لوكورنو يسابق الزمن لتشكيل الحكومة وإعداد مشروع الميزانية

يواجه رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو سباقا مع الزمن لتشكيل حكومة بحلول الموعد النهائي لتقديم الميزانية الإثنين، إذ ظهرت انقسامات داخل حزب الجمهوريين المحافظ حول قبول الحقائب الوزارية في حكومته.
فبعد يومين فقط من إعادة تعيينه، يتعين على لوكورنو تقديم مشروع قانون الميزانية إلى مجلس الوزراء والبرلمان الاثنين، مما يتطلب شغل المناصب الوزارية الرئيسية على الفور وسط أشد أزمة سياسية تشهدها فرنسا منذ عقود.
ودعا لوكورنو السبت، الأحزاب السياسية في البلاد إلى العمل سويا لوضع حد “للمشهد السخيف” الذي شهدته البلاد في الأيام القليلة الماضية، مشيرا إلى أنه بحاجة لتقديم الموازنة خلال موعد أقصاه الاثنين.
ونقلت صحيفة لوموند عن قيادة حزب الجمهوريين السبت قولها “الثقة غير متوفرة والظروف غير مناسبة” للانضمام إلى حكومة لوكورنو، ومع ذلك فإن غالبية أعضاء البرلمان في الحزب يؤيدون تولي مناصب وزارية للتأثير على الميزانية.
ووضع رئيس الوزراء السابق ميشيل بارنييه، وهو شخصية كبيرة في حزب اليسار والعضو في البرلمان، شروطا صارمة للمشاركة المحتملة لحزبه في الحكومة، بما في ذلك الحفاظ على إصلاحات قانون المعاشات المثير للجدل الذي رفع سن التقاعد إلى 64 عاما.
وكتب بارنييه على منصة إكس السبت “يجب أن يظل دعمنا حثيثا ومخلصا للمعارك التي نخوضها من أجل الفرنسيين”، وأشار إلى تخفيض العجز والإبقاء على إصلاح معاشات التقاعد والتدابير الأمنية وتنافسية الأعمال كشروط غير قابلة للتفاوض.
ويتعين على رئيس الوزراء التعامل مع هذه المطالب المتناقضة أثناء تشكيل حكومة قادرة على تقديم خطة ميزانية ذات مصداقية لخفض العجز في فرنسا من 5.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام إلى ما بين 4.7 بالمئة وخمسة بالمئة العام المقبل.
وإذا لم يحصل لوكورنو على دعم البرلمان، فستحتاج فرنسا إلى تشريع طارئ مؤقت للسماح بالإنفاق اعتبارا من أول يناير/ كانون الثاني حتى اعتماد ميزانية كاملة، وهو السيناريو الذي حدث في ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما أطاح البرلمان بحكومة ميشيل بارنييه.
وتعهد لوكورنو بتشكيل حكومة “تجديد وتنوع” لكنه لم يعلن بعد عن أي تعيينات قبل 24 ساعة على الموعد النهائي الذي يحدده الدستور.
وأثار قرار الرئيس إيمانويل ماكرون بإعادة تعيين لوكورنو غضب بعض أشد معارضيه الذين يجادلون بأن السبيل الوحيد للخروج من أسوأ أزمة سياسية تشهدها فرنسا منذ عقود هو دعوة الرئيس إلى انتخابات تشريعية جديدة أو استقالته.
وانتقد لوكورنو حالة الجمود السياسي التي تخيم على البلاد. وقال “ما هو سخيف هو هذا المشهد الذي يقدمه الطيف السياسي بأكمله منذ عدة أيام”.
وحث رئيس الوزراء الأحزاب على تجاوز الخلافات لإقرار ميزانية بحلول نهاية العام، وهي خطوة مهمة في السيطرة على العجز المالي الآخذ في التزايد في فرنسا.
وقال لوكورنو “حددت لنفسي مهمة واضحة، وعندها إما أن تساعدني القوى السياسية ونتعاون من أجل تحقيقها، أو لا…الأمر يتعلق بكيفية ضمان وجود ميزانية للضمان الاجتماعي وميزانية للدولة في 31 ديسمبر /كانون الأول”.
ولدى سؤاله عن احتمال تعليق إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل، رد لوكورنو “جميع المناقشات ممكنة طالما أنها تتحلي بالواقعية”، في إشارة إلى مرونة محتملة بشأن مطلب رئيسي من الأحزاب اليسارية.
وأعاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعيين مؤيده القوي لوكورنو في وقت متأخر الجمعة، بعد أيام فقط من استقالته من منصبه، معللا قراره بأنه لا توجد طريقة لتشكيل حكومة قادرة على وضع موازنة تقلص الإنفاق لعام 2026 من خلال برلمان منقسم بشدة.
وتولى لوكورنو الحكومة في المرة الأولى لمدة 27 يوما ليقضي أقصر مدة في المنصب في تاريخ فرنسا الحديث، ولا شيء يضمن استمراره لفترة أطول هذه المرة.
وقالت جميع الأحزاب المنتمية لليسار واليسار المتشدد واليمين المتطرف إنها ستصوت للإطاحة بلوكورنو، مما يجعله يعتمد على الاشتراكيين الذين التزم قادتهم حتى الآن الصمت بشأن خططهم.