خارطة طريق «جادة» لتفكيك شبكة الإخوان.. الركائز وأهدافها

في ظل تصاعد المخاطر المرتبطة بأيديولوجيا «الإخوان» المسلمين، لم يعد الاكتفاء بردود الأفعال الأمنية أو الخطابات التحذيرية، بل بات ضرورياً تبني استراتيجية شاملة تنزع الغطاء المالي والفكري عن التنظيم، وتفكك شبكاته المتغلغلة داخل المجتمعات.
فالإخوان لم يكونوا يوماً مجرد جماعة دعوية، بل مشروع سياسي عابر للحدود يستثمر في الفوضى، ويُخفي أجنداته خلف شعارات لا تصمد أمام اختبارات الأمن والهوية الوطنية.
خطر التنظيم، استدعى «استراتيجية شاملة وجادة»، لتجفيف منابع تمويله، بحسب الدكتور خليفة مبارك الظاهري مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، الذي قال إن الاستراتيجية تنطلق من فهم عميق لطبيعة التهديد: تنظيم عقائدي يحتكم إلى مبدأ «الولاء للتنظيم فوق الوطن»، ويستخدم الدين مطية لبناء نفوذ سياسي واقتصادي موازٍ للدولة.
جاء ذلك خلال كلمة الدكتور خليفة مبارك الظاهري مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في ندوة بحثية، تحت عنوان «العمل معا لوقف تمويل الإخوان المسلمين في أوروبا: التحديات والفرص» التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالتعاون مع مجلس الشيوخ الفرنسي في العاصمة الفرنسية باريس، بمشاركة نخبة من الخبراء والمسؤولين الأوروبيين والعرب، وذلك ضمن جهود الجامعة المستمرة في تعزيز القيم الدينية السمحة.
وأوضح الظاهري، أن المواجهة تتطلب إعادة تعريف الجماعة في الوعي العام، ورفع الغطاء المالي عنها، وإصلاح منظومات الخطاب الديني والتشريعات الرقابية، في إطار تكاملي يوازن بين صون الحريات الدينية، ومكافحة التطرف بكافة أشكاله، حمايةً للدولة والمجتمع والعيش المشترك.
محاور الاستراتيجية
وبحسب الظاهري، فإن تلك المواجهة تكون عبر عدد من المحاور تتمثل في:
- إعادة تعريف صورة الإخوان المسلمين على حقيقتها
- إعادة النظر في برامج تدريب الأئمة والخطباء
- تحديث سياسات الرقابة المالية
- رصد التحالفات مع شبكات الجريمة المنظمة
- تعزيز التنسيق الأوروبي والدولي
- إنشاء قاعدة بيانات موحدة للنشاط الاقتصادي
- تقييد التمويل الخارجي
- إعادة تنظيم تمويل المساجد والمراكز الثقافية
- مراقبة شركات صناعة «الحلال» والمؤسسات الاقتصادية
- تقييد أنشطة التمويل الإسلامي المشبوهة
وبحسب الظاهري، فإن تنفيذ هذه الاستراتيجية لا يعني محاربة التدين ولا انتقاص حقوق المسلمين في ممارسة شعائرهم بحرية، بل هو إجراء وقائي ضروري لحماية قيم الدولة والوطن والتعايش السلمي والنظام القانوني للدولة الوطنية.
تجربة الإمارات في مواجهة الإخوان
ونقل الظاهري للمشاركين في فعاليات الندوة تجربة دولة الإمارات في مواجهة تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، والتي اتسمت بالشمولية والحزم والوضوح في الموقف، مشيرا إلى أن دولة الإمارات صنفت جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا منذ عام 2014، انطلاقا من قناعة راسخة بان هذه الجماعة تمثل خطرا وجوديا على استقرار المجتمعات الوطنية وتماسكها.
الموقف الإماراتي استند إلى رؤية شمولية ترى في فكر الإخوان المسلمين الأيديولوجي الذي تغذت منه التنظيمات الأكثر تطرفا مثل القاعدة وداعش وسواهما من الجماعات التي اتخذت العنف سبيلا لتحقيق غايات سياسية متطرفة.
وأضاف: “على الصعيد الفكري تميز الخطاب الديني الإماراتي بأنه خطاب أصيل يستند على فهم الدين الإسلامي في مقاصده العليا وقيمه الرصينة، وهو خطاب متسامح يحتفي بتنوع البشر ويستوعب جميع أطيافهم ودياناتهم وأعراقهم.
وقال الظاهري إن جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، تؤدي دورا محوريا في إعداد أجيال جديدة من الدعاة والخطباء والأئمة، الذين يحملون قيم التعايش والمواطنة والانفتاح العقلي، وهم دعاة سلام يعتنقون معاني الرحمة والرأفة والسكينة، ويجمعون بين رسوخ الانتماء الوطني والوعي العميق برسالة الدين الأخلاقية والإنسانية.
الخطوة الأولى
واختتم مدير الجامعة كلمته بأن تجريد الإخوان من قدراتهم المالية هو الخطوة الأولى لتحرير الجاليات من ارتهان سياسي مزمن، وخطوة لحماية أمن أوروبا وتكريس قيم المواطنة والاندماج.
ودعا إلى تجاوز ردود الفعل الوقتية وتبني استراتيجية طويلة الأمد تتكامل فيها الإجراءات القانونية والتكنولوجية والثقافية، مؤكدا أن مسؤولية حماية مستقبل الأجيال القادمة أعظم من أن تترك للصدفة او التجارب المعزولة.
واختتم كلمته، بالتأكيد على أن هذه الخطوة تشكل جهداً مهماً في مواجهة التطرف والإرهاب وتعزيز الوعي المجتمعي.