إيران تزرع الانقسامات بين صناع القرار في إدارة ترامب

تثير طريقة تعاطي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الملف الإيراني بما يشمل البرنامج النووي انقساما داخل إدارته، فيما يرفض عدد من مستشاريه أي مفاوضات مع طهران بهدف تهدئة التوتر، مطالبين بالتصعيد وهو ما يرغب ترامب في تفاديه.
ولطالما لوح دونالد ترامب باستخدام القوة كوسيلة لتحقيق أهدافه في المفاوضات. لكن مع إيران، يرى بعض المراقبين أن الأمر ليس إستراتيجية بقدر ما هو رسائل متضاربة، في ظل جدل حقيقي حول طريقة تعامل الرئيس الأميركي مع عدو الولايات المتحدة منذ نصف قرن.
-
ترامب وإيران.. صفقة أم مواجهة جديدة حول النووي؟
-
ترامب وإيران.. 4 سيناريوهات محتملة أبرزها «الصدمة والرعب»
وفي غضون أيام، مدّ ترامب اليد إلى إيران وقصف في الوقت ذاته حلفاءها في اليمن. ومع مطالبة إدارته طهران بتفكيك برنامجها النووي، أبدت مرونة تجاهها أيضا.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، يكثف ترامب الضغوط على طهران بضرب المتمرّدين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران.
وهدد بتحميل إيران المسؤولية المباشرة عن الهجمات الجديدة التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل قبالة اليمن منذ بدء الحرب بين الدولة العبرية وحماس في قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 عقب تنفيذ حركة المقاومة الفلسطينية هجومها.
-
واشنطن تتهم وإيران تنفي اختراق حملة ترامب الانتخابية
-
ملفات ساخنة: نتنياهو يبحث مع ترامب توسيع السلام وأزمة غزة وإيران
وقال سينا توسي من مركز السياسة الدولية إن الضربات الأميركية في اليمن “تتوافق مع استراتيجيتها: زيادة التوتر، وإحداث شعور بكارثة وشيكة، ومن ثم محاولة فرض حل في سياق سياسة الضغوط القصوى على طهران”. وبموازاة ذلك، فرض ترامب العديد من العقوبات على إيران خصوصا على قطاع النفط.
لكن ترامب أعلن أيضا في السابع من مارس/آذار، أنه وجّه رسالة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي تقترح إجراء مفاوضات وتحذر من تحرّك عسكري محتمل في حال رفضت إيران.
بيد أن ثمة تضاربا في التصريحات في واشنطن، وهي علامة محتملة على وجود انقسامات داخل إدارة ترامب. وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن اسمه “يبدو أن هناك الكثير من التناقضات داخل إدارة ترامب بشأن إيران، وعاجلا أم آجلا، ستظهر إلى العلن”.
-
ترامب يمنح إيران مهلة شهرين للتفاوض على اتفاق نووي جديد
-
عودة ترامب: هل يغير مسار الأحداث في غزة ولبنان وإيران؟
ويقول المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إن هدف ترامب هو تجنب صراع عسكري من خلال إقامة علاقة ثقة مع إيران، مشددا على أن الرسالة ليست بمثابة تهديد، لكنّ آخرين، مثل مستشار الأمن القومي مايك والتز، يصرون على “التفكيك الكامل” لبرنامج إيران النووي.
وقال لمحطة “سي بي إس” الأحد “كل الخيارات مطروحة على الطاولة، وحان الوقت لكي تتخلى إيران تماما عن رغبتها في امتلاك سلاح نووي”.
وقال علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية “عموما، هناك الرئيس نفسه والسيد ويتكوف، لكن لا أظن أن في الإدارة أي شخص آخر يشاركهما هدف التوصل إلى اتفاق متبادل المنفعة” مع إيران.
-
مفاوضات «النووي»: إيران تدرس الخيارات بعد وصول رسالة ترامب
-
وزير الخارجية الإيراني: رسالة ترامب تحمل طابعًا تهديديًا
وتأتي اليد الممدودة إلى إيران في وقت تبدو طهران في وضع ضعف، بعدما منيت بانتكاسات عدة في المنطقة منذ هجوم حماس على إسرائيل، خصوصا في سوريا بعد سقوط بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول، وفي لبنان حيث أُضعف حزب الله كثيرا لا سيما بعدما قضت إسرائيل على الكثير من قادته وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصرالله.
وردا على واشنطن، أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الاثنين إلى أن “الطريق مفتوح لإجراء مفاوضات غير مباشرة”، رافضا احتمال إجراء محادثات مباشرة مع واشنطن “ما لم يتغير موقف الطرف الآخر تجاه الجمهورية الإسلامية”.
والجمعة، أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أن الأميركيين “لن يصلوا الى نتيجة أبدا” عبر تهديد إيران.
-
إيران ترد على رسالة ترامب بشأن “النووي”.. ماذا قالت طهران؟
-
تصعيد خطير.. أمريكا تستهدف اليمن وروسيا تدعو للتهدئة وإيران تتوعد
وخلال ولاية دونالد ترامب الأولى، انسحبت الولايات المتحدة أحاديا في العام 2018 من الاتفاق النووي المبرم في العام 2015، وأعادت فرض عقوبات على إيران. وينص الاتفاق على رفع عدد من العقوبات عن إيران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وبعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق، تراجعت إيران عن التزاماتها تدريجا. ومطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت طهران أنها بدأت تغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو “ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60 بالمئة”، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وببلوغها هذه العتبة من التخصيب تقترب طهران من نسبة 90 بالمئة اللازمة لصنع سلاح نووي. ويثير البرنامج النووي الإيراني مخاوف لدى الدول الغربية التي يتهم بعضها الجمهورية الإسلامية بالسعي الى تطوير سلاح ذري، وهو ما تنفيه على الدوام.
-
حماس تدرس فوائد التفاوض المباشر مع إدارة ترامب
-
التصعيد بين أمريكا وإيران.. هل تمتلك أوروبا مفتاح الحل؟
ومع عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في يناير/كانون الثاني، عاود ترامب اعتماد سياسة “الضغوط القصوى” عبر فرض عقوبات على إيران، في استكمال للنهج الذي اتبعه في ولايته الأولى.
وقال أليكس فاتانكا من معهد الشرق الأوسط “أظن أن الرئيس ترامب مصمم على التوصل إلى اتفاق مع إيران. لكن لا أظن أنه قرر بالضرورة الشكل الذي سيكون عليه هذا الاتفاق”.
وأضاف “إذا تصرفت إيران بذكاء، ستستغل هذه الفرصة وتقول: حسنا، هذا رئيس أميركي لا يبدو منخرطا بشكل كبير في هذه المسألة. هو فقط يريد أن يكون قادرا على القول إنه أبرم اتفاقا أفضل من ذاك الذي أبرمه الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2015″.