ليبيا وطائرات إردوغان المسيّرة
العاصمة الليبية طرابلس بل ليبيا كلها تواجه أكبر حرب طائرات مسيّرة في العالم، وذلك حسب قول المبعوث الأممي غسان سلامة: «إن ليبيا على الأرجح أكبر مسرح لحرب الطائرات المسيرة في العالم»، وايضاً كما جاء في تقرير «الغارديان» البريطانية بأن «الحرب الجوية تصاعدت في ليبيا».
الطائرات المسيّرة أو الدرون (Drone) التي تعدّ سلاح الجيل الثالث في الحروب بالعالم، أصبحت تجوب سماء ليبيا بعد الدعم التركي لميليشيات طرابلس بهذا النوع من الطائرات، في محاولة لإحداث نقلة نوعية وعرقلة مسار معركة الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة طرابلس من ميليشيات الإسلام السياسي المدعومة قطرياً وتركياً.
طائرات إردوغان المسيّرة؛ نوع «بيرقدار تي بي2»، اشتراها النظام القطري ليمنحها لحكومة الوفاق، وكشف عنها موقع «أفريكا أنتلجنس»، لتسقط في سماء طرابلس بعد إعلان غرفة عمليات سلاح الجو الليبي تدمير البنية التحتية الكاملة لغرفة التحكم بالطائرات التركية المسيّرة داخل قاعدة معيتيقة، بما فيها هوائيات التحكم والتوجيه. كما أعلن الجيش الليبي أنه استهدف «مأوى للطائرات المسيّرة في مقر الكلية الجوية بمصراتة، حيث تتخذ منها الميليشيات مقراً وغرفة تحكم يوجهها ضباط أتراك، كما استهدفت طائرات الجيش الليبي مطار زوارة، غرب طرابلس، الذي يستخدم لإقلاع الطائرات المسيًرة».
الدعم التركي السافر بتقديم الطائرات المسيًرة للميليشيات في طرابلس، وبتوجيه ضباط أتراك ووجود هوائيات وغرف تحكم في مطار معيتيقة، كان بهدف ضرب خطوط الإمداد وتحركات الأفراد على خطوط محاور القتال، وقد أكدت وكالة «بلومبرغ» أن «حكومة الوفاق لديها طائرات قادرة على تنفيذ ضربات ليلية دقيقة، وأنها طورت قدراتها من خلال تسلم طائرات تركية مسلحة في الآونة الأخيرة». كما أكد الدعم التركي المحلل العسكري آرنولد ديلالاندي لوكالة الصحافة الفرنسية بالقول إن الأتراك «قاموا بتنويع استراتيجيتهم من خلال استخدام مختلف الطرق لإطلاق طائراتهم من دون طيار ونشر هوائيات التتابع على كامل المنطقة بين طرابلس ومصراتة و(الجفرة الوسطى)». وقد كشفت صحيفة «الوسط» الليبية، عن أن حكومة «الوفاق» قد تحصلت على 3 طائرات من نوع «Orbiter 3 UAV» الإسرائيلية، وهذا ما كشفت عنه أيضاً صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية بعد إسقاط الجيش الليبي طائرتين مسيّرتين بصناعة إسرائيلية.
الدعم التركي للميليشيات جاهر به الرئيس إردوغان نفسه أكثر من مرة، فدخول إردوغان على خط المعركة في طرابلس ليس عبر تصريحات وتهديدات بالتدخل فقط، بل قال إن بلاده «ستُسخر إمكاناتها كافة، وستقف بحزم لمنع تقدم الجيش نحو العاصمة طرابلس».
الدعم التركي لجماعات مرتبطة بالعنف والإرهاب، يجعل من أنقرة شريكاً فيه، ولعل ما ذكرته صحيفة «Washington Examiner»: «هل «حان الوقت لإعلان تركيا دولة راعية للإرهاب؟»، كان بسبب دعم أنقرة المستمر للإرهاب، بدءاً من سوريا، ووصولاً إلى ليبيا، عبر شحنات الأسلحة وعلاقتها مع الجماعات المتطرفة.
حكومة الوفاق تعدّ الآن مجرد واجهة سياسية للحشد الميليشياوي للإسلام السياسي، وبعد خروج أغلب طائرات «الوفاق» من الخدمة بعد أن تم إسقاطها من قبل الجيش الليبي الشرعي، سعت ميليشيات الإسلام السياسي، بدعم من حكومة الوفاق، إلى شراء الطائرات المسيّرة التركية بمساعدة قطرية، فطموح النظام التركي إلى تمكين جماعة «الإخوان» وباقي جماعات الإسلام السياسي، جعله يرسل كثيراً من الأسلحة؛ وعلى رأسها الطائرات المسيّرة، لحماية جماعة «الإخوان» من السقوط الوشيك في طرابلس.
النظام التركي وإردوغان، وراء هذا الزخم من الدعم لميليشيات «الإخوان» في ليبيا، والتي أصبحت الآن تمثلها حكومة «الوفاق» التي أصبحت مجرد واجهة سياسية، للحشد الميليشياوي الذي يواجه الجيش الليبي.
نقلا عن “الشرق الأوسط”