متابعات إخبارية

جهود مشتركة بين المواطنين والسلطات لدعم أهالي آسفي


في الوقت الذي كانت فيه السيول تجتاح شوارع مدينة آسفي، انبعثت من قلب الركام صورٌ ملهمة للتكافل الإنساني، حيث تحول شباب المدينة وجمعياتها المحلية إلى خلية نحل لا تهدأ، مخاطرين بأرواحهم لانتشال العالقين ومؤازرة المتضررين. هذه الهبة الشعبية العفوية التي سارت جنباً إلى جنب مع الجهود الرسمية للإغاثة، جسّدت أسمى معاني التضامن المغربي في مواجهة الفاجعة، ما حوّل لحظة الأزمة إلى جسر للمواساة والدعم المادي والمعنوي للمنكوبين.

وعقب الفيضانات والسيول والأمطار الغزيرة الأحد، أطلق مواطنون وجمعيات مبادرات إنسانية لتوفير المأكل والمسكن، فضلا عن حملة للتبرع بالدم، ما ساهم في تخفيف وقع صدمة السيول التي وصف بأنها “الأعنف منذ سنوات” بالبلاد.

وقبل ذلك، وبمجرد اندلاع الفيضانات بآسفي التي توصف بـ”مدينة الخزف”، أقدم شبان المدينة على إنقاذ الكثير من المواطنين، فضلا عن إسعاف آخرين.

وشهدت عدة مدن مغربية خلال الأيام الماضية، هطول أمطار غزيرة، إلى جانب تساقط كثيف للثلوج، فيما أسفرت السيول التي اجتاحت مدينة آسفي عن مصرع 37 مواطنا مغربيا الأحد، وفق بيان لمحافظة المدينة، صدر صباح الاثنين.

تضامن شباب المدينة

مباشرة بعد الفيضانات، تداول نشطاء بمنصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر شباب يقومون بإنقاذ غرقى من بينهم مسنين، حيث نجحوا في الكثير من المحاولات، كما قام آخرون بتكسير أبواب محلات تجارية بعد سماع نداءات تجار كانوا محاصرين داخلها.

وبعد ليلة عاصفة لم يسبق لسكان المدينة أن عاشوا مثلها خلال السنوات الماضية، ظهرت طلائع الصباح بمبادرات إنسانية لتخفيف المعاناة، حيث قامت جمعية مبادرة للعمل الإنساني (غير حكومية) بتنظيم إفطار لأبناء المدينة القديمة ورجال الأمن والقوات المساعدة والمسعفين بعد ليلة متعبة. كما قامت نفس الجمعية بتنظيم حملة للتبرع بالدم لإغاثة مصابي الفيضانات.

وعقب تلك المبادرات، أشاد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (معارض) بشباب المدينة وما قاموا به من مبادرات وقال في تدوينة له بمنصة فيسبوك “تحية تقدير لشباب المدينة الذين أبانوا عن حس تضامني كبير، وعن شجاعة نبيلة، من خلال تقديم الإغاثة والمساعدة لعدد من الأسر المنكوبة”.

وفي السياق ذاته، قام أبناء المدينة بإطلاق حملات تضامنية عبر منصات التواصل الاجتماعي، عرفت تجاوبا كبيرا، سواء عبر المساهمات المالية أو العينية.

ودعا رئيس جمعية البيضاء للتنمية المستدامة (غير حكومية) حسني مصطفى، إلى مد يد العون إلى سكان آسفي. وفي حديثه للأناضول، أضاف مصطفى، أنه رغم العديد من المساعدات والمبادرات الإنسانية، فإن حجم الدمار الذي عرفته المدينة يتطلب مساعدة الجميع.

خسائر 

يأتي هذا التضامن فيما لا يزال سكان المدينة العتيقة بآسفي يحصون خسائرهم، خاصة أن السيول جرفت ما يعرضه التجار بالمدينة، لا سيما الخزف. ووصف شعيب العنيقي، مواطن متضرر ما حصل بـ”الرعب”، موضحا للأناضول، أنه بمجرد اندلاع السيول، عمل على مرافقة أبنائه إلى السطح وغمرت المياه الطابق الأرضي.

ووفق ما تداوله عدد من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن من بين أسباب فيضانات وسيول المدينة هو انسداد وادي “الشعبة”، الذي يمر وسط المدينة، بسبب بقايا الأشجار والمخلفات، وعدم الصيانة حيث تحول مجرى الوادي ليدخل إلى وسط المدينة.

إجراءات رسمية عاجلة

وأعلنت محافظة آسفي، الاثنين، في بيان، اتخاذ “إجراءات سريعة” للحد من آثار الفيضانات التي ضربت المدينة. وأوضحت أنها بحثت تقييم حجم الأضرار المسجلة بمختلف الأحياء المتأثرة بالسيول القوية، والإجراءات العاجلة الواجب اتخاذها للتخفيف من آثار الفيضانات وضمان سلامة المواطنين.

وأشارت المحافظة إلى “استمرار تدخلات السلطات ومصالح الوقاية المدنية والقوات العمومية، من خلال تواصل عمليات التمشيط الميداني والبحث والإسعاف وتقديم الدعم والمساعدة للمتضررين”.

ودعت وزارة الداخلية، الثلاثاء، في بيان، إلى رفع درجة الاستعداد والتعبئة، لمواجهة التداعيات المحتملة للتقلبات المناخية الحالية، إثر فيضانات وسيول أودت بحياة 37 مواطنا بآسفي.

ووجهت محافظي الأقاليم الـ28 بالبلاد برفع درجات التعبئة لمواجهة التداعيات المحتملة للتقلبات الجوية الحالية. ودعت الداخلية، الولاة والعمال إلى “تعزيز آليات التتبع الميداني الدقيق لتطور الأوضاع المناخية، وضمان التنسيق المحكم بين مختلف المتدخلين، مع اتخاذ التدابير الاستباقية والاحترازية الكفيلة بحماية السكان والتخفيف من حدة الأضرار المحتملة، وذلك انسجاما مع التوجيهات الملكية”.

وقررت “تفعيل مركز للقيادة واليقظة إلى جانب إحداث وتفعيل لجان إقليمية لليقظة والتتبع، وذلك في إطار المخطط الوطني الخاص بمواجهة آثار موجات البرد بالموسم الشتوي الجاري 2025 – 2026”.

وأشار البيان، إلى أن هذا المخطط يستهدف فئات واسعة من السكان القاطنين ببعض البلديات الموزعة على 28 إقليما، بهدف الوقوف إلى جانب المتضررين وتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لهم، للتخفيف من معاناتهم في الظروف الصعبة الذي قد تفرزها الاضطرابات الجوية.

والأحد، أعلنت وزارة التربية الوطنية، تعليق الدراسة في آسفي، والمناطق المحيطة بها، لثلاثة أيام، بسبب سوء الأحوال الجوية. كما أعلنت النيابة العامة، الاثنين، في بيان، فتح تحقيق للوقوف على الأسباب الحقيقية لهذه الفيضانات والكشف عن ظروفها وملابساتها.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى