هوس المؤامرة الجزائري حد الهستيريا من النجاحات المغربية الإماراتية
تقود وسائل إعلام جزائرية رسمية وأخرى مقربة من السلطة حملة تهجم على دولة الإمارات والمملكة المغربية في تنافس على تسويق أكاذيب وافتراءات ضمن ياق لم يخرج عن حالة الهوس بنظرية المؤامرة.
وقدمت قراءات لزيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس الأخيرة لابوظبي ولقاء القمة الذي جمعه برئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عكست في مضمونها وفي توقيتها قصرا في وجهة النظر الرسمية ومحاولة للتغطية على فشل الدبلوماسية الجزائرية في بناء علاقات خارجية على أسس سليمة.
وذهبت بعيدا في تفسير الزيارة بمحاولة تسويقها زورا على أنها مخطط لزعزعة استقرار وأمن الجزائر، مدعية أن دولة الإمارات قدمت مبلغا ماليا ضخما للمغرب لشراء هيئات تحرير في فرنسا وشراء ذمم إعلاميين لقيادة حملة تضر بعلاقات الدولة الجزائرية مع دول الساحل الافريقي.
ولم تتوقف عن استدعاء عداءات مجانية وتسويق افتراءات في قراءة لزيارة العاهل المغربي، مستحضرة نظرية المؤامرة في التفسير والتشخيص وهي النظرية التي دأب النظام الجزائري على تسويقها في تبرير الاخفاقات أو العجز عن مجاراة النجاحات الدبلوماسية التي تحققها المملكة.
ولمداراة العجز والإخفاق وحالة العزلة، لم تجد وسائل إعلام السلطة إلا التهجم والافتراء على كل من المغرب والإمارات واختلاق قصص وروايات بلا سند أو حجة تتهم فيها البلدين بالتآمر على أمنها واستقرارها.
ولا يوجد ما يبرر هذا التهجم سوى حالة هوس هيمنت على العقلية الجزائرية الرسمية في تفسير أي تقارب بين المغرب والإمارات أو بين الرباط ومدريد أو أي تقارب بين المملكة وعمقها الإفريقي يبدو من وجهة نظرها (السلطة الجزائرية) ضد مصالحها، فبنت عداوات بدلا من تعزيز الصداقات.
ويقول متابعون إنه كان أولى بالنظام الجزائري التركيز على تعزيز علاقاته الخارجية والتنمية الداخلية، بدلا من تركيزه على ما يحققه غيره من تنمية وتطوير، لكن في حالات العجز والاخفاق لابد من إيجاد مسوغات لتبرير ذلك باستهداف الغير وهي الحالة الماثلة في التفسير الجزائري للتقارب المغربي الإماراتي المغرق في نظرية المؤامرة.
وكانت الجزائر العضو في أوبك والدولة التي تتمتع بثروة نفطية وغازية هائلة وبمساحة جغرافية شاسعة، قد أخفقت في الانضمام لمجموعة بريكس وسقطت رهاناتها على الدعم الروسي والصيني لدعم عضويتها، بينما نجحت دولة الإمارات بصغر مساحتها وبثقل دبلوماسيتها وحكمة قيادتها وباستقرارها السياسي والأمني وبدبلوماسية مؤثرة إقليميا ودوليا في الانضمام للمجموعة وهو أمر كان متوقعا وفقا للمقاييس والشروط التي تعتمدها بريكس في قبول العضوية.
وأخفقت الدبلوماسية الجزائرية أيضا في تمتين الروابط مع افريقيا واستثمار ما يتوافر لديها من ثروة في تعزيز التنمية في العمق الافريقي كما فشلت أيضا في دعم جهود السلام والاستقرار في القارة السمراء.
وفي المقابل نجحت الدبلوماسية المغربية منذ إنهاء سياسة الكرسي الشاغر واستعادة المغرب لمقعده في الاتحاد الافريقي في بناء علاقات شراكة واسعة مع دول العمق الافريقي وتعزيز التنمية فيه وإعطاء دفعة لجهود الاستقرار وفض النزاعات.
كما اتجهت المملكة لفضاءات جغرافية بعيدة بينها الخليج العربي واسيا وجنوب القوقاز ضمن رؤية واثقة في بناء وتعزيز العلاقات مع دول تتمتع بقوة اقتصادية ونوعت شراكاتها واستفادت منها على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وتثير هذه التطورات غضبا لدى السلطة الجزائرية وانعكست على سياساتها في التعاطي مع أي تقارب بين المغرب ودول أخرى، وهو ما يفسر في جانب كبير منه الموقف العدائي المجاني لدولة الإمارات وللصداقة والعلاقات الإستراتيجية مع المملكة المغربية.
وتقف الجزائر على نقيض ما يحققه المغرب والإمارات من نجاحات، فيما تعاني من استشراء الفساد وهيمنة نخبة سياسية وعسكرية على مناحي الحياة في بلد يمتلك ثروات هائلة لا يظهر لها أثرا على حياة شعبها.
ويعزى التهجم الذي قادته وسائل الإعلام المقربة من النظام الجزائري كذلك إلى رؤى ضيقة لدى النخبة الحاكمة التي تنظر إلى الدول الصديقة للمملكة على أنها عدو لها.
وهذه الرؤية القاصرة ليست استثناء في تفسير السلطة الجزائرية للتقارب المغربي الإماراتي، فقد سبق أن نددت واستنكرت بمواقف الدول العربية والغربية التي اعترفت بمغربية الصحراء وبمقترح الحكم الذاتي حلا وحيدا لإنهاء النزاع المفتعل في الصحراء.
وعلى هذا الأساس تبني مقاربة خاطئة للعلاقات الخارجية وتحاول أن تبرر فشلها بالغرق في نظرية المؤامرة.
ولم تكن الحملة التي قادتها وسائل الإعلام الرسمية أو المقربة من النظام الجزائري، ضد المغرب ودولة الإمارات مستغربة في توقيتها ومضمونها وهي الحملة التي أعقبت لقاء القمة في أبوظبي بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وهو اللقاء الذي جدد فيه البلدان التأكيد على العلاقات الوثيقة والإستراتيجية بين البلدين والبناء عليها كشراكة مبتكرة لخدمة مصالح البلدين وشعبيهما.
وسائل إعلام مغربية رأت من جهتها أن تلك الحملة الجزائرية ليست سوى تعبيرا عن حقد دفين وأن نظيرتها الجزائرية بما فيها الإعلام الحكومي انخرطت في سباق وتنافس على إنتاج مقالات تسيء لدولة الإمارات فقط بسبب التقارب مع المملكة.
وزعمت وسائل الإعلام الجزائرية أن زيارة العاهل المغربي للإمارات “لا تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بل إلى تمويل وإطلاق حملة إعلامية عبر الصحافة الفرنسية وشبكات التواصل الاجتماعي من أجل المس بالعلاقات التاريخية مع دول الساحل وزعزعة استقرار المنطقة”.
ويبدو هذا التفسير قاصرا ويعبر عن رؤية ضيقة ومحدودة للعلاقات الدولية ومغرقا في الافتراء والمغالطات تزعم فيها وسائل الإعلام الجزائرية أن أبوظبي دفعت للرباط 15 مليار أورو لشراء هيئات تحرير في فرنسا وشراء ذمم صحفيين فرنسيين وأفارقة لتحرير مقالات “من أجل زعزعة استقرار الجزائر”. كما أقحمت إسرائيل في المؤامرة المزعومة.
وبحسب الرواية التي تسوق لها وسائل الإعلام الجزائرية والتي يصفها محللون بأنها سخيفة وتعبر عن سذاجة مروجها، فإن “الحملة (المزعومة) ضد الجزائر التي تقودها الإمارات والمغرب وإسرائيل، تسعى إلى جعل سلطات مالي والنيجر تعتقد أن بلديهما مستهدفان من قبل الإرهابيين المدعومين من الجزائر”.
وهذه الرواية المغرقة في الأكاذيب لا تستند إلى أي دليل وتعكس حالة هوس بوجود مؤامرة للتشويش على علاقات الجزائر ودول الساحل الإفريقي، بينما تشير الحقائق إلى أن قادة الجماعات الإرهابية التي تتحدث عنها وسائل الإعلام الجزائرية في المنطقة هم من أصل جزائري أو صحراويون ممن تلقوا تدريبات في مخيمات تندوف.
وهذه الحقائق لا تغيب عن قادة في دول الساحل الإفريقي الذين يدركون أن الإرهاب الذي انتشر في المنطقة هو بقيادة جزائريين أو صحراويين من مخيم تنوف وألمحوا ضمنا من خلال رفض وساطة جزائرية إلى دور رسمي في تأجيج الفوضى والإرهاب.
وكان المجلس العسكري في النيجر قد رفض وساطة الجزائر لحل الأزمة في نيامي بعد أن أعلنت الخارجية الجزائرية قبولها، في ما بدا أنه رسالة غير مباشرة بأنها غير جديرة بالثقة باعتبارها طرفا في الأزمات.
وذهبت وسائل إعلام جزائرية بعيدا وهي تسرد مؤامرة لا وجود لها، متحدثة أيضا عن دور للسلطة في شرق ليبيا في المخطط المزعوم الذي ادعت أنه من تدبير المغرب والإمارات وإسرائيل.