصريحات للعين الإخبارية، فقد أوضح بأنه لولا تشتت الأحزاب ذات التوجه المدني لكان لحركة النهضة أن تكون في صدارة الانتخابات. ويجد الإخوان أيضا أنفسهم في مأزق حاد تصنعه حالة الرفض الشامل من أغلبية الشعب التونسي أمام استياء كبير من قبل اتحاد الشغل النقابي حول أدائها السياسي وأدواتها في المشاورات الحكومية.