سياسة

الصومال على وقع الاستقطاب السياسي قبل صناديق الاقتراع


يشهد الصومال مرحلة حرجة على صعيد العملية السياسية، حيث تضع الاستعدادات للانتخابات، البلاد، أمام تحديات تتعلق بالتوافق وإدارة الخلافات.

وأعلن مجلس مستقبل الصومال، وهو تكتل لقوى المعارضة الصومالية، منح الرئيس حسن شيخ محمود، مهلة شهر واحد لعقد حوار شامل مع جميع الأطراف السياسية، في محاولة قال إنها تجنب البلاد فراغا دستوريا محتملا وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار.

وحدد المجلس 20 يناير/كانون الثاني 2026، موعدا نهائيا للتوصل إلى اتفاق يضمن إجراء الانتخابات في موعدها، محذرا من مخاطر الفراغ الدستوري، والانزلاق الأمني، وتصاعد تهديد الإرهاب في حال فشل التوافق السياسي.

وجاء هذا الموقف في بيان صدر عقب اجتماعات مجلس مستقبل الصومال، والتي استمرت لنحو 3 أيام، حيث أكد التحالف السياسي المعارض، الذي تشكل حديثا، استعداده لاتخاذ خطوات لتنظيم مسار انتخابي بديل إذا لم تستجب الرئاسة الصومالية لدعوة الحوار، بهدف تجنب أزمة دستورية شاملة وتداعيات أمنية محتملة.

وشهد مؤتمر كيسمايو، الذي جمع قوى وشخصيات معارضة بارزة، نقاشات موسعة حول مستقبل العملية الانتخابية، إلى جانب الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية في البلاد. 

ورفض المجلس الانتخابات المحلية المقررة في إقليم بنادر الذي يضم العاصمة مقديشو في الـ25 من ديسمبر/كانون الأول الجاري، واصفا إياها بأنها عملية “أحادية الاتجاه” تفتقر إلى التوافق الوطني، وعدم دستوريتها في ظل ما أسماه عدم حسم الوضع القانوني للعاصمة مقديشو.

كما دعا الولايات الفيدرالية الصومالية التي انتهت ولاياتها القانونية إلى تنظيم انتخابات مؤسساتها الدستورية وفق دساتيرها وقوانينها الانتخابية، والمشاركة الفاعلة في الجهود الرامية إلى ضمان انتخابات وطنية نزيهة وفي موعدها.

وأكد مجلس مستقبل الصومال، استعداده للدخول في حوار سياسي مع الرئيس حسن شيخ محمود حول تنظيم انتخابات تقوم على التفاوض والشفافية، وتكون أكثر تطورا وكفاءة مقارنة بانتخابات عام 2022، بما يعزز التمثيل المحلي، ويمنح البرلمان المقبل شرعية أوسع.

انقسامات داخل المعارضة

وفي موازاة ذلك، أفادت مصادر إعلامية محلية، بأن قوى المعارضة فشلت خلال مؤتمرها في كيسمايو في التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن هيكل مجلس مستقبل الصومال، الذي يضم ولايتي بونتلاند وجوبالاند إلى جانب منتدى إنقاذ الصومال المعارض.

وبحسب المصادر، كان من أبرز بنود جدول أعمال المؤتمر وضع الهيكل التنظيمي للمجلس واتخاذ قرارات تتعلق بإدارة المرحلة السياسية الراهنة، إلا أن الخلافات برزت حول مسألة رئاسة المجلس، حيث رأى بعض المشاركين ضرورة تعيين الرئيس الصومالي السابق الشيخ شريف شيخ أحمد رئيسا للمجلس، في حين رفض آخرون هذا المقترح، بينما لم يبد فريق ثالث موقفا واضحا.

وأدى تضارب الآراء بين مكونات المجلس إلى عدم التوصل إلى صيغة توافقية بشأن هيكله القيادي، ليكتفي المشاركون بإصدار بيان ختامي عرضوا فيه رؤيتهم العامة لإدارة المرحلة المقبلة، مؤكدين أن إطارا انتخابيا قائما على التوافق الوطني يظل الخيار الأمثل لتفادي الاضطرابات السياسية والأمنية التي قد تعقب الانتخابات.

في المقابل، أكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أن الحكومة الفيدرالية لا تزال منفتحة على الحوار والتوصل إلى حلول وسط مع قادة المعارضة، ودعا المعارضة الصومالية إلى تقديم مخرجات لمؤتمرهم تكون واضحة وبناءة قابلة للنقاش الوطني، مشددا على أن أي توافق سياسي يجب أن يكون مفهوما للرأي العام، وقابلا للتفاوض ضمن الأطر الدستورية والمؤسسية.

وحذر الرئيس حسن شيخ محمود من مخاطر تحويل الخلافات السياسية إلى مواجهات مسلحة، مؤكدا أن الجمود السياسي لا يخدم الاستقرار، وأن وحدة البلاد تمثل أولوية لا تقبل المساومة.

ويشار الى مؤتمر المعارضة ضم شخصيات سياسية بارزة، من بينهم رئيس بونتلاند سعيد عبد الله دني، ورئيس جوبالاند أحمد محمد إسلام (أحمد مدوبي)، والرئيس الصومالي السابق الشيخ شريف شيخ أحمد، إضافة إلى رؤساء الوزراء السابقين محمد حسين روبلي، وحسن علي خيري، وعبدي فرح شردون، إلى جانب وزراء وسياسيين آخرين.

ووفقًا للمعارضة، شارك في المؤتمر أكثر من 1500 شخص.

انتخابات محلية

ويتزامن هذا الحراك السياسي بالصومال مع استعدادات اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات لإجراء انتخابات المجالس المحلية في إقليم بنادر بنظام “صوت واحد لكل شخص” في 25 ديسمبر الجاري، وهي انتخابات تُوصف بالتاريخية لكونها الأولى بالاقتراع المباشر منذ أكثر من 5 عقود.

وفي إطار هذه الاستعدادات، أعلنت السلطات الأمنية الصومالية نشر نحو 10 آلاف عنصر من الشرطة لتأمين العملية الانتخابية في العاصمة مقديشو.

وقال وزير الأمن الداخلي، محمد أحمد فرتاغ، في بيان نقلته وسائل إعلامية محلية، إن الشرطة استكملت جميع الترتيبات الأمنية اللازمة لحماية الناخبين، ومراكز الاقتراع، والعاملين في العملية الانتخابية، مؤكدا أن حماية المدنيين تمثل أولوية قصوى، في ظل مخاوف من تهديدات الجماعات المسلحة الساعية إلى عرقلة الاستحقاق الانتخابي.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى