واشنطن تضغط على الجزائر لوقف دعمها لجبهة البوليساريو

كشف معهد “كورديناداس” الإسباني، المتخصص في الحكامة والاقتصاد التطبيقي، أن واشنطن تضغط على الجزائر من أجل دفعها إلى قطع علاقاتها مع بوليساريو، لافتا إلى أن الإدارة الأميركية تشترط على الجانب الجزائري، بشكل لا لبس فيه، إنهاء دعمه للجبهة الانفصالية، لتدشين تقارب مع البلد الواقع في شمال أفريقيا.
ويشير هذا التطور إلى مساعي الولايات المتحدة لترسيخ دعمها للمملكة في قضية الصحراء المغربية وتحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، مما يضع الجزائر في موقف صعب ويتطلب منها إعادة تقييم استراتيجيتها في التعامل مع هذا الملف.
وبحسب المصدر نفسه فإن واشنطن تعرض على الجزائر فرصة وصفها بـ”التاريخية” تشمل استثمارات أميركية في قطاع الطاقة ومشاريع في مجال التنقيب عن النفط والغاز، شريطة الانخراط في تسوية سياسية للنزاع المفتعل حول الصحراء، محذّرا ضمنيا من تنامي العزلة الجزائرية في حال رفض هذ الاقتراح.
ورفضت الجزائر كافة الدعوات الأممية للانضمام إلى الموائد المستديرة للتفاوض بشأن تسوية الأزمة، رغم أنها طرف رئيسي في الصراع في ظل دعمها للطرح الانفصالي وتوفير الغطاء السياسي لقيادات بوليساريو.
وينظر إلى الجارة الشرقية للمغرب على أنها المسؤولة عن عرقلة جهود التسوية السلمية للقضية على مدى أربعة عقود بسبب تنصلها من مسؤوليتها عن دعم الجبهة الانفصالية، بينما نجحت الرباط في تعزيز موقفها الدولي وترسيخ مقترح الحكم الذاتي تحت سيادتها كحل وحيد لإنهاء النزاع.
وأشار التقرير الإسباني إلى أن المملكة تقترب أكثر من أي وقت مضى من حسم قضيتها، استنادا إلى “تغير المعادلات الدولية وتعزيز المغرب لموقعه الجيوسياسي والدبلوماسي بدعم مباشر من إدارة الرئيس دونالد ترامب التي شددت على تمسكها بالمبادرة المغربية لتسوية الأزمة”، وفق موقع “مدار 21”.
وتابع أن “واشنطن تضغط بقوة على الجزائر لدفعها نحو الانخراط الجاد في المسار السياسي من خلال إجراءات حازمة تشمل احتمال تقليص أو وقف تمويل بعثة الأمم المتحدة ‘المينورسو’ وتوجيه رسائل واضحة بشأن عدم جدوى الاستمرار في دعم جبهة البوليساريو، في وقت تتوالى فيه المؤشرات على اتجاه الولايات المتحدة إلى تصنيف بوليساريو منظمة إرهابية”.
وأوضح أن “المغرب يُنظر إليه من قبل الولايات المتحدة على أنه يشكل نموذجًا في الاستقرار والقدرة على لعب دور الوسيط بين الشمال والجنوب، بفضل استراتيجيته في التنمية، وانخراطه الفعّال في قضايا القارة”.
وتدفع الولايات المتحدة باتجاه إغلاق ملف الصحراء، وفق المقاربة المغربية، لقناعتها بأن شراكتها الإستراتيجية مع الرباط ومصالحها الأمنية والسياسية تقتضي التعجيل بطي صفحة النزاع حول الصحراء المغربية.
واعترفت الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه في نهاية الولاية الأولى لترامب ودعمت مقترح الحكم الذاتي المغربي كحل جاد وواقعي وذي مصداقية للنزاع، في موقف شكل نقطة تحول كبير.
وتواجه الجزائر عزلة متزايدة على الصعيد الإقليمي والدولي في ما يتعلق بهذه القضية، خاصة بعد أن غيرت العديد من الدول مواقفها لصالح المغرب، أو اتخذت مواقف أكثر حياداً.
وتراهن واشنطن على الدور البارز الذي يلعبه المغرب في بسط الاستقرار والأمن في منطقة تعتبر حيوية بالنسبة إليها، كما تولي أهمية بالغة لتعزيز التنسيق والتعاون مع شريك دولي موثوق يتمتع بموقع إستراتيجي، فضلا عن ترسيخ مكانته كبوابة لإفريقيا، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تعزيز نفوذها في القارة بهدف احتواء التوسع الصيني.
كما دعا المعهد الإسباني الاتحاد الأوروبي إلى “الخروج من موقف المتفرج والانخراط الفعّال في العملية الجارية تحسبًا لأي إعادة تشكيل محتملة للنفوذ الدولي في القارة”، لافتا إلى أن “أي تسوية مستقبلية للصحراء المغربية ستكون لها تداعيات استراتيجية على مجمل النظام الإقليمي والإفريقي”.
ولا ترتاح واشنطن لسياسة الجزائر الاقتصادية والعسكرية، خاصة تقاربها مع روسيا والصين، مما يدفع الإدارة الأميركية لممارسة ضغوط للحد من هذا التعاون.
ويمكن أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً اقتصادية على الجزائر، مثل تقييد وصولها إلى التكنولوجيات الأميركية الحساسة في قطاعات استراتيجية كالنفط والغاز، بالإضافة إلى الضغط في الاتصالات الدبلوماسية وتعديل العلاقات الثنائية.