مقال بعنوان “تركيا لم تتخل عن الغرب” يكشف ذل أردوغان وأطماعه
كتب إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقالا وذلك ردا على مقال نشرته وكالة بلومبيرج الأمريكية، ويفضح المقال ذل أردوغان وأطماعه في الشرق الأوسط وأفريقيا وهوسه باستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية البائدة.
وقد نشرت أيضا وكالة بلومبيرج الأمريكية المقال والذي جاء بعد مقال بعنوان تركيا لم تعد حليفا للغرب، سبب الرعب لأردوغان ودفعه لمحاولة النفي عن نفسه تهمة التخلي عن الغرب. ومصطلح الغرب هذا يكبر أو يصغر حسب حاجة أردوغان، إذ يصفه مرة بـالمستعمر والغازي والعنصري، وأحيانا يطلب الصفح والرضا.
هذه المواقف المتضاربة تدل على العقدة التي يمثلها الغرب لأردوغان والذي غالبا ما يردد أمام شعبه شعارات استعراضية قبل أن يعود للكواليس وينفي عن نفسه تهمة التخلي عن الغرب.
وقد تضمن المقال الذي كتبه المتحدث باسم أردوغان بأن تركيا لم تتخلَ عن الغرب، وقد حمل مسؤولية وضع العلاقات الراهنة مع بلاده على المحك للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. في حين يرى مراقبون بأن أي رئيس لديه احترام لنفسه ما كان ليسمح لنفسه أن يرد على مقال صحفي مهما كان موضوعه، وهذا ما يؤكد حالة التخبط التي يعيشها الرئيس التركي.
أطماع أردوغان
وقال قالن في مقاله: إن بلاده وسعت خلال العقد الماضي من نظرتها للسياسة الخارجية، كما فعلت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وغيرها في عالم متعدد الأقطاب.
وتابع: يستند النهج على إدراك أنّ السياسة الخارجية ليست لعبة محصلتها صفر، وسبيل المضي قدما ليس نهجا اختزاليا وحصريا، ولكنه بالأحرى منظور التمكين المتبادل، ويحق لتركيا حماية مصالحها في الشرق الأوسط أو أفريقيا بقدر ما يحق لفرنسا أو الولايات المتحدة في هذه المناطق وغيرها.
من المحتمل أن لا يكون متحدث أردوغان يفطن للثغرة الكامنة فيما كتب، غير أن الجملة الأخيرة قد فضحت التوجهات التوسعية الاستعمارية لأنقرة في الشرق الأوسط والقارة السمراء.
تكسرت أطماع أردوغان في الشرق الأوسط لجعل المنطقة نقطة انطلاق إحياء وهم وكذب الدولة العثمانية المقبورة بعد طرد عملائه من تنظيم الإخوان الإرهابي، وانحسار مواطئ قدمه في مواقع محدودة جدا؛ مما دفعه للتوجه نحو أفريقيا.
غير أن في القارة السمراء، والتي خسر فيها جميع رجاله، لم يعد أمام أردوغان إلا الاعتماد على نشر الإرهاب والتطرف وذلك بعد أن أفلتت من يديه كل الخيوط، بعد الإطاحة بمؤيديه من قادة القارة أو ذهاب نجمهم السياسي بشكل أو بآخر.
وقد قالت مجلة ناشيونال ريفيو الأمريكية في تقرير مطول بعنوان استراتيجية تركيا في أفريقيا تهدد بنشر التطرف: بأن أنقرة تلعب حاليا في أفريقيا الدور القديم نفسه لنشر التطرف في الشرق الأوسط.
تلعب أنقرة دور خطير ومريب ولا يمكن التغاضي بالقارة السمراء، وفق ما ذكرت المجلة، وذلك بعد لفظها من معظم دول وشعوب الشرق الأوسط، وتسمم علاقاتها مع جيرانها ومحيطها القريب والبعيد، لتصبح بذلك تتخبط في علاقات مضطربة.
ووفق ما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، عدد سفارات البلاد يبلغ حاليا في أفريقيا 41، مقابل 34 سفارة لبلدان القارة السمراء أنقرة حتى عام 2018.
بالإضافة إلى أنه في إطار المطامع التي تسعى إلى محاولة السيطرة على أفريقيا ونهب ثرواتها، قد رفعت أنقرة من حجم تبادلها التجاري مع العواصم الأفريقية ليصعد من 3 مليارات في 2003 إلى أكثر من 20 مليار دولار نهاية 2018، وذلك وسط توقعات بأن تتجاوز الاستثمارات التركية بالقارة السمراء 6 مليارات دولار.
الفوضى والإرهاب
قام أردوغان جراء اندلاع الاحتجاجات في عدد من الدول العربية عام 2011، باستغلال الفوضى، وقد بدأ في تنفيذ مخططه لبسط نفوذه، مستفيدا بذلك من الغليان الشعبي حينها، وبدأ بزرع الفتن بين أبناء الشعب الواحد بمساعدة عملائه من تنظيم الإخوان الإرهابي ضمن مخطط أراد من خلاله تجسيد أوهامه بإحياء الإمبراطورية العثمانية. لكن 8 سنوات لم تكن كافية لإظهار خيبته في مسعاه، وفشل عملائه وأذرعه في تنفيذ مخططاته.
وقد استخدم أردوغان إلى جانب الجماعة الإرهابية هيئة الإغاثة الإنسانية التركية بهدف نشر الإرهاب بالقارة السمراء، إذ تورطت الهيئة في تمويل منظمات إرهابية مثل القاعدة وحركة الشباب.
وقد تبخرت الأموال الطائلة التي أنفقها أردوغان في العديد من البلدان الأفريقية لإعادتها للحظيرة العثمانية مع مرور الأيام، وانفضحت أياديه الملوثة بالفتن، ليخسر بذلك حلفاءه الواحد تلو الآخر، وآخرهم السودان بعزل رئيسها عمر البشير بعد الثورة الشعبية التي اندلعت ضد ظلم الإخوان.
تتراكم خسائر الرئيس التركي بدءا من السودان رجوعا إلى تونس والجزائر، بعد أن رفعت شعوب هذه البلدان الفيتو بوجه أطماعه ومساعي إعادتها إلى الحكم العثماني.
أما في ليبيا، فقد حاول الرئيس التركي تزكية الخلافات وتأجيجها، إذ سعى نحو إيصال الإخوان إلى الحكم، مما أدى إلى تقسيم البلد وحوله إلى حلبة صراع ومرتع للعصابات والتنظيمات الإرهابية والأطماع من كل جانب.
الأمر الذي أصاب أردوغان بالجنون هو انحسار عملائه من المليشيات الإخوانية في العاصمة طرابلس كما ان هذا التموقع يبدو محفوفا بالتهديدات، في ظل العملية العسكرية التي يشنها منذ مطلع أبريل الماضي الجيش الليبي لتحرير العاصمة.