من الإنجاز إلى الاستدامة.. الإمارات تُراكم النجاحات برؤية مستقبلية

سلسلة إنجازات تاريخية على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي حققتها الإمارات خلال الـ48 ساعة الماضية.
إنجازات تعزز ريادة الإمارات دوليًا ومكانتها عالميًا، وترسّخ قيمها في نشر السلام والاستقرار وبناء الازدهار في المنطقة والعالم.
على الصعيد السياسي، استضافت الإمارات قمة أذرية-أرمينية، الخميس، تُعد خطوة مهمة على طريق إنهاء خلاف دام أربعة عقود بين البلدين الواقعين في جنوب القوقاز، وإتمام السلام بينهما.
ويُعد عقد هذه القمة في أبوظبي نجاحًا إماراتيًا جديدًا يرسّخ مكانة الدولة الخليجية كلاعب أساسي وشريك مهم في إنجاح مبادرات السلام على المستويين الإقليمي والدولي.
كما يبرز ثقة العالم وتقديره لجهودها ووساطاتها، انطلاقًا من إرثها الإنساني ورسالتها الحضارية القائمة على إعلاء قيم المحبة والتسامح والسلام، وإنهاء الخلافات بالحوار والدبلوماسية.
وقد سبق عقد القمة وتبعه إنجازان تاريخيان، أحدهما يوم الأربعاء، تمثل بصدور قرار أوروبي تاريخي بإزالة الإمارات من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وهو قرار يتوّج جهود دولة الإمارات الرائدة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الصعيدين المحلي والدولي، ويعزّز مكانتها العالمية في التصدي للجرائم المالية والتمويلات غير المشروعة.
وعلى الصعيد الثقافي، سجّلت دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم الجمعة، إنجازًا تاريخيًا جديدًا في مسيرتها لصون التراث الثقافي، بعد أن اعتمدت لجنة التراث العالمي في دورتها الـ47 المنعقدة حاليًا في باريس، قرارًا جماعيًا بإدراج “الفاية” في إمارة الشارقة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
إنجازات تتوالى تحت قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مما يعزّز مكانة “دار زايد” وموقعها عربيًا وإقليميًا وعالميًا، ويؤكد أن نهج “اللامستحيل” الذي تمضي به قيادة الإمارات لا يتوقف عند حدٍّ معين.
قمة السلام
استضافت دولة الإمارات، لقاءً بين إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان، ونيكول باشينيان، رئيس وزراء جمهورية أرمينيا، الخميس، بحثا خلاله العلاقات الثنائية بين بلديهما، وسبل دعم الجهود الرامية إلى بناء جسور الثقة وتعزيز الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز.
قمة تُعدّ خطوة مهمة على طريق إنهاء خلاف دام 4 عقود بين البلدين الواقعين في جنوب القوقاز، وإتمام السلام بينهما.
استبق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، القمة، بلقاءين مع إلهام علييف، رئيس أذربيجان، ونيكول باشينيان، رئيس وزراء أرمينيا، كلٌّ على حدة، وجّه خلالهما رسائل مهمة أسهمت في تهيئة الأجواء للقاء، ووضع قواعد ومبادئ تؤسس لسلام مستدام بين البلدين.
وأعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقائين عن تقديره لاختيار الزعيمين دولة الإمارات أرضًا للقاء والحوار، انطلاقاً مما تحظى به من ثقة دولية كداعم موثوق للسلام، والحلول الدبلوماسية، والتعاون متعدد الأطراف، وجهود تعزيز الاستقرار الإقليمي.
وأكد رئيس دولة الإمارات، خلال اللقاءين، عددًا من الأمور المهمة، أبرزها:
حرص دولة الإمارات على دعم كافة الجهود التي تهدف إلى ترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة القوقاز، وتحقيق التنمية والازدهار لشعبي أذربيجان وأرمينيا.
أهمية الحوار البنّاء والتفاهم المشترك بين الدولتين الجارتين.
تأكيد موقف دولة الإمارات الداعي إلى تغليب الحلول السلمية وتعزيز التعاون المستدام في المنطقة.
اعتزاز دولة الإمارات بعلاقاتها الثنائية مع كل من أذربيجان وأرمينيا، وما تشهده هذه العلاقات من نمو في المجالات كافة.
تطلّع دولة الإمارات إلى البناء على ما تحقق من تعاون، وتوسيع آفاق الشراكات بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز السلام الإقليمي والدولي.
قواعد ومبادئ ورسائل تعكس حرص الإمارات على إنهاء الخلاف، وتُبرز دورها في بناء جسور الدبلوماسية والسلام في العالم.
ومنذ الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي في 1991، تواجهت أرمينيا وأذربيجان –الواقعتان في منطقة القوقاز– في معارك حدودية عدة، وسعت كل من روسيا ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى التوسط بين الدولتين لفضّ النزاعات.
وفي مارس/آذار الماضي، قالت أذربيجان وأرمينيا إنهما توصلتا إلى “اتفاق سلام” بعد مفاوضات كان الغرض منها تسوية النزاع القائم بينهما منذ عقود.
وفي حينه، رحّبت دولة الإمارات بإعلان البلدين إنجاز مفاوضات السلام بينهما، وأعربت عن أملها في أن تُرسّخ هذه الخطوة التاريخية جسور التواصل والحوار والاستقرار، وتحقق التنمية لشعبي أرمينيا وأذربيجان، وفي منطقة القوقاز بشكل عام.
وما زالت الجهود والمساعي متواصلة لإتمام ذلك الاتفاق، لإنهاء خلاف دام عقودًا بين البلدين.
ويحمل اختيار البلدين دولة الإمارات أرضًا للقاء والحوار دلالات عدة من أبرزها:
يُجسّد الثقة التي تحظى بها دولة الإمارات لدى أذربيجان وأرمينيا.
يُعبّر عن العلاقات القوية التي تربط الإمارات بالدولتين.
يُبرز سعي الإمارات الحثيث والمتواصل للدفع بحل سلمي للأزمات التي يشهدها العالم.
تُتوّج المبادرة الإماراتية الجديدة دبلوماسية سلام أبوظبي الساعية لدعم الأمن والاستقرار في العالم، بعد نجاحها في إنهاء أزمات عدة.
تُبرز تعاظم مكانة دولة الإمارات وتواصُل ريادتها الدولية، وتزايد ثقة العالم وتقديره لقيادتها ولجهودها ووساطاتها.
تعزيز النزاهة المالية
وقبيل تلك القمة بـ24 ساعة، تمّت إزالة الإمارات من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
القرار الأوروبي التاريخي يتوّج جهود دولة الإمارات الرائدة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الصعيدين المحلي والدولي، ويعزّز مكانة الإمارات كنموذج عالمي في النزاهة المالية.
وفي بيان للإمارات تعليقًا على تلك الخطوة، أكّد أحمد بن علي الصايغ، وزير دولة في الإمارات، أن بلاده “ترحب بمصادقة البرلمان الأوروبي على القائمة المحدّثة للمفوضية الأوروبية للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
وبيّن أن القرار “يُشكّل اعترافًا واضحًا بالتزام الدولة الراسخ بأعلى المعايير العالمية في مكافحة الجرائم المالية الدولية”.
وأضاف: “تواصل دولة الإمارات دورها كشريك موثوق واستراتيجي للاتحاد الأوروبي، وتؤكد التزامها الراسخ بضمان تطبيق أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بفعالية وحزم، ما يُمكّنها من مواجهة التحديات العالمية المستقبلية الناشئة”.
وتابع: “بصفتها واحدة من أكثر الاقتصادات نموًا في العالم ومركزًا ماليًا دوليًا موثوقًا، تواصل دولة الإمارات العمل جنبًا إلى جنب مع كافة الشركاء الدوليين لحماية نزاهة النظام المالي الدولي. كما نتطلع إلى توطيد الشراكة الإماراتية – الأوروبية، بما يعزز التعاون الوثيق، والازدهار والأمن المشترك، للمنطقتين وشعوبنا”.
يسهم خروج دولة الإمارات من القائمة الأوروبية للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب في فوائد عدة، من أبرزها:
تعزيز ثقة المستثمرين والجهات المالية الدولية في الاقتصاد والنظام المالي للإمارات.
تسهيل وتعزيز العلاقات المصرفية وتنفيذ المعاملات المالية الدولية.
زيادة الوصول إلى الخدمات المصرفية العالمية وتسهيل التجارة وتدفقات رأس المال.
زيادة جاذبية الاستثمار الأجنبي وثقة المستثمرين باقتصاد الإمارات.
إدراج الفاية في قائمة اليونسكو
أما أحدث الإنجازات، فتم الإعلان عنه اليوم الجمعة، حيث سجّلت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازًا تاريخيًا جديدًا في مسيرتها لصون التراث الثقافي، بعد أن اعتمدت لجنة التراث العالمي في دورتها الـ47 المنعقدة حاليًا في باريس، قرارًا جماعيًا بإدراج “الفاية” في إمارة الشارقة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
وحظيت “الفاية”، التي تقع في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة، بهذا الاعتراف لما تتمتع به من “قيمة عالمية استثنائية”، كونها تحتفظ بأحد أقدم وأطول السجلات المتواصلة لوجود الإنسان في البيئات الصحراوية، والتي تعود إلى أكثر من 200 ألف عام.
ويُعد موقع “الفاية” نموذجًا متكاملًا لما يُعرف بـ”المناظر الصحراوية”، حيث يُمثّل قدرة الإنسان على التكيّف والاستيطان في الصحارى، إذ شكّلت — رغم ما تتميز به من قسوة وظروف بيئية بالغة الصعوبة — محطة محورية في تاريخ تطوّر الإنسان، وهو ما منح إدراج “الفاية” على قائمة التراث العالمي بُعدًا علميًا وإنسانيًا فريدًا.
وتحت فئة “مواقع التراث الثقافي”، كان ملف الترشيح الدولي “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” هذا العام الترشيح العربي الوحيد الذي نظرت فيه لجنة التراث العالمي، ما يمنح هذا الإدراج أهمية خاصة لدولة الإمارات والشارقة والمنطقة العربية بأسرها، ويجعل من هذا الحدث لحظة تاريخية فارقة في مسيرة الحفاظ على التراث الإنساني في المنطقة.
وخلال أكثر من ثلاثين عامًا من أعمال التنقيب الدقيقة، التي قادتها هيئة الشارقة للآثار بالتعاون مع فرق دولية، تم الكشف عن 18 طبقة جيولوجية متعاقبة في موقع الفاية، يُوثّق كل منها فترة زمنية مختلفة من النشاط البشري، ما يمنح الموقع قيمة علمية استثنائية في رسم مسار تطور الإنسان في البيئات القاحلة.
وباتت “الفاية” ثاني موقع في دولة الإمارات ينال هذا الاعتراف العالمي المرموق، بعد إدراج مواقع العين الثقافية في عام 2011.
ويؤكّد إدراج ملف الترشيح الدولي “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” على مكانة الشارقة والإمارات كمهدٍ للتاريخ البشري المبكر، ويعزّز من حضورها في سجلّ الحضارات الإنسانية العريقة.
ويُسجَّل لـ”الفاية” أنه الموقع الصحراوي الأول الذي يوثّق لحقبة العصر الحجري والمسجل في قائمة التراث العالمي، ما يجعل هذا الاعتراف علامة فارقة في فهم تطوّر الإنسان، إذ تشكّل الصحارى نحو 20% من المواطن البيئية على سطح الأرض، وتقع في مواقع محورية على خارطة استيطان الإنسان للكوكب، ويجسّد استقرار الإنسان فيها فصلًا حاسمًا من فصول التاريخ البشري.