سياسة

إخوان تونس واستخدام التعويضات: بين المكاسب السياسية والتحديات المستقبلية


عندما يشعر الإخوان في تونس بأن الأرض تميد تحت أقدامهم، يلجأون إلى تكتيكات يائسة للهروب من ورطة السقوط الشعبي والسياسي.

واحدة من أبرز هذه الأوراق التي تعاد إلى الواجهة كلما ضاقت بهم السبل، “التعويضات”، في محاولة يؤكد مراقبون أن الإخوان لجأوا إليها لإثارة الشارع، واستعطاف أنصار فقدوا الثقة، واستعادة نفوذ تآكل بفعل فساد ممنهج، ومحسوبيات، وتوظيف للدولة كغنيمة.

وفي أحدث دليل على ذلك، دعا بشير الخليفي، السجين السياسي السابق المنتمي لحركة النهضة، أنصار الأخيرة، إلى النزول إلى الشارع في 19 مايو/أيار الجاري، احتجاجًا على ما وصفه بــ”تجاهل حقوق المساجين السياسيين ومطلب التعويضات”.

دعوة الخليفي، تأتي لتعيد إلى الواجهة واحداً من أهم الملفات التي أغرقت البلاد في المديونية بسبب صرف تعويضات خيالية استنزفت الخزينة العامة.

تكتيك جديد

تعليقا على ذلك، قال الناشط والباحث السياسي، نبيل غواري، إن تحريك هذا الملف في هذا التوقيت “يعد ورقة سياسية تلعبها حركة النهضة في سياق التصعيد والضغط على السلطة في البلاد ودعوة أنصارها للنزول للشارع، خاصة بعد تراجع حاضنتها الشعبية”.

وأضاف أن حركة النهضة “تدرك جيدا أن ملف التعويضات المالية يثير حماس أنصار الحركة، للاحتجاج وللنزول للشارع وهو تكتيك جديد تستخدمه”.

وأفاد بأن حركة النهضة “تحاول استغلال هذا الوضع لإعادة فرض نفسها كفاعل ميداني من خلال إثارة ملفات خلافية مثل ملف صرف التعويضات”.

وتابع قائلا إن “حركة النهضة منذ وصولها للحكم عام 2011، مكنت أنصارها من تعويضات كبيرة”، مضيفا “أنه وفق تقرير سابق أصدرته منظمة الحوكمة والشفافية المالية بتونس، فإن حكومة النهضة حصلت على صك خارجي بقيمة 60 مليون دولار ليستفيد منه قتلى وجرحى الثورة، غير أنه بالتثبت في مصير المبلغ، اتضح أن الصك تم صرفه لتقديم تعويضات لفائدة سجناء سابقين للإخوان”.

وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها حركة النهضة، إذ كان رئيس مجلس شورى الحركة، عبد الكريم الهاروني (مسجون حاليا في قضية تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر)، طالب صراحة في وقت سابق، بتفعيل التعويضات، ما أثار موجة غضب شعبي، خصوصًا في خضم أزمة اقتصادية خانقة وتفشي جائحة كورونا.

نهب المال العام

من جهة أخرى، قال المحلل السياسي التونسي، الصحبي الصديق، إن “حركة النهضة لم تستوعب بعد حجم الرفض الشعبي الواسع لملف التعويضات، والذي يعتبره التونسيون نهبا وسرقة للمال العام في ظروف اقتصادية واجتماعية بالغة الصعوبة”.

وأكد أن “مساجين الإخوان تحصلوا على تعويضات وفقاً لقانون العفو التشريعي الذي صدر بعد 2011 وتحصلوا على مبالغ كبيرة”، موضحا أن “فتح هذا الملف في هذا التوقيت بالذات هو خطة جديدة للإخوان لإثارة غضب أنصارها للتظاهر والضغط على حكومة سارة الزعفراني”.

وأشار إلى أن حركة النهضة لم تمكن أعضاءها ممن كانوا مسجونين في قضايا إرهابية من تعويضات مالية فقط، بل وظفتهم في أماكن هامة داخل الدولة، إثر تزوير شهادات علمية، ما أدى إلى تراجع مستوى الخدمات.

ووفق مراقبين، فإن إثارة هذا الملف، قد يكون بمثابة انتحار سياسي للإخوان في الظروف الحالية، حيث يعاني التونسيون صعوبات اقتصادية جمة موروثة عن فترة حكم الجماعة. 

بعد 2011، استثمر الإخوان ، بمن فيهم من شارك في عملية إرهابية عام 2007، قانون “العفو التشريعي العام”، ومبدأَي العودة إلى العمل أو الانتداب المباشر في الوظيفة الحكومية، لتحقيق مكاسب مالية وإدارية.

ومنحت هذه التنظيمات منتسبيها تعويضات مالية كبيرة، ومكنت أسر الإخوان في المؤسسات العامة، عبر تعيين فردين أو ثلاثة أو أكثر، إلى حدّ 11 فرداً من عائلة واحدة موالية للجماعة، بدلاً من توزيع هذه الوظائف وفق آليات الكفاءة.

وفي تصريحات سابقة، أكد وزير الوظيفة العمومية الأسبق، عبيد البريكي، أن عدد الأشخاص الذين شملهم العفو التشريعي العام منذ 2011، بلغ نحو 7 آلاف شخص.

وأوضح أن قيمة التعويضات التي تمتّع بها الّذين شملهم العفو التشريعي العام بلغت نحو 143 مليون دينار (نحو 50 مليون دولار).

كما أشار إلى أن الانتدابات الجديدة بالوظيفة الحكومية بعد الثورة كان جلها لأعضاء أو أنصار حركة النهضة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى