هل يقضي الإنسان على نفسه بعد إطلاق نظام ChatGPT؟
في ديسمبر الماضي، أعلنت شركة “openAI” لأبحاث الذكاء الاصطناعي عن نظام “ChatGPT”.
يعتبر هذا النظام نموذجًا أوليًا للدردشة الآلية، المعتمد على الحوار بالذكاء الاصطناعي. بحيث يكون قادرًا على الفهم والاستجابة باللغة الطبيعية.
فور الإعلان عن هذا النظام، سارع إليه في أقل من أسبوع ما يزيد على مليون مستخدم خاصةً مع قدرة هذه التقنية على اقتراح حلول لأكثر المشكلات تعقيدًا.
يعتمد النظام نموذج لغة يُعرف بـ”GPT-3.5″، الذي يستخدم التعلم العميق لإنتاج نص مشابه لكلام الإنسان. حتى تميز الروبوت بقدرة على إنشاء نص مفصل وابتكار قصائد شعرية، إلى جانب تمتعه بذاكرة قوية بحيث يسلط الضوء على محادثات سابقة خلال دخوله في نقاشات جديدة مع المستخدم.
أثار هذا النظام مخاوف عدة جهات، منها على سبيل المثال لا الحصر 8 جامعات أسترالية، بعدما أعلنت إدراج “ChatGPT” كإحدى أدوات الغش، لقدرته الكبيرة على كتابة نص احترافي.
مع الإقبال الواسع على هذا النظام، قد يشهد العالم تغييرًا جذريًا في أسلوب المعيشة بموجب هذا التطور، في المقابل، بالإمكان أن تظهر جوانب سلبية.
تغيرات في نمط الحياة
كشف المهندس محمد الحارثي، استشاري تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي في مصر. أن هذا النظام يُعد نقلة نوعية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مشددًا على أن الاعتماد عليه سيكون مختلفًا وتطوره سيكون متسارعًا.
أضاف أن جوجل سيطور خدماته مستقبلًا، خاصة أن النظام الجديد يمنح المستخدم موضوعًا معينًا من خلال بحثه عن كم متراكم من البيانات، ويكوّن معلومة كاملة ورأيًا يتوافق مع احتياجات المستخدم.
ونوه بأن ما حدث بشأن “ChatGPT” كان متوقعًا قبل سنوات، لحجم الاستثمارات الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي.
اختفاء وظائف قديمة وظهور أخرى جديدة
أشار “الحارثي” إلى أن هذا التطور سينتج عنه اختفاء عدد من الوظائف، في مقابل ظهور وظائف جديدة يحتاجها السوق: “سيكون الأهم التخصص في تطوير البرمجيات للأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، التي ستحسن من قدرته على تصميم التطبيق وشاشاته وبناء الأكواد والبرمجيات الخاصة باحتياجات المستخدم وتحسينها وتطوير دقتها”.
ما سبق، أكد عليه المهندس مالك صابر، الخبير التكنولوجي، موضحًا أن تطور التكنولوجيا سيلغي بعض الوظائف الموجودة، فالتوسع التكنولوجي سيكون أكثر من التدخل البشري، بما يلغي وظائف قديمة، مقابل ظهور أخرى جديدة.
هل تقضي الآلة على البشر؟
استبعد “الحارثي” افتراض قضاء الذكاء الاصطناعي على البشر، شارحًا: “العقل البشري أقوى في بناء منظومات كبيرة، صحيح أنه غير قادر على عمل معالجات واستنباطات ونتائج في الثانية الواحدة، لكن الذكاء الاصطناعي يفعلها”.
أردف: “العقل البشري هو الذي يقدر على بناء منظومة وأنظمة، وهنا يأتي دور الأمن السيبراني، وسيظل هو التخصص الأهم بموجب مواكبته لعمليتي البناء والحماية”.
فيما شدد “صابر” على أن تطور الذكاء الاصطناعي لا يعني الاستغناء عن العامل البشري: “البشر يعملون على تشغيل الآلة، حتى لو قلت تدخلات الإنسان. في النهاية سيستفيد المستخدمون من هذا النظام خلال تيسير أعمالهم وإنجاز مهامهم في أسرع وقت”.
جانب نفسي
وصل عدد مستخدمي هذا النظام، بنهاية يناير، إلى 100 مليون شخص، وهو ما فتح بابًا للتساؤل بشأن سر توجه كثيرين لاستعمال “ChatGPT”، وما إذا كان لهذا الإقبال الضخم عوامل ودوافع، انتهت بهذا الكم إلى التحدث أمام الشاشة.
تحليلًا لهذه النقطة، قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الذين يتصفحون هذه المنصات لأوقات طويلة هم في الأغلب شخصيات انطوائية.
أضاف “فرويز” أن الشخص الانطوائي دائمًا ما يبحث عن علاقات ما وراء الستار، فهو لا يستطيع إقامة علاقة مباشرة مع إنسان ويميل لعلاقات افتراضية، وحينما يجد إجابات خلال الحديث مع الآلة يكون هذا خيارًا أفضل له.
يعتبر “فرويز” أن هذه الخطوة تعزز هروبا الشخصيات الانطوائية من الواقعية إلى العالم الافتراضية، متوقعًا: “القادم أسوأ. العالم يتحول إلى أن تكون الافتراضية هي المسيطرة، وهذا كله سيزول بضغطة زر”.