موقع فوكوس الألماني: تركيا تعيش أزمة اقتصادية بسبب انهيار الليرة
في تقرير يصف الوضع الحرج في تركيا، أوضح موقع فوكوس الألماني، أن العديد من الأتراك اعتبروا ولمدة طويلة أن الأزمة تشكل خطرا عليهم وتضيق على حياتهم اليومية بشكل متزايد.
وهذا ما حدث في يناير، حيث وصلت أزمة العملة إلى داخل بيوت الأسر الأتراك وخاصة فيما يخص أزمة المواد الغذائية، إذ عرفت أسعار الفواكه والخضراوات ارتفاعا ملحوظا، وازداد الوضع سوءا بعد الانتخابات المحلية في 31 مارس. وأصبح بعض التجار يطلبون عشر ليرات تركية، أي حوالي 1.50 يورو للكيلو الواحد من البصل، وهذا يمثل حوالي ثلاثة أضعاف بالمقارنة مع العام السابق، وقد انزعج الأتراك كثيراً من هذا الأمر، فالبصل يعتبر من بين الأطعمة الأساسية في العديد من أطباق المطبخ التركي.
وأصبح المزاج سيئا بسبب الأزمة الاقتصادية في سوق كاديكوي، وهي منطقة في اسطنبول على مضيق البوسفور، حيث يشكو أحد العملاء الذي يقوم بالتسوق اليومي لم أر كهذا من قبل، فالبطاطس والطماطم والبصل كانت معتادة على طاولة الطعام، لكنها هذا العام تعتبر من المنتجات الفاخرة. ثم يقول البائع وهو يحسب أسعار بضاعته بخمول: لقد انتهت زراعتنا، فلم يتبق شيء، لذلك كل شيء مكلف للغاية: فالفاصوليا 20 ليرة للكيلو الواحد، والبصل سبعة ليرات للكيلو، والطماطم 15 ليرة للكيلو.
الليرة بدأت تنهار حتى قبل الخلاف الذي حصل بين أردوغان وعدد من الحكومات منها الأمريكية، فقد فقدت الليرة قيمتها بوضوح منذ نهاية عام 2017، وفي بعض الأحيان وصلت إلى 30 في المئة. وغير هذا الأمر فالعديد من الأتراك تمسكوا بأردوغان وحكومته؛ في حين أن مصلحة الناخبين تبدو ببطء متضائلة. إذ تعرض حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ للهزيمة في الانتخابات المحلية التي جرت في 31 مارس، حيث خسر كل من اسطنبول وأنقرة، مدينتي تركيا الرئيسيتين، أمام المعارضة. كما أن الخبراء يروا أن تراجع الاقتصاد يعتبر عامل حاسم لنتيجة الانتخابات السيئة.
وحسب ما يزعمه الرئيس التركي أردوغان، فهناك قوى مظلمة هي المسؤولة عن الإرهاب الغذائي. حيث قال أن المضاربين كانوا يخزنون البصل بهدف رفع الأسعار عمدا. بينما بالنسبة للنقاد فإن هذا التضخم الحاصل في سوق المواد الغذائية قد تسبب فيه أردوغان. وقد استثمرت حكومة حزب العدالة والتنمية لسنوات في قطاع البناء الذي تهتم به في حين أهملت مجالات أخرى، وذلك لتغذية الاقتصاد.
وذكر إردال يالسين، وهو أستاذ العلاقات التجارية الدولية بجامعة كونستانس: لم تكن السياسة الاقتصادية مستدامة وموجهة نحو المستقبل بدرجة كافية. لقد أنفقوا الكثير من المال على البنية التحتية وفي الوقت نفسه فشلوا في زيادة إنتاجياتهم لسنوات. مضيفا: تتمتع تركيا بالظروف المناخية المثالية للزراعة المنتجة، ولكن يتم استيراد الفواكه والخضراوات لأن أردوغان لم يقم بالاستثمار بشكل كاف في القطاع الزراعي.
إلى جانب التضخم الذي تعرفه تركيا، فهناك انخفاض في سعر الصرف. حيث أصبح اليوم كل من اليورو والدولار مرتفعي الثمن بالضعف بالمقارنة مع ما كان عليه الحال قبل ثلاث سنوات. وهذا الأمر تسبب في مشكلات عديدة لأغلبية الشركات التركية: حيث صبح عليهم دفع ضعف هذا العدد من الليرة لخدمة القروض من المستثمرين الأجانب، ورغم ذلك، زادت تكلفة القروض أيضًا لأن المستثمرين الدوليين نظرا لأنهم أصبحوا أكثر حساسية للمخاطر.
وقال أيضا يالسين أن السبب يرجع إلى وجود القليل من الثقة في الأنظمة في السياسة الداخلية في تركيا والسياسة الخارجية؛ فقد أصبحت تركيا شريكًا صعبًا.
وقد تقلص الاقتصاد التركي بنسبة 2.5 في المئة في الربع الأخير من عام 2018، ولأول مرة منذ عشر سنوات تعيش تركيا حالة ركود. كما أن معدل البطالة قد ارتفع بين ديسمبر وفبراير إلى أعلى مستوى في عشر سنوات من 14.7 في المائة، حسب ما أعلن عنه المكتب الوطني للإحصاء يومه الاثنين. وتصل بطالة الشباب إلى ما يقرب من 27 في المئة.
ومن جانبه، قدّم وزير المالية والاقتصاد بيرات البيرق خطة عمل في 10 أبريل من أجل تعزيز النمو ومكافحة التضخم، وقد أعلن أن الوقت حتى الانتخابات المقبلة في عام 2023 سيكون للإصلاحات الهيكلية الاقتصادية. كما سيحل الانضباط الصارم للميزانية في النهاية.
وقال يالسين كذلك أنه تم الإعلان عن برامج مثل خطة العمل هذه، لكنها لم تدخل حيّز التنفيذ قط. فالحل المناسب للأزمة الاقتصادية التركية هو تحقيق الإنتاجية من خلال الإصلاحات الهيكلية. وسيكون فيما بعد طريق صعب أمام الأتراك؛ ووفق ما ذكره يالسين، فالشركات غير المربحة ستفلس، ويتعين إغلاق الاستهلاك، كما أن معدل البطالة سيرتفع مؤقتًا. وقال أيضا، أنه بالنسبة للفترة الانتقالية، فيجب تقديم طلب للحصول على مساعدات من مقرض دولي، وذلك من الناحية المثالية لدى صندوق النقد الدولي.
في حين علق أردوغان بسخط كل المشاكل في أغلب الأحيان على صندوق النقد الدولي. إضافة إلى أن برامج مساعدة صندوق النقد الدولي تشترط بالإصلاحات الهيكلية، لن الرئيس التركي يتجنب أي إصلاحات، وقد تستمر في الأخير إجراءات التقشف الشديدة مما سيلحق الضرر بشعبيته.