سياسة

2024: المغرب يرسخ انتصاراته الدبلوماسية ويعزز سيادته على الصحراء


عام آخر يقترب فيه المغرب نحو حسم نهائي للنزاع حول الصحراء المغربية، محققا فيه اختراقات جديدة زادت من عزلة الأطروحة الانفصالية.

آخر الانتصارات الدبلوماسية للمملكة المغربية، ذلك الاعتراف الفرنسي الصريح بالسيادة المغربية على كامل الأقاليم الجنوبية للبلاد. ودعم باريس للطرح المغربي لإنهاء هذا النزاع الذي دام لأعوام، والمتمثل في الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية المغربية.

انعطافة تاريخية

وفي الأعوام الأخيرة، شهد المغرب محطات متسارعة من الاعتراف الدولي بطرحه بشأن النزاع في المنطقة، لينضم إلى نادي تأييده دول اعترفت صراحة بمغربية الصحراء. وأخرى زادت من دعمها لهذا الطرح، بفتح تمثيليات دبلوماسية لها في الصحراء المغربية.

وحتى أغسطس/آب المُنصرم، بلغ عدد القنصليات بالصحراء المغربية إلى 29 قنصلية، كان آخرها القنصلية العامة لجمهورية تشاد بمدينة الداخلة بالصحراء المغربية.

وتتوزع القنصليات في الصحراء المغربية على مدينتي العيون والداخلة. إذ تضم الأولى 12 قنصلية فيما الثانية 17 قنصلية.

وكانت أول دول تفتح قنصلية لها بالصحراء المغربية هي جزر القمر سنة 2019. فيما كانت دولة الإمارات أول دولة خليجية تفتتح قنصلية في العيون، في عام 2020.

وبعد الولايات المتحدة الأمريكية التي اعترفت بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية للمملكة عام 2020، تُعتبر فرنسا ثاني دولة عضو دائم بمجلس الأمن. يدعم مغربية الصحراء، وسط تأكيد على أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الحل الأنجع لهذا النزاع.

ماذا يعني ذلك التأييد؟

يقول الخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحسيني، إن الاعتراف الفرنسي يُشكل «انعطافة» مهمة في مسار الملف، لكونها عضوا دائما في مجلس الأمن. وبالتالي لديها حق الفيتو على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، وباقي الدول دائمة العضوية.

وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن هذا الانعطاف يأتي أيضاً لما قد يحمله الاعتراف الفرنسي من حث وتشجيع لدول أوروبية أخرى بالاعتراف بمغربية الصحراء، للعلاقات الوطيدة التي تربطها بدول عدة، في العديد من التكتلات الدولية كالمجموعة الفرانكوفينية أو الاتحاد الأوروبي، وغيرهما. معلقاً: «هذا الاعتراف سيكون له ما بعده بكل تأكيد».

خطاب الحسم

بأسلوب مباشر ولهجة قوية، خصص العاهل المغربي الملك محمد السادس، خطابين متتاليين لموضوع الصحراء المغربية، الأول عند افتتاح أعمال البرلمان لهذا العام، والثاني في ذكرى المسيرة الخضراء.

أما الأول، فقد شدد فيه العاهل المغربي الملك محمد السادس على أن «الحق يعلو ولا يُعلى عليه، والقضايا العادلة تنتصر دائما»، في إشارة منه إلى الدعم الدولي المتزايد لمغربية الصحراء، والطرح المغربي لتدبير النزاع المفتعل في المنطقة.

كما شدد في ذات الخطاب على أن المملكة مرت «مُنذ اعتلائه العرش من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، وفي كل أبعاد هذا الملف»، أي ملف الصحراء المغربية.

تصريحات العاهل المغربي، اعتبرها المحلل السياسي حميد أبولاس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، تحولاً نوعياً ومفصلياً في مسار التدبير المغربي لهذا النزاع.

هذا التحول ينتقل، بحسب أبولاس، من مرحلة رد الفعل إلى مرحلة المبادرة، ومن الإدارة التقليدية للملف إلى استراتيجية للتغيير تشمل البعدين الداخلي والخارجي.

ولفت المحلل السياسي إلى أن الخطاب الملكي عكس رؤية واضحة حول «عدالة الموقف المغربي وأحقية المملكة التاريخية والقانونية في صحرائها»، إضافة إلى استعراضه «الإنجازات التي تحققت على مدى السنوات الماضية».

وبالنسبة للخطاب الملكي الثاني، الذي وجه فيه العاهل المغربي محمد السادس، بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء. رسائل قوية وواضحة إلى جهتين؛ الأولى: الأمم المتحدة مُطالباً إياها بـ«تحمل مسؤوليتها»، وأن «توضح الفرق الكبير بين العالم الحقيقي والشرعي. الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته».

وبالنسبة للجهة الثانية، والتي تضم بحسب تصريحات العاهل المغربي «من يستغل قضية الصحراء ليغطي على مشاكله الداخلية الكثيرة. ومن يريد الانحراف بالجوانب القانونية لخدمة أهداف سياسية ضيقة». فقد وجه إليهم الملك رسالة قائلا: «لهؤلاء أيضا نقول إن الشراكات والالتزامات القانونية للمغرب لن تكون أبدا على حساب وحدته الترابية وسيادته الوطنية».

وضع النقاط على الحروف

هذا الخطاب، بحسب عباس الوردي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، كان موجها إلى المجتمع الدولي. سواء الأمم المتحدة بضرورة تحمل مسؤوليتها في استمرار هذا النزاع، أو بعض الدول المعروفة بدعمها للأطروحة الانفصالية عوض الانكباب على حلحلة مشاكلها الداخلية. مشيرًا إلى أنه كان -كذلك- بمثابة «وضع النقاط على الحروف».

وأوضح الوردي أن هذا الخطاب، والدلالات الكبيرة للمناسبة التي جاء فيها. بعث من خلاله الملك أن المملكة لن تفرط ولو في شبر واحد من أراضيها، أو حتى مجرد التفكير في التفاوض على ذلك.

يد الخير أقوى

وعام 2015، أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس برنامجاً طموحاً لتحفيز التنمية المستدامة في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية. لازالت المنطقة تجني ثماره الاقتصادية والتنموية حتى اليوم.

ومن بين أبرز المشاريع الضخمة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، ميناء الداخلة الأطلسي الذي يُكلف حوالي 12.4 مليار درهم مغربي (1 دولار = 10 دراهم). والذي سيكون بمثابة مركز لوجيستي ضخم يربط أفريقياً بالقارة الأوروبية.

استثمار آخر، يُحسن من الربط الطرقي للأقاليم الجنوبية بباقي المناطق المغربية، وهو الطريق السريع: تيزنيت – الداخلة باستثمار يُناهز 9 ملايين درهم مغربي.

وتشهد المنطقة العديد من البرامج التي تهدف إلى دعم الفلاحة والصيد البحري والطاقات المتجددة. ناهيك عن تحسين الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والسكن.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى