سياسة

يوميات فلسطينيين من غزة داخل سجن إسرائيلي


لا يزال معسكر تحتجز فيه إسرائيل أسرى غزة ينضح بما فيه من صنوف “التعذيب”، فلا الليل ليل ولا النهار نهار.. الأعين معصوبة والنوم بالإذن.

فبعد أن كانت ثكنة غامضة، أصبحت قاعدة “سديه تيمان”، الآن موقع استجواب مؤقت وبؤرة رئيسية للاتهامات بأن الجيش الإسرائيلي أساء معاملة الفلسطينيين الذين اعتقلهم من قطاع غزة، منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، زارت المكان، وأجرت تحقيقا استمر ثلاثة أشهر، التقت خلاله معتقلين سابقين، وضباط عسكريين إسرائيليين، وأطباء وجنودا خدموا به.

في التحقيق ، تقول الصحيفة الأمريكية إن “سديه تيمان، امتلأت منذ اندلاع الحرب، بالمعتقلين معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي، المحتجزين دون تهمة أو تمثيل قانوني”.

“معزولون عن العالم الخارجي”

رجال يجلسون في صفوف، مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين، غير قادرين على رؤية الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يراقبونهم من الجانب الآخر من السياج الشبكي، وأحيانا ممنوعين من الوقوف أو النوم إلا عندما يُسمح لهم”.

هكذا هو وضع المحتجزين بداخل القاعدة الإسرائيلية ممن انعزلوا عن العالم الخارجي، ومنعوا لأسابيع من التواصل مع المحامين أو عائلاتهم. بحسب التحقيق الصحفي.

كان هذا هو المشهد بعد ظهر أحد الأيام في أواخر شهر مايو/أيار  الماضي، في حظيرة عسكرية داخل “سديه تيمان”، وهي قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل أصبحت مكانا لاحتجاز فلسطينيي غزة.

وقال الجيش الإسرائيلي إن معظم سكان غزة الذين تم اعتقالهم منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر تم إحضارهم إلى الموقع للاستجواب الأولي.

وسمح الجيش، الذي لم يسمح من قبل بالوصول إلى وسائل الإعلام، لصحيفة “نيويورك تايمز” بالاطلاع لفترة وجيزة على جزء من مركز الاحتجاز وكذلك إجراء مقابلات مع قادته ومسؤولين آخرين، بشرط الحفاظ على عدم الكشف عن هوياتهم.

وكشف البيانات المتعلقة بالمعتقلين المفرج عنهم التي قدمها الجيش. أن 1200 مدني فلسطيني محتجزون في “سديه تيمان” في ظروف مهينة دون القدرة على المرافعة في قضاياهم أمام القاضي لمدة تصل إلى 75 يوما”.

ويُمنع المعتقلون أيضا من الاتصال بمحامين لمدة تصل إلى 90 يوما. ويتم حجب مكان وجودهم عن جماعات حقوق الإنسان .وكذلك عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهو ما يقول بعض الخبراء القانونيين إنه “انتهاك للقانون الدولي”.

قاعدة «سديه تيمان»

معتقلون في “طي النسيان”

بحلول أواخر مايو/أيار، قضى ما يقرب من 4000 معتقل من غزة ما .يصل إلى ثلاثة أشهر في طي النسيان في القاعدة الإسرائيلية. بما في ذلك عشرات الأشخاص الذين تم أسرهم خلال هجوم حماس. وفقا لقادة الموقع الذين تحدثوا إلى الصحيفة الأمريكية.

ووفق قادة الموقع، فإنه بعد الاستجواب، تم إرسال حوالي 70 بالمائة من المعتقلين إلى سجون مخصصة لهذا الغرض لمزيد من التحقيق والملاحقة القضائية.

أما الباقون، “أي ما لا يقل عن 1200 شخص. فقد تبين أنهم مدنيون وعادوا إلى غزة دون تهمة أو اعتذار أو تعويض”.

من بين الأسرى الذين تحدثوا للصحيفة، كان محمد الكردي، 38 عاما، وهو سائق سيارة إسعاف. تم اعتقاله لمدة 32 يوما، لكنه يراها كأنها “32 عاما”.

يقول الكردي “لم يعرف زملائي (في المعتقل) ما إذا كنت حيا أم ميتا”.

وأضاف  “لقد سُجنت لمدة 32 يوما، بعد اعتقالي في نوفمبر/تشرين الثاني .بعد أن حاولت قافلة سيارات الإسعاف التي كنت أقودها المرور عبر نقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية جنوب مدينة غزة”.

وأضاف: “لقد شعرت وكأن تلك الأيام 32 عاما”.

وقال ثمانية معتقلين سابقين، أكد الجيش أنهم جميعا محتجزون في الموقع وتحدثوا بشكل رسمي. إنهم “تعرضوا للضرب والركل والضرب بالهراوات. وأعقاب البنادق وجهاز كشف المعادن المحمول أثناء احتجازهم”.

وروى أحدهم أن “ضلوعه كُسرت بعد أن تم الجلوس على صدره”.

وأسير آخر، كسرت أيضا ضلوعه بعد أن تم ركله وضربه ببندقية. وهو اعتداء قال محتجز ثالث إنه شهده.

فيما أبلغ سبعة آخرون أنهم أُجبروا على ارتداء الحفاضات فقط أثناء استجوابهم.

وثلاثة قالوا إنهم تعرضوا للصعق بالكهرباء أثناء استجوابهم.

روايات إسرائيلية

على الطرف الآخر، كشف جندي إسرائيلي خدم في الموقع أن زملاءه الجنود كانوا يتفاخرون بانتظام بضرب المعتقلين.

وقال الجندي الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لتجنب الملاحقة القضائية. إن أحد المعتقلين نُقل للعلاج في المستشفى الميداني المؤقت بالموقع بسبب كسر في عظامه أثناء احتجازه. بينما أُخرج آخر لفترة وجيزة بعيدا عن الأنظار وعاد مصابا بنزيف حول قفصه الصدري”.

ومن بين 4000 معتقل تم احتجازهم في القاعدة. منذ أكتوبر/تشرين الأول، توفي 35 إما في الموقع أو بعد نقلهم إلى مستشفيات مدنية قريبة، وفقا لضباط في المعتقل. تحدثوا إلى الصحيفة الأمريكية.

وخلال زيارة “نيويورك تايمز”، قال كبار الأطباء العسكريين إنهم لم يلاحظوا قط أية علامات تعذيب. وقال القادة إنهم حاولوا معاملة المحتجزين بأكبر قدر ممكن من الإنسانية. وأكدوا أنه تم فصل ما لا يقل عن 12 جنديًا من أدوارهم في الموقع، بعضهم بسبب الاستخدام المفرط للقوة.

وفي الأسابيع الأخيرة، اجتذبت القاعدة اهتماما متزايدا من وسائل الإعلام، بما في ذلك تحقيق لشبكة CNN الأمريكية استشهد به البيت الأبيض لاحقا، وكذلك من المحكمة العليا الإسرائيلية. التي بدأت يوم الأربعاء في الاستماع إلى التماس من جماعات حقوق الإنسان لإغلاق الموقع.

ورداً على الالتماس، قالت الحكومة الإسرائيلية إنها تعمل على تقليل عدد المعتقلين في سديه تيمان وتحسين الظروف هناك.

في حين أعلن الجيش الإسرائيلي تشكيل لجنة للتحقيق في معاملة المعتقلين في الموقع. نافيا وقوع “انتهاكات ممنهجة”

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى