واشنطن تعارض جهود تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق
طالبت واشنطن الثلاثاء دول العالم قاطبة إلى عدم تطبيع علاقاتها مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد “الديكتاتور الوحشي”.
وذلك في معرض تعليقها على اللقاء الذي جمع أخيرا في موسكو وزيري الدفاع السوري والتركي. وذلك بعد أن استشعرت الخطر من محاصرة حلفائها الأكراد وتهديد وجودها في الشمال السوري.
ويمثل التقارب التركي-السوري هاجسا للولايات المتحدة التي ترى في دخول طرفين مناوئين، وهما الروسي والتركي. مهددا لمصالحها في الشمال السوري فأبرز إحدى هذه المصالح هي النفط في الحسكة والرقة ودير الزور.
فهذه الصفقة، إن تمت، فستؤدى إلى وضع العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، الداعم الرئيسي للإدارة الذاتية الكردية، على المحك. وتضع كذلك معادلات النفوذ في الشمال السوري كله بين تركيا والولايات المتحدة أمام تحدٍ جديد.
في المقابل، فإن التوافق السوري-التركى برعاية روسية. سيساعد على تطويق أو إنهاء أو استهداف “قوات سوريا الديمقراطية” وهي رغبة مشتركة للأطراف الثلاثة.
حيث ستقضى تركيا على خصمها الأكبر ومهدد أمنها الأول. وستضمن دمشق فرض سيطرتها وسيادتها على مناطق الشمال التي منعت من دخولها على مدار 12 عاماً بما يعيد إليها ثروات نفطية وزراعية جمة هي في أشد الحاجة إليها نتيجة أزمتها الاقتصادية الطاحنة.
أما روسيا والتي لا يضيرها الأكراد فعليا، ولا يؤثرون على نفوذها الفعلي في سوريا فهدفها الرئيسي هو تصفية حليف الولايات المتحدة في سوريا. بما يقضى على سبب الوجود العسكري الأميركي من ناحية، ويعزز من هيمنة النظام السوري على مجمل أراضيه من ناحية ثانية.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين “نحن لا ندعم الدول التي تعزّز علاقاتها أو تعرب عن دعمها لإعادة الاعتبار لبشّار الأسد، الديكتاتور الوحشي”.
وأضاف “نحضّ الدول على أن تدرس بعناية سجلّ حقوق الإنسان المروّع لنظام الأسد على مدى السنوات الاثنتي عشرة الماضية، في الوقت الذي يواصل فيه ارتكاب فظائع ضدّ الشعب السوري ويمنع وصول مساعدات إنسانية منقذة للحياة” إلى محتاجيها في المناطق الخارجة عن سيطرة قواته.
والأربعاء الماضي عُقد في موسكو اجتماع ضمّ وزراء الدفاع الروسي سيرغي شويغو والتركي خلوصي أكار والسوري علي محمود عباس في إشارة واضحة إلى التطبيع بين أنقرة ودمشق بعد فتور العلاقات خلال الحرب السورية المستمرة منذ عقد من الزمن.
وذكرت وكالة الإعلام الروسية، نقلا عن وزارة الدفاع أنه خلال الاجتماع “بُحثَت سبل حل الأزمة السورية، ومشكلة اللاجئين، والجهود المشتركة لمحاربة الجماعات المتطرفة في سوريا”.
وهذا أول لقاء رسمي يعقد على مستوى وزاري بين تركيا وسوريا منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011 وما نجم عنها من توتر للعلاقات بين الجارتين.
وكان وزيرا خارجية البلدين قد أجريا محادثة مقتضبة غير رسمية على هامش قمة إقليمية عُقدت في عام 2021، كما سبق أن أقرت أنقرة بتواصل على مستوى أجهزة الاستخبارات.
وتُعتبر تركيا من أبرز داعمي المعارضة السورية منذ اندلع النزاع في جارتها الجنوبية.
وبعد أن دعا مرارا نظيره السوري بشار الأسد مرارا الى التنحّي عند اندلاع النزاع ووصفه بـ”القاتل”. لم يستبعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الآونة الأخيرة إمكانية الاجتماع بالأسد شخصياً.
وفي منتصف ديسمبر الماضي أعلن أردوغان أنّه يمكن أن يلتقي الأسد بعد اجتماعات بين البلدين على مستوى وزيري الدفاع ثم الخارجية.
وصرّح وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أنّه ينوي لقاء نظيره السوري فيصل المقداد في موسكو في النصف الثاني من الشهر الحالي.
وشهدت سوريا في مطلع 2011 تظاهرات ضدّ الحكومة سرعان ما تحوّلت إلى نزاع مسلّح وتّر بشكل كبير العلاقات بين دمشق وأنقرة.
ومع بدء النزاع عارضت تركيا بشدة نظام الأسد ودعمت فصائل سورية معارضة. واستقبلت نحو أربعة ملايين لاجئ سوري.
وتسبّب النزاع في سوريا بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدّى إلى تهجير ملايين السكّان داخل البلاد وخارجها.