سياسة

قطر تتحفظ على بياني القمتين العربية والخليجية، فما السبب وراء ذلك؟


قامت قطر بعد أقل من 48 ساعة بالتحفظ على بياني القمتين الخليجية والعربية، بالرغم من عدم إبداء أي تحفظ على البيانين خلال الاجتماعات أو تلاوتهما في الجلستين الختاميتين، وذلك في خطوة تؤكد سياستها التي تسعى من خلالها لشق الصف الخليجي خصوصا والعربي عموما.

ووفق مراقبين، فهذه الخطوة تشير إلى أن قطر قد باتت أداة لضرب الموقف العربي والخليجي، كما أنها أصبحت رهينة سياسات وأجندات إقليمية معادية لدول المنطقة.

ويؤكد هذا الموقف أيضاً أن الدوحة عادت إلى حليفتيها إيران وتركيا لاستطلاع آرائهما حول بنود بياني القمتين، قبل اتخاذ هذا الموقف الذي جاء على لسان وزير خارجية تنظيم الحمدين محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، بأن بلاده تتحفظ على بياني القمتين العربية والخليجية، بزعم أن بعض بنودهما تتعارض مع سياستها الخارجية.

هذا التحفظ الذي أبدته قطر، لم يكن إلا إعادة تذكير باستراتيجيتها المرتكزة على الاستقواء بإيران وتركيا، في مواجهة أشقائها الدول الخليجية والعربية، وهو ما يتجلى في العديد من الملفات الحيوية بالمنطقة، التي تعمدت فيها العمل لصالح أجندات طهران وأنقرة التخريبية

كان حمد بن جاسم، الضلع الرئيس في تنظيم الحمدين القطري وزير الخارجية رئيس الوزراء الأسبق، قد خرج في أكتوبر 2017 بتصريح شهير، كشف من خلاله عن دعم الدوحة للفوضى في سوريا منذ بداية المظاهرات ضد بشار الأسد.

وقد اعترف حمد بن جاسم بدعم بلاده للجماعات المسلحة في سوريا، بتنسيق مع تركيا، مؤكدا أيضاً دعم بلاده للجماعات الإرهابية، إذ  ذكر دعم جبهة النصرة هناك –فرع تنظيم القاعدة بالشام- بالمال والسلاح.

فتحت هذه التصريحات الآفاق حول مصدر تدفق السلاح والمال للجماعات الإرهابية في سوريا، وهذا ما تأكيده من طرف عضو بالكونجرس الأمريكي في 22 مايو 2019، بأن قطر ما زالت ترسل أسلحة لمقاتلين غير معلومين على الأرض في سوريا، وتخلق مأساة في هذا البلد بمشاركة إيران.

وخلال جلسة عقدتها لجنة العلاقات الخارجية، قال أدريانو إسبيلات، عضو الكونجرس الأمريكي، بأن الدوحة تساعد على خلق وضع مأساوي في سوريا، بإرسال أسلحة بشكل سري لمقاتلين غير معلومين، وأن هناك تعاونا إيرانيا قطريا على الأرض في هذا الملف.

من هنا، يمكن تفهم خروج قطر عن الإجماع العربي الخاص بعودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف العلاقات معها، حيث رفضت الدوحة في يناير 2019، إعادة علاقاتها مع دمشق، بزعم أن الشعب السوري تحت القصف، رغم أن القصف يستهدف الجماعات الإرهابية المسلحة هناك، وهو دليل آخر على دعم الإرهاب، وسعيها للحفاظ على ما استثمرته فيه لصالح إيران وتركيا.

بالرغم من اتفاق الدول العربية والخليجية على دعم الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، لتحرير طرابلس من المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، من أجل استعادة الاستقرار في ليبيا، فإن تنظيم الحمدين القطري ما زال يحاول توفير ظهير مادي لهذه الكيانات الإرهابية، التي صنعتها في 2011، وقد ساعدت عبر قناة الجزيرة ومفتي الإرهاب يوسف القرضاوي، بتفجير الفوضى عبر الترويج بضرورة التدخل الأجنبي لإسقاط نظام القذافي.

وقد أكد مراقبون، أنه منذ بدء عملية تحرير طرابلس طوفان الكرامة في 4 أبريل 2019، تسعى قطر وتركيا لدعم وتمويل المليشيات المسلحة لمواجهة نجاحات الجيش الوطني الليبي على الأرض.

كما استخدمت الدوحة وأنقرة في هذا الأمر، مليشيا مصراتة، التي يقودها الإرهابي الإخواني صلاح بادي، الذي كان مقيما في أنقرة وتموله قطر بالمال والسلاح.

إلى جانب أن الإخوان الإرهابية وحلفاؤها يُسيطرون على العاصمة طرابلس منذ نهاية عام 2011، وجميع الحكومات التي توالت منذ ذلك الوقت بما فيها حكومة فايز السراج، تابعة للمتطرفين، خاصة مليشيا الفاروق التابعة لتنظيم القاعدة.

وحسب ما ذكره خبراء، فإن قطر وتركيا تعلمان أن نجاح حفتر في تحرير طرابلس، يعني إنهاء النفوذ الإخواني تماما في ليبيا، وبالتالي القضاء تماما على تدخلاتهما.

كان الدعم القطري لمليشيا الحوثي الإيرانية، قد بدأ في عام الفوضى العربية 2011، والذي شهد أهم نقطة تحول في تاريخ الجماعة الحوثية، حيث ظهرت المليشيا -بمساندة الأموال القطرية وساحات الاحتجاج- ككيان سياسي يتطلع إلى اعتراف إقليمي ودولي.

وبالرغم من مشاركة الدوحة في التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن، فإن وجودهم كان طابورا خامسا يعمل لصالح الأجندة الإيرانية الداعمة للمليشيا الحوثية الانقلابية، وقد تجلى هذا الأمر فيما بعد، من خلال التحقيقات وجمع الأدلة، في الرابع من سبتمبر عام 2015، إذ دعمت الدوحة الجماعات الإرهابية والمليشيا الإيرانية في اليمن بإحداثيات معسكرات قوات التحالف لاستهدافها.

وقد زود تنظيم القاعدة الإرهابي تنظيم الحمدين بمعلومات دقيقة عن أماكن وجود القوات الإماراتية وخططها في اليمن، وهي المعلومة ذاتها التي أكدها المستشار في الديوان الملكي السعودي في ذلك الوقت سعود القحطاني.

وبعد أن تم طرد قطر من التحالف في عام 2017، بسبب خياناتها المتعددة لدول التحالف، تحركت الدوحة لدعم مليشيا إيران الحوثية، بتوفير غطاء إعلامي عبر شبكة من القنوات الفضائية.

ولم يكتفِ تنظيم الحمدين عند تحويل قناة الجزيرة إلى بوق إضافي لتلك المليشيا الإرهابية بجانب قناة المسيرة، بل شرعت في تنفيذ استراتيجية جديدة لتطوير إعلام الانقلاب، كجزء من مخطط تدميري لإرباك الحكومة اليمنية الشرعية.

ويكشف هذا التحرك القطري عن آليات ومستوى التنسيق مع إيران لدعم مليشيا الحوثي على حساب الشعب العربي اليمني، في مسعى لضرب الأمن القومي العربي من الجهات كافة.

منذ أن تمت الإطاحة بالرئيس السوداني المعزول عمر البشير، في أبريل 2019، تسعى الدوحة في محاولات متكررة باءت جميعها بالفشل، لضرب مسارات التفاوض بين المحتجين والمجلس العسكري الانتقالي، عبر نشر أخبار كاذبة تحرض على العنف.

وبالرغم من توافق الدول العربية عموما على دعم المجلس العسكري الانتقالي ومساره السياسي مع قوى المعارضة لاستئناف العملية السياسية دون المساس بأمن الدول السودانية ومؤسساتها، فإن تنظيم الحمدين عبر أداته الإعلامية الجزيرة، ظل يعمل على إثارة الفتن بين الجيش السوداني وقوة المعارضة.

وقد دفعت هذه الاستراتيجية المجلس العسكري الانتقالي في السودان إلى اتخاذ قرار في 31 مايو 2019، بإغلاق مكتب قناة الجزيرة القطرية بالخرطوم وسحب الترخيص الممنوح لها لمزاولة العمل.

وحسب ما تحدثت به مصادر للعين الإخبارية، فإن إدارة الإعلام الخارجي بوزارة الإعلام السودانية أمرت قناة الجزيرة بعدم ممارسة أي نشاط إعلامي بالبلاد.

ووفقا لهذه المصادر التي لم تفصح عن أسمائها، فإن السلطات السودانية لديها تحفظات على الخط غير المهني الذي تسلكه القناة في التعاطي مع مجريات الأحداث في البلاد، لا سيما عمليات البث المباشر من ميدان الاعتصام.

كما أشارت إلى أن الاستخبارات العسكرية ووحدة الإعلام بجهاز الأمن استلمتا مكتب الجزيرة بمعداته، وسحبتا مراسلي القناة من ساحة الاعتصام.

ويستخدم تنظيم الحمدين الحاكم في قطر، الإعلام وقناة الجزيرة في غير أهدافها الحقيقية، وتوظيفها لتسويق أجندته العدائية الداعمة للإرهاب ونشر الفتنة والاضطرابات في المنطقة.

وقد أعلنت وزارة الخارجية السودانية في 1 يونيو 2019، استدعاء السفير فتح الرحمن علي سفيرها في قطر للتشاور.

كما ذكرت وسائل إعلام سودانية أن وزارة الخارجية استدعت سفير الخرطوم في الدوحة بسبب ممارسات قناة الجزيرة القطرية وتحريضها الدائم ضد البلاد.

تكشف النماذج السابقة عن تحالف قطر مع أعداء وخصوم الدول العربية والخليجية، وأنها لم ولن تعود عن دعم وإثارة الفوضى في المنطقة لحساب أجندات إيرانية وتركية، في محاولة لإثبات كونها قوى إقليمية مؤثرة في الأحداث، لكنها في الواقع تفتقد أبسط مقومات القدرة على التأثير في أي مسارات إقليمية ودولية.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى